القاهرة والخرطوم.. رابطة دم تاريخية

هالة عبدالرحمن

كتبت – هالة عبدالرحمن

يمثل السودان العمق الاستراتيجي الجنوبي لمصر، كما أن أمن السودان واستقراره يمثلان جزءًا من الأمن القومي المصري، وهذا ما عملت القيادات السياسية على مر العصور على ترسيخه.

وحرص الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي استعادة العلاقات مع السودان، سواء بالبعثات الدبلوماسية والعسكرية أو بالقوى الناعمة وإرسال المساعدات والقوافل الطبية للسودان.

زيارة السيسي

وتأتي زيارة الرئيس المصري، اليوم السبت، إلى العاصمة الخرطوم في زيارة رسمية إلى جمهورية السودان في توقيت مهم لكلا البلدين، والتي تعد الأولى من نوعها عقب تشكيل مجلس السيادة الانتقالي.

وتشهد زيارة الرئيس للخرطوم عقد قمة مصرية سودانية، فضلًا عن عدد من اللقاءات الثنائية مع كبار القادة والمسئولين السودانيين، وذلك لمناقشة مختلف الملفات المتعلقة بالتعاون المشترك وسبل تعزيز العلاقات الثنائية، خاصةً على الصعيد العسكري والأمني والاقتصادي، وذلك تجسيدًا للإرادة القوية المتبادلة بين البلدين الشقيقين لتعزيز أطر التعاون بينهما في كافة المجالات وبما يسهم في تحقيق مصالحهما المشتركة.

كذلك من المقرر أن تشهد الزيارة التباحث حول أهم التطورات فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والقارية، خاصةً قضية سد النهضة، والأمن في البحر الأحمر، وتطورات الأوضاع على الحدود السودانية.

ملف سد النهضة

ويبدو أن القاهرة والخرطوم عازمتان على تكثيف جهودهما لمواجهة ما يعتبرانه سلوكا إثيوبيا أحاديا في ملف سد النهضة. ولم تنجح جولات متعددة من التفاوض بين العواصم الثلاث في التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف.

وتتخوف العاصمتان العربيتان من إقدام أديس أبابا على تنفيذ المرحلة الثانية من ملء خزان سد النهضة دون تشاور مسبق معهما.

وفي تصريحات تُعبر عن مخاوف الخرطوم، حذر وزير الري والموارد المائية السوداني، ياسر عباس، الأربعاء 4 من مارس/آذار، من خطورة “إقدام إثيوبيا على الملء الثاني لسد النهضة بصورة أحادية في يوليو/تموز المقبل”، معتبره تهديدا مباشرا لأمن السودان.

وأوضح عباس أن خطوة الملء الثاني للسد “سيؤثر بشكل مباشر على سد الروصيرص وعلى كل الحياة بولاية النيل الأزرق”.

ويدعو السودان إلى توسيع مظلة التفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق مرض لجميع الأطراف، مقترحا أن تضم المفاوضات الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة، وتحول دور هذه المؤسسات الأربع من مراقب إلى دور الوسيط.

ولا يختلف موقف القاهرة عن السودان، إذا ترى القاهرة في إصرار إثيوبيا على اتخاذ خطوات أحادية “تهديدا للأمن القومي المصري”.

وفي هذا السياق، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، 2 من مارس/ آذار، على ما وصفه بـ “موقف مصر الثابت من حتمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم فيما يخص ملء وتشغيل السد، بما يراعي عدم الإضرار بدولتي المصب ويحافظ على حقوقهما المائية”.

وكانت إثيوبيا قد بدأت خطوات المرحلة الأولى من ملء خزان سد النهضة بعد هطول أمطار صيف العام الماضي، بالرغم من مطالبة مصر والسودان بضرورة التوصل أولا إلى اتفاق ملزم بشأن كيفية تشغيل السد.

وترى إثيوبيا في سد النهضة ضرورة حيوية من أجل تقدمها الاقتصادي والتنموي. لكنها، تؤكد انفتاحها على التفاوض من أجل التوصل إلى تسوية مرضية مع كل من مصر والسودان.

التعاون العسكري

في التاسع عشر من شهر نوفمبر عام 2020، شهد الفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة يرافقه الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة السودانية المرحلة الرئيسية للتدريب الجوى المصري السوداني المشترك “نسور النيل – 1” الذي جرى تنفيذه بإحدى القواعد الجوية بجمهورية السودان، بمشاركة وحدات من القوات الجوية وعناصر من القوات الخاصة لكلا البلدين .

 هناك تقارب ونقلة نوعية شديدة الإيجابية في العلاقات المصرية السودانية خاصة بعد الزيارات المكررة من قبل قيادات الدولتين، وآخرها قيام رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الفريق محمد فريد، بـ زيارة للخرطوم ومشاركته على رأس وفد رفيع المستوى من قادة القوات المسلحة في الاجتماع السابع للجنة العسكرية المشتركة المصرية السودانية.

ويساعد التكافل في العلاقات بين البلدين في رفع مستوى المعيشة على المستوى الاقتصادي وسيكون له تأثير أيضا على المستوى الإقليمي وتحديدا في القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين وأبرزها ملف سد النهضة والمفاوضات بشأن التوصل لاتفاق مُرضٍ لجميع الأطراف.

وتحمل رسالة قوية للتضامن والدعم للشقيق السودان لعبور المرحلة الانتقالية بأمان ولحفظ استقرار ووحدة أراضيه وربما تتضمن تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة مسبقا بين الدولتين.

إن الروابط الأزلية التي تجمع شعبي وادي النيل، والترابط التاريخي بين مصر والسودان، ووحدة المصير والمصلحة المشتركة التي تربط بين الشعبين، كفيلة بأنها تعمل على بلورة تعاون جديد في المنطقة العربية وقارة إفريقيا، عنوانها بأن دولتي وادي النيل قادرين على تحقيق الأفضل لشعوبه.

ربما يعجبك أيضا