في يومه العالمي.. «التعليم» عن بُعد طوق النجاة في زمن الجائحة

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

أكثر من مليار ونصف طالب وطالبة من جميع الأعمار تأثرت طريقة التعليم في مدارسهم حول العالم بسبب الجائحة التي جعلت التعليم عن بعد خيارا لا مفرّ منه، وعلى الرغم من ذلك هناك عوامل كثيرة حرمت الكثير من الأطفال من حق التعليم مثل الفقر والحروب وحالات العنف والتهجير القسري وحتى تغيّر المناخ وغير ذلك من أسباب، فكان الحل البديل سوى الانتقال إلى التعليم عن بعد كمحاولة لإنقاذ العام الدراسي .

تحت شعار «استعادة وتنشيط التعليم لجيل كوفيد-19» تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي، حيث تحل مناسبة الاحتفال باليوم العالمي للتعليم ٢٠٢١ في أعقاب جائحة كورونا، التي تسببت في اضطراب العملية التعليمية بجميع أنحاء العالم على نطاق واسع وبشدة غير مسبوقة.

التعلم.. الابتكارات.. التمويل

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ٣ ديسمبر ٢٠١٨، يوم ٢٤ يناير من كل عام، ليكون يومًا دوليًا للتعليم في إطار الاحتفال بالتعليم من أجل السلام والتنمية ، ونصت المادة ٢٦ من الإعلان العالمي ده شكل لحقوق الإنسان، على أن التعليم حق وتدعو إلى التعليم الابتدائي المجاني والإلزامي، وبالتالي أعاد المجتمع الدولي التأكيد على أن التعليم أساسيًا في بناء مجتمعات مستدامة ومرنة.

ويأتي الاحتفال العالمي بهذا اليوم في ثلاثة أقسام: “التعلّم، الابتكارات، والتمويل”، وسيُنظّم الاحتفال بالشراكة مع مكتب اليونسكو في نيويورك ومقر الأمم المتحدة والشراكة العالمية من أجل التعليم ومركز البحوث المتعددة التخصصات، وسيشارك فيه شركاء من التحالف العالمي للتعليم.

ويستلهم مركز البحوث المتعددة التخصصات واليونسكو، من روح اليوم العالمي للتعليم، لقيادة مهرجان الكوكب المتعلّم للاحتفال بالتعلّم في جميع الظروف، ومشاركة الابتكارات التي تساعد كل دارس على إطلاق طاقاته الكامنة بغض النظر عن ظروفه. وسيعلن المركز أسماء الفائزين بمسابقة كتابة مقال عن رواية “الأمير الصغير” (Le Petit Prince).

ويلعب التعليم دورًا مهمًا في القضاء على الفقر، والأشخاص المتعلمون يمكنهم الحصول على ظروف معيشية أفضل، فهناك ٦١٧ مليون طفل ومراهق لا يستطيعون القراءة والكتابة والقيام بالعمليات الحسابية الأساسية، كما يتواجد نحو ٢٦٥ مليون طفل ومراهق على مستوى العالم لا تتاح لهم فرصة الدراسة أو حتى استكمالها، كما أن يوجد أقل من ٤٠ ٪ من الفتيات في أفريقيا جنوب الصحراء استطعن إكمال التعليم الثانوي، بينما يبلغ عدد الأطفال واللاجئين غير الملتحقين بالمدارس نحو ٤ ملايين نسمة، وهو ما يعني انتهاك حق التعليم لهؤلاء وهو أمر مرفوض تسعى الأمم المتحدة جاهدة لتجنبه. وبدون ضمان للتعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم، لن تنجح البلدان في تحقيق المساواة بين الجنسين وكسر دائرة الفقر التي من شأنها تخلّف ملايين الأطفال والشباب والكبار عن الركْب.

الصمود في وجه الجائحة

ما هو التعليم عن بعد وشروط نجاحه ؟jpg

أشاد أنطونيو جوتيريش أمين عام الأمم المتحدة، بقدرة الطلاب والمعلمين والأسر على الصمود في وجه جائحة كورونا، التي أجبرت في ذروتها، كل المدارس والمعاهد والجامعات تقريبا على إغلاق أبوابها.

وأشار إلى أن  الابتكارات العلمية التي نجمت عن تعطيل التعليم، مؤكدا إن هذا الوضع بدد أيضا الآمال في مستقبل أكثر إشراقاً للفئات السكانية الضعيفة. وأكد أن الجميع يدفع الثمن.

وقال الأمين العام: إن التعليم هو الأساس لتوسيع الفرص، وتحويل الاقتصادات، ومكافحة التعصب، وحماية كوكبنا، وتحقيق أهـداف التنمية المستدامة.

وفيما يستمر العالم في مكافحة جائحة كوفيد-19، شدد الأمين العام على ضرورة حماية التعليم باعتباره حقاً أساسياً ومنفعة عامة عالمية، لتجنب وقوع كارثة تمس جيلا كاملا.

وأضاف جوتيريش ” حتى قبل الجائحة، كان نحو 258 مليون طفل وشاب وفتاة ، خارج المدارس، ولم يكن أكثر من نصف من هم في سن العاشرة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل يتعلمون قراءة نص بسيط.

ودعا الأمين العام إلى اغتنام جميع الفرص في عام 2021، لتغيير هذا الوضع. وشدد على ضرورة التجديد الكامل لموارد صندوق الشراكة العالمية من أجل التعليم، وتعزيز التعاون العالمي في مجال التعليم.

وأكد جوتيريش ضرورة تعزيز الجهود لإعادة تصور التعليم، وتدريب المعلمين، وسد الفجوة الرقمية، وإعادة التفكير في المناهج الدراسية لتزويد المتعلمين بالمهارات والمعارف التي تؤهلهم للنجاح في عالمنا المتغير بسرعة.

التجربة الدنماركية

من التجارب الجديرة بالتأمل التجربة الدنماركية ففي مايو الماضي قررت الحكومة في الدنمارك فتح المدارس الابتدائية أمام التلاميذ، ووضعت نظاماً جديداً للدوام الدراسي، يقوم على قواعد رئيسة، أبرزها:

تقسيم التلاميذ إلى مجموعات صغيرة، على ألا يحتكُّوا بغيرهم قدر المُستطاع.

يقضي التلاميذ وقتهم في المدرسة، في ما يُشبه الشرانق الافتراضية أو الطوق، من دون أن يكونوا عرضة للآخرين.

تصل المجموعات الصغيرة من التلاميذ إلى مدارسها في أوقات مُختلفة من الصباح. ويتناول التلاميذ الغداء مُنفصلين، ولا يُفارقون المناطق المُحددة لمجموعتهم. وتتلقَّى كل مجموعة دروسها على يد مُعلِّمة واحدة

وإذا كانت التجربة الدنمركية بدأت بإعادة فتح المدارس أمام تلاميذ المرحلة الابتدائية دون غيرهم، فإن التجربة الألمانية، التي انطلقت في وقت قريب من التجربة الدانمركية، بدأت بعودة الطلاب الكبار. وقد طُبِّقت فيها قواعد التباعد الاجتماعي بشكل أكثر صرامة، مع التشديد على لبس قناع الوجه.

وفي التجربة الألمانية، فُتِحَت في بادئ الأمر قاعات الامتحانات، لتكون أماكن تطبيق التباعد الاجتماعي، ثم بعد ذلك فُتحت الفصول، مع الأخذ بالاحتياطات اللازمة. وقد جُعِلت الممرات في المدارس بنظام الاتجاه الواحد، للحد من الاحتكاك بين الطلاب. ويتوزَّع وقت الراحة، بطريقة التناوب، بين المجموعات الطلابية. ويتسم اليوم الدراسي بالقِصر. كما أن الدروس فيه خليط من الدروس في الفصول التقليدية، وعبر الإنترنت، وكُل مجموعة دراسية تتألف من 10 طلاب، ولا يُسمَح بأكثر من ذلك.

تطبيقات بديلة

تشير منظمة “اليونسكو” إلى أن ثروة الموارد التعليمية الرقمية قدمت طلبات جديدة على أنظمة ومؤسسات التعليم العالي، التي تشمل تطوير مناهج ابتكارية وبرامج دراسية ومسارات تعليمية بديلة وطرق التعليم العالي، وكل ذلك يمكن تيسيره عبر الإنترنت والتعليم عن بُعد والدورات القصيرة القائمة على المهارات.

ووضعت المنظمة مجموعة من البرامج التي تساعد على التعلم عن بعد، ومنها تطبيق “بلاك بورد” (Black Board)، وهو تطبيق يعتمد على تصميم المقررات والمهمات والواجبات والاختبارات وتصحيحها إليكترونيًّا، والتواصل مع الطلاب من خلال بيئة افتراضية وتطبيقات يتم تحميلها عن طريق الهواتف الذكية.

وكذلك منصة “إدمودو” (Edmodo)، وهي منصة اجتماعية مجانية توفر للمعلمين والطلاب بيئةً آمنةً للاتصال والتعاون، وتبادل المحتوى التعليمي وتطبيقاته الرقمية، إضافة إلى الواجبات المنزلية والدرجات والمناقشات. وتطبيق “إدراك”، المعني بتعليم اللغة العربية عبر الإنترنت، وتطبيق “جوجل كلاسروم” (Google Classroom)، الذي يسهِّل التواصل بين المعلمين والطلاب سواء داخل المدرسة أو خارجها، وقد لجأت بعض الكليات المصرية –ومنها كلية الصيدلة بجامعة القاهرة- إلى توفير الاشتراك به (مجانًا) لكل طلابها كوسيلة للتعلم عن بعد، وتطبيق “سي سو” (seesaw)، وهو تطبيق رقمي يساعد الطلاب على توثيق ما يتعلمونه في المدرسة وتقاسمه مع المعلمين وأولياء الأمور وزملاء الدراسة، وحتى في العالم، وتطبيق Mindspark، الذي يعتمد على نظام تعليمي تكيُّفي عبر الإنترنت، يساعد الطلاب على ممارسة الرياضيات وتعلمها.

ربما يعجبك أيضا