في تحدٍّ للتنين الصيني.. بايدن يجدّد تحالف «كواد» الرباعي

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

في تحد للصين، يسعى الرئيس الأمريكي جو بايدن، لتجديد ما يسمّى بالتحالف الرباعي «كواد» مع أستراليا والهند واليابان، واليوم الخميس، ستعقد محادثات مع وزراء خارجية الرباعي من أجل منطقة حرة ومفتوحة في المحيطين الهندي والهادي.

تجديد التحالف

أعلنت الخارجية الأمريكية، أنها  ستجري محادثات مع أستراليا والهند واليابان، وقالت إنّ الوزير أنتوني بلينكن سيعقد لقاءً افتراضيا مع وزراء خارجية الدول الثلاث، ويشمل جدول الأعمال بحث جائحة «كوفيد – 19» والتغيّر المناخي.

وأوضح المتحدّث باسم الخارجية نيد برايس: أنّ «هذه المحادثات بين وزراء خارجية الرباعي أساسية للتقدم بأهدافنا المشتركة من أجل منطقة حرة ومفتوحة في المحيطين الهندي والهادي، والنهوض أمام تحدّيات عصرنا».

وتعود فكرة الرباعي إلى رئيس وزراء اليابان السابق شينزو آبي، الذي يعتبر من الصقور وكان متحمساً لإيجاد شركاء من أجل إقامة توازن مع الصين الصاعدة بقوة، وتم إطلاق «الحوار الأمني الرباعي» عام 2007.

وفي حين أنّ أستراليا والهند كانتا حذرتين في البداية حيال استعداء الصين، إلا أنّ صيغة الرباعي توسّعت في السنوات الأخيرة مع تدهور علاقات البلدين مع بكين.

وأجرت دول «كواد» أربع مناورات بحرية في نوفمبر في خليج البنغال وبحر العرب، حيث شاركت أستراليا للمرة الأولى منذ أكثر من عقد.

الصين تحذر

في وقت سابق هذا الشهر حذرت صحيفة “غلوبال تايمز” الرسمية الصينية، بايدن من تجديد التحالف الرباعي، قائلة أنه سيكون خطأ استراتيجياً فادحاً، وقد يؤدّي إلى مواجهة استراتيجية خطيرة مع بكين.

وحذر أحد الخبراء الهند بشكل خاص، حيث يرى أنها تملك القدرة لإنهاء صيغة الـ”كواد”، مع نصيحة بأن لا تربط الهند نفسها بشكل كامل بعربة الولايات المتحدة المناهضة للصين.

وأصرّت الهند تاريخيا على عدم الانحياز في سياستها الخارجية، لكنّ التوترات تصاعدت منذ العام الماضي، عندما أدّت مواجهات عسكرية مع الصين في جبال الهيمالايا إلى مقتل 20 جنديا هنديا على الأقلّ، إضافة إلى عدد غير معروف من الجنود الصينيين.

وما أثار التكهّنات حول مستقبل الرباعي عدم ذكر الهند هذا المصطلح في بيانها حول المكالمة الأولى لرئيس الوزراء ناريندرا مودي مع بايدن، إذ اقتصر الأمر على أهمية العمل مع الدول ذات التفكير المماثل.

وهذا الشهر أجرت القوات البحرية في أمريكا وأستراليا والهند واليابان أكبر مناوراتها البحرية، حيث أرسلت سفناً حربية وغواصات وطائرات إلى المحيط الهندي، في خطوة قال محللون إنها تشير إلى جدية الدول الأربع في مواجهة النفوذ العسكري والسياسي للصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ولم تعلق الصين حول هذا الشأن، لكن وسائل الإعلام الحكومية الصينية أدانت مناورات “مالابار” البحرية، ووصفت صحيفة “جلوبال تايمز” التدريبات بأنها “تشكل خطراً على الاستقرار الإقليمي”.

وقالت الصحيفة أن التدريبات كانت جزءاً من جهد يهدف إلى احتواء صعود الصين، ووصفت التحالف المكون من الدول الأربع المسمى بـ”كواد” بأنه “النسخة الآسيوية لحلف شمال الأطلسي “الناتو””، وهو مصطلح استخدمه لأول مرة كبير الدبلوماسيين الصينيين لوصف التجمع غير الرسمي المعروف باسم الحوار الأمني ​​الرباعي (Quad).

تحالف “كواد”

في عام 2007، بدأ تحالف “كواد”، وهو تحالف رباعي استراتيجي غير رسمي بين أمريكا واليابان وأستراليا والهند، وجاءت الفكرة من قبل رئيس وزراء اليابان السابق شينزو آبي، بدعم من نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، ورئيس وزراء أستراليا جون هوارد، ورئيس وزراء الهند مانموهان سينغ.

وتوازى الحوار مع المناورات الحربية المشتركة على نطاق غير مسبوق، التي سميت مناورات “مالابار”، اعتُبرت الترتيبات الدبلوماسية والعسكرية واسعة النطاق رد فعل على زيادة القوة الاقتصادية والعسكرية الصينية، واستجابت الحكومة الصينية للحوار الرباعي بإصدار احتجاجات دبلوماسية رسمية على أعضائه.

لكن بعد انسحاب أستراليا خلال فترة ولاية رئيس الوزراء كيفين رود، توقف الحوار الأمني الرباعي ما عكس المخاوف الأسترالية بشأن الانضمام إلى تحالف ضد الصين مع اثنين من أعدائها التاريخيين، اليابان والهند.

وتم حل النحالف وسط احتجاجات من الصين، بعد أن اجتمعت لأول مرة في عام 2007 ، وجاء إحياؤها بعد عقد من الزمان وسط تدهور العلاقات الثنائية بين الصين والولايات المتحدة والهند وأستراليا.

لكن أستراليا كانت متشككة في الحاجة إلى هذا التجمع، وكانت حذرة من اضطراب العلاقات الدبلوماسية مع الصين، ولهذا السبب انهار تكرار الأمر آنذاك.

ويقول مدير برنامج القوة والدبلوماسية في معهد لوي الأسترالي هيرفيه ليماهيو: “في المرة الأولى التي تم فيها اقتراح التجمع الرباعي، كانت شراكة أكثر تجريبية، ومنذ ذلك الحين، كان هناك تشدد في المواقف تجاه الصين بين جميع شركاء الرباعية، وبهذا المعنى كانت بكين أسوأ عدو لهذا التجمع”.

إحياء “كواد”

بعد أن أصبحت الصين أكثر قومية وحزما، في عهد الرئيس شي جين بينغ، أقوى زعيم صيني منذ ماو تسي تونغ،  وشنت حملة قمع على المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في هونج كونج، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، واحتجزت أكثر من مليون مسلم في منطقة شينجيانغ، أقصى غرب البلاد، وصعدت من تهديدات القوة العسكرية للاستيلاء على جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

في الوقت نفسه تعمل الصين على تحديث قواتها الدفاعية بسرعة، وتزيد من وجودها العسكري في المياه المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، حيث يوجد نزاع إقليمي بين الصين واليابان، وفي يوليو اتهمت الولايات المتحدة بكين، بتوغلات عسكرية “غير مسبوقة” في المياه المتنازع عليها.

وفي يونيو، تفاقمت التوترات المستمرة منذ فترة طويلة، في جبال الهيمالايا على الحدود الصينية الهندية، حيث اشتبكت قوات الجانبين وأسفرت الاشتباكات عن مقتل 20 جندياً هندياً، وكانت أول مواجهة دامية بين الجانبين منذ عام 1975.

ردع بكين

وتأتي المجموعة الرباعية الآن كمحاولة لردع قدرة الصين على تحدي وتعطيل النظام القائم على القواعد، والوضع الراهن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ويقول هيرفيه ليماهيو: “إنها إشارة من جانب هذه الديمقراطيات الأربع إلى أنها ستكون أكثر جدية بشأن التصرف كقوة موازنة عسكرية واستراتيجية للصين، إذا استمرت بكين في تحدي الوضع الراهن، وليس فقط في جنوب بحر الصين، ولكن أيضاً في المحيط الهندي”.

لكن ما يقلق الدول الأربع هو استعداد الصين لاستغلال “الاعتماد الاقتصادي المتبادل لمحاولة فرض عقوبات غير رسمية”، لمعاقبة الدول التي تعارضها، بحسب ليماهيو.

هذا العام فرضت بكين عقوبات تجارية على أستراليا، بعد أن دعمت كانبرا تحقيقاً في أصل فيروس كورونا، وعلقت بعض واردات لحوم البقر لأسباب فنية، ومنعت بشكل فعال واردات الشعير من خلال فرض رسوم جمركية ضخمة على الحبوب الأسترالية، كما يتوقع التجار الأستراليون الآن المزيد من العقوبات على صادرات النبيذ الأسترالي والأخشاب وحتى الكركند.

ووسط التوترات المتصاعدة، يبدو أن هناك خططا جديدة بين التحالف الرباعي لبذل المزيد من الجهود لكبح نفوذ الصين، لكن محللين يقولون إن التحالف غير الرسمي البالغ من العمر 3 سنوات يواجه تحديات كبيرة، أبرزها، أنه لا يوجد إجماع بين شركاء الرباعية حول كيفية المضي في ردع بكين، ففي ظل حكم الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب وصعود جو بايدن، يبدو أن واشنطن تدعو إلى استراتيجية احتواء كلاسيكية على غرار الحرب الباردة.

ربما يعجبك أيضا