وسط حالة من عدم الاكتراث الشعبي.. تعديل وزاري مرتقب على الحكومة الأردنية

رؤية – علاء الدين فايق 

يجمع مراقبون وكتاب وصحفيون، على أن حجم التفاعل مع أول تعديل وزاري على حكومة رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة والمرجح إعلانه اليوم الأحد، يكاد يكون معدوما وسط حالة من عدم الاكتراث الشعبي.

وحسب مصادر صحفية مقربة من رئاسة الوزراء، فرغ الخصاونة من وضع الشكل النهائي لأول تعديل على حكومته، وينتظر أن يؤدي الوزراء الجدد والحاليون ممن تغيّرت حقائبهم الوزارية اليمين الدستورية ظهر اليوم أمام الملك عبد الله الثاني.

ويتوقع أن يكون التعديل على حكومة الخصاونة ” متواضعا” فيما من المؤكد أنه سيطال حقيبتي العدل والداخلية بعد استقالة الوزيرين بسام التلهوني وسمير مبيضين لمخالفتها أوامر الدفاع الخاصة بمواجهة جائحة كورونا.

وجرى تكليف الخصاونة بتشكيل حكومته التي جاءت خلفا لحكومة رئيس الوزراء عمر الرزاز في 7 أكتوبر 2020.

وأُعلن الخصاونة، عن تشكيلة حكومته في 12 أكتوبر 2020.

وزراء التأزيم

يرى الكاتب الصحفي نضال منصور أن تجربة الأردنيين مع تشكيل الحكومات وتعديلاتها المتتالية في العقود الثلاثة الماضية “مخيبة للآمال، وتوصلوا لقناعات أنها ليست أكثر من تنفيعات، وتدوير للمناصب والمواقع، ولا تحكمها معايير في الأداء، وقلة قليلة من الرؤساء والوزراء تركوا أثراً يتذكره الناس.

ويعتقد منصور أنه في كل الأحوال التعديل فرصة واختبار ثان للرئيس الخصاونة لترميم ومعالجة ما لم ينجح به في المرة الأولى، وأكثر ما هو مطلوب إنجازه بناء وخلق تجانس بين الفريق الوزاري، وترشيقه بعد أن أتخم بحمولة زائدة من وزراء الدولة.

ويقول منصور وهو مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين في الأردن إن “رئيس الحكومة د. الخصاونة لا تنقصه الفطنة والذكاء، ولهذا فإن المهمة التي يتوقع أن يحسمها خلال التعديل تتلخص باستبعاد “وزراء التأزيم”، هؤلاء الذين لا يمكن “ضبطهم”، أو السيطرة على ردود أفعالهم، ومحاولاتهم الدؤوبة لصناعة كاريزما تسلط الضوء على حضورهم ولو كان على حساب الحكومة”.

ومن وجهة نظره، قد تكون هناك أسباب كثيرة دفعت الرئيس لاختيار بعض الوزراء، لكن التجربة أثبتت إخفاقهم وفشلهم.

كما يرى أن “التعديل الوزاري فرصة لا تتكرر لتلميع الحكومة، والسعي لاستعادة ثقة الشارع بها، فنتائج استطلاعات الرأي لا تظهر تفاؤلاً بأعمال الحكومة، وأكثر الأدلة وضوحاً اتفاق غالبية الناس على أن الأوضاع الصحية تسير نحو الأسوأ.

من جانبه، يتفق رئيس التحرير المسؤول لصحيفة “الغد” الصحفي مكرم الطراونة، على أن اللافت في التعديل الوزاري أن حجم تفاعل الناس مع هذا التعديل يكاد يكون معدوما وسط حالة من اللامبالاة تتملك الأردنيين تجاه ما يحدث في أروقة الدوار الرابع.

ويعتبر الطراونة أن “هذا مؤشر يجب أن تتوقف الحكومة عنده طويلا، وتحديدا رئيسها، فهو يدفع ثمن فشل الحكومات التي سبقته في تحسين العلاقة مع الشارع، والمواطنون غير معنيين بما يحدث، فهم على قناعة تامة اليوم أن من سيأتي ليس بأفضل حالا ممن سيخرج.

ويرى الطراونة، أن الحالة التي وصل إليها المواطن اليوم من السلبية تجاه أمور ينبغي أن تكون في صميم اهتمامه هي حصيلة عمل حكومات عديدة أوصلته إلى أن لا يكون غير مكترث بمن يأتي ومن يذهب، فقد تشكلت لديه قناعات بأنه ما من شيء أو أحد سوف يُحدِثُ فرقا في واقعه المُعاش الذي يتردى باستمرار، خصوصا وهو يعلم أنّ طرق اختيار الوزراء ظلت على الدوام هي ذاتها، والدوائر المؤثرة فيها ظلت ضيقة”.

ثلاثة ملفات أساسية 

وأيا كان شكل الحكومة الجديدة لرئيس الوزراء بشر الخصاونة، فإنها أمام ثلاثة تحديات رئيسية لا مفر من مواجهتها.

الملف الأول يتعلق بالصحة واستمرار تداعيات جائحة كورونا، فحالة التفاؤل التي سادت بعد السيطرة على المنحنى الوبائي في الأشهر الماضية انتهت عند تفشي الوباء مجددا، والعودة للحظر الشامل يوم الجمعة، وتأخر وتباطؤ حملة التطعيم، وعلى الرئيس تقييم الوضع، والبحث عن حلول ومخارج.

أما الملف الثاني والذي لا ينفصل عن الأول ويتعلق بالأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وتنامي معدلات البطالة والفقر، وتعاظم الخطر المجتمعي إثر استمرار الجائحة والحظر والإغلاق.

والملف الأخير بحسب الكاتب نضال منصور فيتركز على توجيه البوصلة نحو الإصلاح السياسي مجددا، وتأكيد الملك على أهمية تعديل قانوني الانتخاب والأحزاب أعاد ترتيب الأولويات، وهو ما يفرض على الرئيس تعزيز فريقه السياسي بالحكومة، ووضع خطة جدية للتعامل مع التحديات الديمقراطية والسياسية والحقوقية بعد تزايد الاتهامات الدولية للأردن بانتهاكات حقوق الإنسان.

ويرى الصحفي الطراونة أنه “لا بأس من الاعتراف بأن الموجود اليوم ليس فقط هوّة بسيطة، بل هي فجوة ثقة كبيرة بين الطرفين، وبالتأكيد فإن ردمها يحتاج إلى عمل استثنائي لكي يقتنع المواطن بأن ثمة حكومة بالفعل تعمل لصالحه”.

ويعتقد الطراونة أن على رئيس الوزراء أن ينظر بتوجّس إلى عدم الاهتمام الشعبي بالتعديل الوزاري المرتقب، فهذا قد يعكس حقيقة نظرة الشارع، ليس فقط إلى حكومته، وإنما إلى جميع الحكومات السابقة واللاحقة، ما لم يكن هناك نظرة فاحصة لما يحدث اليوم.

ربما يعجبك أيضا