حسام السبكي
ما بين الرفض والقبول، والاضطرار تحت وطأة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة إلى حدٍ بعيد، منذ أن وطأت جائحة كورونا المحروسة، قبل أكثر من عام، لتخلف معاها إصابات بلغت حتى اليوم أكثر من 114 مليون حالة، وما يزيد عن 2.5 مليون حالة وفاة، في ظل دعوات لإعادة فتح الاقتصاد، وإعادة الحياة إلى طبيعتها، بإجراءات احترازية خاصة، ومخاوف في الوقت ذاته، من تغلب السلالات الجديدة، على اللقاحات التي باتت الشكوك تحوم حول فعاليتها، علاوة على عدم قدرتها الحالية على تلبية كافة الاحتياجات العالمية لمواجهة الجائحة الشرسة.
جواز سفر اللقاح
مع حلول العام الحالي تقريبًا، طُرحت فكرة “جواز سفر اللقاح”، والذي أطلق عليه أيضًا “التذكرة الذهبية”، وهو من اسمه، يمنح بموجبه حامله، جواز سفر يحمل شهادة تلقيه اللقاح ضد الفيروس التاجي.
ومع هيمنت أزمة تفشي وباء كورونا على اهتمام الصحف البريطانية، فقد ناقشت احتمال فرض حمل وثيقة تفيد بالحصول على لقاح كوفيد-19 كشرط للسفر، وكيفية إعادة فتح الاقتصاد والأسواق بعد شهور من الإغلاق بفعل الوباء.
الديلي تلغراف، عرضت مقالًا بعنوان “جوازات سفر اللقاح تبدو فكرة مرفوضة، ولكنها قد تصبح أمرا حتميا”.
وتقول الصحيفة إن بعض المؤشرات تتكهن بأن لقاح أكسفورد – أسترازينيكا قد يكون محدود الفاعلية ضد السلالة الجنوب أفريقية لفيروس كورونا، وهو ما قد يمثل أول انتكاسة حقيقية لبرنامج تطعيم كان نجاحه استثنائيًا حتى الآن، حيث حصل 12 مليون شخص الآن على اللقاح في بريطانيا.
وتقول الصحيفة: إن العلماء يسعون لتعديل اللقاح لجعله أكثر قدرة على مكافحة الطفرات، لكن ذلك غير متوقع قبل الخريف.
وترى الصحيفة أنه نظرًا لأن كوفيد-19 سيكون مرضًا متوطنًا في بريطانيا، فإن الإصابة به ستستمر لسنوات عديدة قادمة وسيحتاج الناس إلى التطعيمات كل عام.
وتقول الصحيفة: إن فعالية اللقاحات المختلفة تعزز الجدل المتزايد حول ما إذا كان يجب أن يُطلب من الأشخاص امتلاك “جواز سفر” يُظهر أنهم تلقوا اللقاح. وهذا بدوره يؤدي إلى التساؤل: أي لقاح يجب الحصول عليه؟ وهل تعتبر بعض اللقاحات أكثر قبولا من غيرها؟
وتقول الصحيفة: إن ناظم الزهاوي، وزير اللقاحات في بريطانيا، أكد أن حمل وثيقة تثبت الحصول على اللقاح لن يكون أمرا متبعا في بريطانيا، ولكن عندما يتعلق الأمر بالسفر إلى الخارج، فإن الأمر في يد حكومة الدولة المراد السفر إليها.
وتقول الصحيفة إنه إذا أصرت الدول الأخرى على أنه يجب تطعيم الوافدين، فقد يضطر المسافرون إلى حمل وثيقة تفيد أنهم حصلوا على اللقاح.
وتقول الصحيفة إنه حتى لو لم يكن الحصول على اللقاح مطلبا ينص عليه القانون، فإن الحانات والفنادق ودور السينما وغيرها من الأماكن التي يتجمع فيها الناس في الداخل قد تصر على أن يُظهر عملاؤها دليلًا على التطعيم.
بريطانيًا أيضًا، قال وزير المالية البريطاني إن فكرة منح الناس جوازات سفر أو شهادات لقاح للسماح لهم بدخول الأماكن قد تكون وسيلة لمساعدة البلاد واقتصادها على التعافي من فيروس كورونا.
وأضاف الوزير ريشي سوناك لتلفزيون “بي بي سي” أمس الأحد، “من الواضح أنه سؤال معقد ولكنه من المحتمل أن يكون ذا صلة يمكن من مساعدتنا على إعادة فتح تلك الأجزاء من بلادنا مثل الأحداث الجماعية”.
وقال رئيس الوزراء بوريس جونسون، الأسبوع الماضي، إن الحكومة ستجري مراجعة للنظر في الأسئلة العلمية والأخلاقية والفلسفية والأخلاقية حول استخدام شهادات اللقاح للأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا، مما قد يساعد في إعادة فتح أماكن الترفيه والضيافة.
دوليًا
على الصعيد الدولي، وخلال زيارته لافتتاح فرع فندق رويال بيتش في مدينة إيلات السياحية بـ”الشارة الخضراء”، الأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي للمواطنين: “ إذا جئتم وأنتم تحملون معكم جواز السفر الأخضر. فيمكنكم الدخول إلى الفنادق ويمكن طبعا التوجه إلى غرف اللياقة البدنية وغيرها من المرافق المتاحة“.
وتابع: “اللقاح متاح أمام الجميع. فأرجوكم، وأناشدكم التوجه لتلقي التطعيم“.
وأضاف: “خذوا جواز السفر الأخضر الخاص بكم وتوجهوا للفنادق، وبعد ذلك للمطاعم، والرحلات الجوية، وعودوا للحياة الطبيعية وحافظوا على الحياة”.
وعلى المستوى الأوروبي، طالبت اليونان والنمسا دول الاتحاد الأوروبي الأخرى إلى تبني سياسة “جوازات سفر” باللقاحات المضادة لفيروس كورونا، بما قد يساعد في إنعاش صناعة السياحة المتضررة في أوروبا.
هذا، ويواجه جواز سفر اللقاح معارضة من بعض الدول الأعضاء في الكتلة التي تضم 27 دولة.
وتقول فرنسا وألمانيا: إن مثل هذه الوثائق قد تكون سابقة لأوانها لأن البيانات المتعلقة بفعالية اللقاحات في منع أي شخص من حمل الفيروس أو نقله غير مكتملة.
وتوجد أيضا مخاوف من أن يُعتبر الإجراء تمييزا، وذلك بالسماح للأقلية التي حصلت على اللقاح بالاستمتاع بالسفر إلى الخارج، بينما يستمر الآخرون، مثل الشباب الذين لا يُنظر إليهم على أن لهم أولوية في الحصول على اللقاح، في مواجهة القيود.
وهناك مشكلة إضافية تتمثل في الانتشار السريع للسلالات الجديدة لفيروس كورونا، مثل السلالات الإنجليزية والجنوب أفريقية والبرازيلية، وإمكانية حدوث طفرات مستقبلية. لذلك يُعتقد أن الناس سيحتاجون إلى جرعات إضافية من اللقاحات لتعزيز حمايتهم.
ولدى اليونان -وكذلك إسرائيل- شهادات تطعيم رقمية، وتدرس دول أخرى، مثل الدنمارك والسويد، تطبيق السياسة ذاتها.
إلى ذلك، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن شهادات التطعيم الرقمية التي تمكن الناس من السفر إلى أوروبا على الرغم من جائحة فيروس كورونا ستكون متاحة على الأرجح قبل الصيف.
وأضافت ميركل -في مؤتمر صحفي، بعد قمة افتراضية للاتحاد الأوروبي الخميس الماضي- “اتفق الجميع على أننا بحاجة إلى شهادة تطعيم رقمية”.
وأكدت أن مفوضية الاتحاد الأوروبي ستحتاج حوالي ثلاثة أشهر لوضع الأساس الفني لمثل هذه الوثائق.
عربيًا
وفي الجانب العربي، كشف مسؤول عماني، يوم الخميس الماضي،عن إجراء السلطنة مشاورات مع دول مجلس التعاون لإصدار جواز سفر خاص بفيروس كورونا، وذلك في ظل “وضع مقلق” بشأن تفشي الجائحة في أراضي السلطنة.
وخلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي للجنة مواجهة الوباء في السلطنة، قال وزير الصحة العماني أحمد بن محمد السعيدي: إن وضع الجائحة في السلطنة يتصاعد وإنه “مؤسف ومقلق للغاية”.
وأشار السعيدي إلى أن قرار منع إدخال القادمين من عدة دول بداية هذا الأسبوع يعود إلى وصول نسبة الإصابات بين القادمين من بعض الدول إلى 20%.
من جهته، كشف سيف بن سالم العبري، مدير عام المديرية العامة لمكافحة الأمراض المعدية، في المؤتمر نفسه عن مشاورات مع دول مجلس التعاون للاتفاق على استصدار “جواز سفر كورونا”، لمنحه للحاصلين على اللقاح.
وشرعت دول خليجية، منها السعودية وقطر، بإصدار جوازات سفر خاصة بالحاصلين على تطعيم ضد الوباء، لتمكينهم من السفر دون قيود.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=671190