اجتماعات الحوار الليبي بين الانفراجة وحصار الميليشيات

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

مع انطلاق اجتماعات الحسم لاختيار السلطة التنفيذية في ليبيا، وتقدم الكثيرون للمناصب القيادية في القائمة المعلن عنها والتي أثارت جدلًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، يخشى البعض أن يخرج ملتقى الحوار بمفاجآت قد تدفع بشخصيات غير مؤهلة لتزعم المرحلة المقبلة، والتي تزامنت مع مساعي رئيس حكومة الوفاق فائز السراج باستدعاء ميليشياته لحماية منصبه، فهل تشهد الأزمة الليبية انفراجة سياسية قريبة أم تخضع لتعقيدات الميليشيات؟.

اجتماعات الحسم

بدأت، اليوم الإثنين، اجتماعات الحسم لاختيار السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا على أن تختتم أعمالها يوم الجمعة القادم، بالإعلان عن نتائج عملية التصويت التي ستجرى بين أعضاء لجنة الحوار السياسي لاختيار القيادة السياسية الجديدة في ليبيا التي ستدير مرحلة انتقالية حتى موعد إجراء الانتخابات نهاية العام الحالي.

بدورها، أشادت مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا، ستيفاني وليامز، بالتقدم الذي أحرزه الحوار السياسي بين الليبيين، خلال الفترة الأخيرة، مؤكدة أن الهدف هو إعادة الشرعية إلى المؤسسات الليبية.

وأشارت المبعوثة الدولية، إلى أن الليبيين ملتزمون بإجراء الانتخابات في المواعيد المقررة، أي في ديسمبر المقبل، منوهة إلى أن ما تم إحرازه حتى الآن في مسار المصالحة يهدف لإنهاء حالة الانقسام في البلاد.

ولدى حديثها عن انتخاب أعضاء المجلس الرئاسي الليبي، قالت وليامز “لدينا قائمة واسعة من المرشحين لهذه المناصب”، لكنها تعهدت بأن تكون عملية تمثيل السلطة التنفيذية في ليبيا “مفتوحة وشفافة”.

تأتي اجتماعات الحسم وسط زخم سياسي تعيشه ليبيا، وترقب لإعلان أسماء الفائزين بمناصب السلطة التنفيذية التي ستقود ليبيا حتى إجراء الانتخابات، في 24 ديسمبر من العام الجاري، والتي تتزامن مع أولى أيام المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا يان كوبيش، في مهامه الرسمية، ما يضع – وفق مراقبين- الدبلوماسي السلوفاكي أمام اختبار حقيقي، وينذر بنسف العملية السياسية الجارية في البلد الذي تمزقه الحرب منذ قرابة عقد من الزمان.

مفاجآت غير ملائمة

وبحسب ما نشرته البعثة الأممية، فقد تقدم للترشح للمجلس الرئاسي 24 شخصًا من بينهم امرأة واحدة وهي رئيسة الاتحاد النسائي بطرابلس ماجدة الويفاتي، بينما بلغ عدد المترشحين لرئاسة مجلس الوزراء 21، بينهم امرأتان وهما الناشطتان آمال الجراي وإيمان الكشر.

وأثارت القائمة المعلن عنها، جدلاً واسعاً في الأوساط الليبية، نظراً لكثرة المتقدمين للمناصب القيادية، وتناقض المواقف والآراء حول عدد كبير منهم، وفشل البعثة في تطبيق المعايير المقررة على بعضهم.

ولذلك تخشى الأوساط السياسية أن يخرج ملتقى الحوار بمفاجآت غير ملائمة للتوافقات حول الشخصيات المؤهلة لتزعم المرحلة القادمة، عادّين أن الإخوان ورغم ضعف حضورهم في الشارع الليبي، يمتلكون أكثر من نصف الأصوات داخل الملتقى، سواء ممن يعلنون انتماءهم للجماعة أو من يخفونه، وهو ما يدفع إلى مزيد من التشكيك في توجهات البعثة الأممية.

ولا تخفي مصادر ليبية قلقها من أن تعصف المفاجآت بما تم الإعداد له للدفع بشخصيات معروفة بنزعتها المعطلة لأي مسار تحول دون تمكنهم من التغلغل في مفاصل الدولة، وفي حال حدوثه فذلك يعني العودة للمربع الأول من الأزمة.

ويتنافس على المجلس الرئاسي رئيس مجلس النواب الحالي عقيلة صالح، ورئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري، ووزير الدفاع في حكومة الوفاق صلاح الدين النمروش، وعضو المجلس الرئاسي الحالي المستقيل منذ عام 2016، موسى الكوني، ورئيس مفوضية الانتخابات خالد السائح، إلى جانب شخصيات أخرى من الأقاليم الثلاثة ذات مرجعيات سياسية وفكرية وقبلية ومهنية متعددة.

ومن المتوقع أن تواجه البعثة الأممية الموكلة لفريق الحوار في جنيف ضغوطات ومصاعب لاسيما مع زيادة أعداد المترشحين لرئاسة المجلس الرئاسي والحكومة القادمين، وهو ما يستدعي من مبعوثة الأمم المتحدة لدى ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز البحث عن آلية جديدة أو مخرج آخر قبل موعد 5 فبراير الذي أعلنت عنه.

الميليشيات بوجه ملتقى الحوار

وبينما يترقب الليبيون معرفة هوية قادة بلادهم تجري الأمور في العاصمة طرابلس عكس التيار، بدأ رئيس حكومة الوفاق فايز السراج العمل على حماية منصبه الحالي مدعومًا بالمليشيات المسلحة في طرابلس والزاوية وغريان وبقية مدن الغرب الليبي.

وقبل ساعات من بدء الاجتماعات، تحركت مئات الآليات العسكرية على متنها مسلحون نحو العاصمة طرابلس، وأعلنت في بيان مصوّر، توحيد صفوفها وحل خلافاتها وفتح الطرق بين المناطق ودعم عودة كل المهجرين، كما أكدت رفضها لمخرجات الحوار السياسي، ودعت السراج إلى إعادة لم شمل المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى إدارة البلاد إلى حين إجراء الانتخابات.

ومن هذا المنطلق، يأمل السراج فشل الحوار السياسي في تشكيل سلطة تنفيذية جديدة، وإعداد نفسه للسيناريو الذي سيكون بديلا لهذا الفشل والمدعوم من عدد من الميليشيات المسلحة ومن جهات سياسية داخلية، ويتمثل في إعادة ترميم المجلس الرئاسي بشكله الحالي برئاسة السراج وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولاها شخصية توافقية من الشرق الليبي، بحسب تصريحات المحلل السياسي سليمان العتيري.

هذا وكان السراج قد أكد أنه سيسلم السلطة نهاية أكتوبر 2020 بمجرد تشكيل سلطة تنفيذية جديدة، لكن مع تعثر جولات الحوار السياسي بدأ في تعزيز سلطته ونفوذه، عندما أعاد هيكلة مليشيا “قوات الردع” الخاصة تحت قيادته، ثم أنشأ جهاز دعم الاستقرار بصلاحيات واسعة تحت قيادة زعيم الميليشيا عبد الغني الككلي، وكلاها من خارج الجماعات الموالية لوزير الداخلية فتحي باشاغا.

في المقابل، وبالتزامن مع هذه التحركات المسلحة أكد الجيش الوطني الليبي دعمه لأي خطوة تقرب وجهات النظر بين الليبيين وتساهم في حل الأزمة، لكنه أبدى مخاوفه من قيام الميليشيات بعرقلة أي حل سياسي في ليبيا، مؤكدا أنه سيكون أمام أي حكومة جديدة ملف حل معضلة المرتزقة والميليشيات.

وخلال الأيام المقبلة ستظهر المباحثات شكل المجلس الرئاسي والحكومة القادمة، ففي حال التوافق ستذعن لها أي ميليشيات وتحول انتماءاتها لكن في حال تطورات الوقائع الميدانية لدعم بقاء السراج في منصبه بقوة الميليشيات، فقد يتأزم المشهد السياسي ويعود بالأزمة للمربع الأول.

ربما يعجبك أيضا