تهديدات إيران للأمن الإقليمي والدولي تعود للواجهة

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد 

السجال بين الولايات المتحدة، وإيران، أصبح روتينيا ونمطيا، تظهر فيه المهادنة الأميركية لحكام طهران،  وما تقوم به إدارة البيت الأبيض، ضد إيران على مستوى دبلوماسي أو عسكري، ما زال محدودا، ويكمن ذلك بوضوح، عدم رغبة إدارة بايدن بتصعيد المواجهة مع إيران، وما تقوم به أميركا من ضربات سريعة لأذرع إيران، هذه ضربات محدودة، تعايشت إيران واذرعها.

وهذا ينطبق أيضًا على تل أبيب، الضربات التي توجهها لأذرع إيران في الداخل السوري أو اللبناني، هي استنساخ للضربات الأميركية، محدودة، يمكن وصففها، بذر الرماد في العيون ولأغراض الرأي الداخلي إلى إسرائيل والولايات المتحدة. وهذا ما يشجع إيران على الاستمرار بتهديد الأمن الإقليمي والأمن الدولي، من خلال أذرعها أو الحرس الثوري الإيراني دون أن تعطي ضدها أي براهين.

إسرائيل تضرب مواقع داخل سوريا

أفادت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري، مساء يوم 30 فبراير 2021، بأن دفاعات النظام الجوية “تصدت لهجوم إسرائيلي في محيط دمشق”، وذلك بعد سماع دوي انفجار في سماء العاصمة.  أوضح أن وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، أن التفجير الذي استهدف سفينة تملكها إسرائيل في بحر عُمان قد يكون ناجماً عن اعتداء إيراني. وقال غانتس، إن تقييمه الأولي يفيد بأنه نظراً لموقع الحادثة وقربها من إيران فمن المرجح أن تكون طهران مسؤولة عنه، لكنه أضاف أن التحقيقات الإسرائيلية مستمرة في الحادثة. 

إيران تستهدف سفينة إسرائيلية

التقارير كشفت أن سفينة “هيل يسري لرجل الأعمال الإسرائيلي رامي أونغر، والتي تعرضت لتفجير بخليج عُمان يوم 25 فبراير 2021، أصيبت من فوق سطح الماء. وحمّلت تلك المصادر إيران المسؤولية عن الهجوم. وشهدت مياه الخليج خلال العامين الماضيين حوادث استهداف للناقلات التي تحمل النفط السعودي الإماراتي إلى دول أوروبا، إضافة إلى تعرض ناقلة نفط إيرانية مقابل السواحل السعودية في البحر الأحمر لهجوم صاروخي.

أعاد استهداف سفينة في بحر عمان ، مسألة أمن الممرات البحرية إلى الواجهة، وسط اتهامات عدة سابقة لإيران بزعزعة سلامة الملاحة البحرية. فقد أتى استهداف السفينة الضخمة “إم في هيليوس راي”، وسط تصاعد حاد في التوترات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن اتفاقها النووي لعام 2015، بعد أن حاولت طهران الضغط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإعادة المزايا التي حصلت عليها بموجب هذا الاتفاق مع القوى العالمية والذي تخلى عنه الرئيس السابق دونالد ترامب قبل سنوات.

اعتبرت صحيفة “كيهان” الإيرانية المقربة من المرشد علي خامنئي، في افتتاحيتها  يوم 30 فبراير 2021 بأن “الهجوم أتى انتقاما للمقاومة (غالبا ما يقصد بتلك العبارة ميلشيات موالية لإيران) من الهجمات الإسرائيلية الأخيرة في المنطقة”، في إشارة إلى الضربة التي استهدفت ميلشيات عراقية في سوريا، وغيرها من الضربات السابقة. 

ظريف: “تهديدات مبطنة” الى وكالة الطاقة الدولية

وفي سياق آخر، ليس بعيد، الملف النووي الإيراني، أعتبر ظريف أن اتخاذ قرار ضد إيران سيؤدي إلى إرباك الوضع الحالي، مضيفاً أن بلاده قدّمت الإيضاحات اللازمة حول هذه الشروط لجميع أعضاء مجلس الحكام، “آملة أن يسود العقل، ومهددة إذا لم يحدث ذلك بأن لديها حلولها”، بحسب تعبيره، كما زعم الوزير الإيراني أن الأوروبيين بدؤوا خطوة خاطئة من خلال دعم الولايات المتحدة في مجلس الحكام، معتبراً أنها “خطوة ستربك الوضع”.

فشل أوروبي

قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية اليوم، الأول من مارس 2021، إن رفض إيران عرض الاتحاد الأوروبي لإجراء محادثات مباشرة حول برنامجها النووي مع الولايات المتحدة في الأيام القادمة، فيه مخاطرة بتجديد التوتر بين طهران والعواصم الغربية. وكان الدبلوماسيون الأوروبيون يحاولون الوصول إلى اتفاق بشأن اجتماع ما، وطرحوا إمكانية إجراء محادثات في فيينا أو بروكسل في الأيام المقبلة. وقال مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في وقت سابق، إنه متفائل بشأن حدوث المفاوضات. إلا أن إيران قالت إنها لن تحضر الاجتماع في الظروف الراهنة.

النتائج

ـ إن الاتهامات بضرب السفينة الإسرائيلية موجهة إلى إيران وذلك يعود إلى ملف إيران باستهداف الملاحة البحرية، هي تستهدف عشرات السفن سنويا، لكن المشكلة أن إيران تعمل دائما أنه لا تصرح بذلك ولا تعطي براهين على تورطها بمثل هذه الأعمال العدائية.

ـ يمكن اعتبار أن استهداف السفينة الإيرانية من قبل إيران، رغم أنها ما زالت شكوك يمكن اعتبارها رد فعل محدود من قبل إيران تجاه الضربة الأميركية إلى ميلشيات عراقية مرتبطة بإيران عند الحدود العراقية الإيرانية، سبق أن  أعلن (البنتاغون)، يوم 25 فبراير 2021 ، توجيه ضربة لجماعة مدعومة من إيران.

ـ تأتي العملية باستهداف السفينة الإسرائيلية ضمن تصعيد إيراني ضد دول المنطقة، باستهداف المملكة العربية السعودية بصواريخ وضرب السفارة الأميركية في بغداد وتهديد الملاحة في البحر الأحمر باب المندب من قبل الحوثيين، جميعها تصب بإيجاد ضغوطات على بايدن من اجل الحصول على امتيازات اكثر في الملف النووي الإيراني.

ـ تريد إيران إظهار وفرض قوتها أماما خصومها في المنطقة وأبرزهم المملكة العربية السعودية. إيران اليوم تعطي ظهرها أيضا للوكالة الدولية للطاقة، ويبدو أنها غير معنية بما يصدر منها من قرارات متوقعة ألا تكون في صالح إيران.

ـ الضربة الإسرائيلية لمواقع داخل سوريا في أعقاب حادثة السفينة الإسرائيلية، هي ضربة محدودة، وتعودنا على مثل هذه الضربات السريعة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل إلى داخل سوريا وربما عند الحدود العراقية أو داخل لبنان وكذلك إلى أهداف ربما عند الحدود العراقية السورية، جميعها، تؤكد أن الولايات المتحدة لا تريد تصعيد المواجهة مع إيران، وحتى إسرائيل هي الأخرى، قرارها مرتبط نسبيا مع إدارة البيت الأبيض، وهي أيضا ضرباتها كانت وتبقى إلى هذا الحد محدودة. إيران تأقلمت على مثل هذه الضربات وكذلك اذرعها في العراق وسوريا، هي ضربات غير مؤثرة، لكن يمكن استثمارها لتعبئة الرأي الداخلي في الولايات المتحدة وإسرائيل.

ـ بات متوقعا أن تستمر إيران باستهداف الملاحة البحرية في مياه الخليج، واستمراها باستهداف المملكة السعودية من اليمن، بالتوازي مع رفضها التفاوض مع أميركا حول الملف النووي. ما تريده إيران هو الحصول على امتيازات أكبر ورفع سقف مطالبها مع الولايات المتحدة، والوصول إلى اتفاق مباشر مع الولايات المتحدة وركن دول أوروبا جانبا.

التصعيد الإيراني يأتي في أعقاب عدم وجود قوة ردع لإيران، أو عدم قدرة أميركا وأوروبا إلى توثيق تجاوزات وانتهاكات إيران للملاحة البحرية، وعدم وجود رغبة أميركية أو أوروبية لتصعيد الموقف الأمني في مضيق هرمز، لأسباب اقتصادية.

ربما يعجبك أيضا