ما يحدث في هولندا.. مظاهرات غاضبة أم تحريض ولعبة انتخابية!

سحر رمزي

رؤية – سحر رمزي

أمستردام – ما زالت هولندا تعيش أيامها الأصعب،  على مدار الأيام الماضية شهدت المدن الهولندية مزيدا من التخريب والشغب، وحتى اليوم هناك أيضا نداءات من شباب يحرضون على  التظاهر غير السلمي ومزيد من العنف من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.

 بلد الزهور والجمال تتحول إلى ساحة حرب أهلية على حد قول بعض من المسؤولين السياسيين لوسائل  الإعلام الهولندية ، التخريب والعنف والسرقة وحرق الممتلكات، يتزامن مع تبادل الاتهامات بين الأحزاب السياسية داخل البرلمان الهولندي.

 من جانبها الحكومة غاضبة وتصف ما يحدث بأنه عمل إجرامي لا علاقة له بالتظاهرات السلمية ويستوجب عقابا شديدا، وفي المقابل نجد الشعب الهولندي يطالب بتصعيد المواجهة مثل “تشديد العقوبات وتصعيد أمني ومنع التظاهر والسبب إجراءات كورونا الملزمة للجميع”، ولكن الموقف صعب لأن الدستور الهولندي يمنح حق التظاهر، وحتى يحدث منع ذلك لابد من  أسباب قوية  تستند عليها رؤساء البلديات التي تشهد ساحاتها أعمال شغب وعنف ودمار ونهب ممتلكات وحتى الصيدليات وأماكن الاختبارات لفيروس كورونا المستجد كوفيد -19 والمستشفيات لم تسلم من ذلك.

 أصحاب المحلات خرجوا اليوم يبكون من لحظات الرعب من تخريب واستهداف محلاتهم بشكل وحشي غير مسبوق وعلى حد قول الشرطة الهولندية أحداث لم تشهدها البلاد منذ أكثر من أربعين عاما.

اليساري الأخضر: اليميني فيلدرز حرض على العنف مثلما فعل ترامب في أحداث الكونجرس

 البرلمان الهولندي يشهد نوعا آخر من الحروب وتبادل الاتهامات، حزب الحرية بقيادة خيرت فيلدرز وحزب منتدى الديمقراطية  بقيادة تيري باوديت، يتهمها حزب اليسار الأخضر بقيادة جيسي كلافر وحزب الاتحاد المسيحي بقيادة خيرت يان سيغرز، بأنها يحرضان على العنف والدليل على ذلك وصف منتدى الديمقراطية حظر التجول “بأنه الإقامة الجبرية” وفي اليوم الثاني كتب على تويتر منتدى الديمقراطية سيواصل المقاومة وهو ما تسبب في إثارة الغضب من البرلمان وأيضا أشعل العنف في التظاهرات، وكذلك عضو حزب فيلدرز الذي أكد أنه سيفعل أي شيء لوقف حظر التجول، كلافر وصف تصرفات اليميني المتطرف بأنها مثل تصرفات ترامب المستفزة التي حرضت على اقتحام الكونجرس الأمريكي.

وأكد رئيس حزب اليسار الأخضر أنه  ضد تصرفات الحكومة المنتهية ولايتها، وضد سياستها وخاصة في ملف رعاية الأطفال، ولكن الوقت الذي تمر به البلاد حرج ويجب أن نقف جميعا معا، لحماية هولندا من مضاعفات كورونا وما ينتج عن ذلك، من مزيد من الاصابات.

سياسيون أنها لعبة من أجل كسب مزيد من الأصوات الانتخابية

يرى البعض من السياسيين أنها لعبة انتخابية يستخدم فيها اليميني المتطرف كل أسلحته لكسب مزيد من الأصوات الهولندية على حساب البلاد التي يجرها لحرب أهلية، ولكنه استنكر ذلك بقوله إن الوقت صعب ويجب أن تبتعد الأحزاب السياسية عن التحريض من أجل كسب مزيد من الأصوات وعليهم التفكير فقط في كيفية الحفاظ على البلاد  وممتلكات الدولة والغير  والاستقرار الأمني للبلاد ولا بديل عن ذلك.

عمدة أيندهوفن يصفها بأنها “حرب أهلية”

من جانبه أعرب عمدة أيندهوفن، جون يوري تسما، عن غضبه وسخطه هذا الصباح. وقال لراديو إن أو إس “أن يحدث ذلك في مدينتي وفي هولندا شيء محزن! هؤلاء الناس طائشون تماماً ولا يهتمون بشيء أبداً”. وبحسب يوريتس ما، فإن الأضرار التي لحقت بالمدينة “غير مسبوقة وهائلة”.

يوري تسما: “هذه لم تكن مظاهرة. هذا عنف مفرط”. يعتقد العمدة أن مثيري الشغب لم يأتوا فقط من أيندهوفن. “أتى المشاغبون من جميع أنحاء البلاد، واجتمعوا عبر دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي

استخدم العمدة أمس كلمة حرب أهلية. وقال “لقد رأيت كيف تم تقليد أعمال الشغب في أيندهوفن وفي بلديات أخرى. لأنه إذا أشعلت النار في البلاد بهذه الطريقة، تبدو وكأنها حرب أهلية.

دعم الشرطة

من جانبه أكد قائد شرطة ليمبورغ بالإنابة خود ثياب أنه يقدر كل الدعم الذي حصلت عليه الشرطة من المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما تم إطلاق العديد من الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي للمساهمة في تنظيف الفوضى التي تسبب بها مثيرو الشغب.

رد  مارك روته

أدان رئيس الوزراء أدان العنف والاضطرابات نهاية الأسبوع الفائت. وقال روته: “هذا غير مقبول. ما الذي يفكر فيه هؤلاء الناس؟” وأضاف روته أن ما شاهده هو “عنف إجرامي”، في المقابل أكد أن 99 في المائة من الهولنديين يلتزمون بحظر التجول

ردود أفعال  سياسية رافضة

أبدى عدد كبير من رؤساء البلديات وأعضاء البرلمان الهولندي غضبا كبيرا إزاء أعمال الشغب والنهب التي حصلت في مساء أمس بمدن مختلفة في هولندا. إذ اندلعت اضطرابات كبيرة في كل من مدينة دن بوش، روتردام، أمستردام، لاهاي، هارلم، خيلين، ألميلو وزولا. كما اعتقلت الشرطة عدد كبير من المشاركين في أعمال الشغب. وتأتي هذه الأعمال على خلفية فرض الحكومة، لليوم الثالث على التوالي، حظر تجول ليلي في هولندا.

ومن جانبه، وصف عمدة روتردام أبو طالب، المشاركين ب”اللصوص و الوقحون”. هذا وقد تعرضت الشرطة في جنوب مدينة روتردام، لهجوم عنيف من قبل المحتجين، فضلا عن نهبهم المتاجر الهولندية. وقال عمدة المدينة أبوطالب: ” اضطررنا لاستخدام الغاز المسيل للدموع لتهديد المشاركين في أعمال الشغب”، مضيفا، “أجد ذلك محزنًا، لأنني لم أضطر أبدًا إلى القيام بذلك طوال حياتي المهنية كعمدة للمدينة

كما أعلن زميله، عمدة مدينة دن بوش، جاك ميكرز، عن رغبته بإجراء تحقيق حول أسباب تأخر قوات مكافحة الشغب. وبحسب قوله، فقد استغرق وصول قوات مكافحة الشغب إلى مدينته وقتًا طويلاً بسبب انتشار هم في مدن أخرى. وفي تصريح لإذاعة برابانت قال العمدة، “تم استدعاء قوة مكافحة الشغب لمواجهة هذه الأعمال ، ولكن وصولهم إلى مواقع مثيري الشغب قد استغرق وقتًا طويلاً مما سمح لهم بفعل ما يريدون”. وأكد جاك بأن مثيري الشغب تركوا أثراً لا يمكن تصوره من الدمار.

ووصف رئيس بلدية هارلم، يوس وينين، أعمال الشغب والتخريب بأنها غير مقبولة، مضيفا بأن “أحداث الليلة كانت بمثابة اضطراب خطير في النظام العام. إجراءات الكورونا قاسية على الجميع ونحن جميعا نتوق لمزيد من حرية الحركة لكن هذا لا يخول أحدا أن يتحرك في المدينة أثناء حظر التجول كما يشاء أو ينشب الحرائق والألعاب النارية.

ومن جانبه قال رئيس البلدية هانس فير هيجين: “إن الإضرار بممتلكات الآخرين لا يساعد أي شخص على الإطلاق. في الواقع ، إنك تزيد من اكتئاب الناس ورجال الأعمال”، مؤكدا بأن تصرف مثيري الشغب غير مقبول.

“هذا يؤلم”

كما عبر عدد كبير من أعضاء البرلمان الهولندي عن الاشمئزاز من أعمال الشغب. إذ غردت نائبة البرلمان عن حزب الاتحاد المسيحي، على صفحتها في تويتر، واصفة ما جرى ب”المؤلم”. وأضافت، “كان نهب المتاجر شيئًا يحدث دائمًا في بلدان أخرى. ولكن ليس هنا. ليس في هولندا.

وفي السياق نفسه، غرد توناهان كوزو النائب عن حزب  دينك على صفحته في تويتر، مؤكدا بأن ما جرى من تدمير لممتلكات الآخرين ونهب المحلات التجارية، غير مقبول على الإطلاق. ووصفت زعيمة حزب 50 بلوس كوري فان برينك، الدمار الناجم عن مثيري الشغب، بالمروع والمخيف

كما تحدثت بنت بكر النائبة عن حزب في في دي، عن “أعمال عنف ونهب غريبين”. وأكدت، بأن ما يجري ليس احتجاجًا، بل تدمير المناطق على حساب موظفي الإغاثة وأصحاب المتاجر والوكلاء. وشددت على ضرورة التوقف عن ارتكاب المزيد من هذه الأعمال.

ربما يعجبك أيضا