الإمارات وروسيا.. شراكة استراتيجية شاملة

محمود طلعت

محمود طلعت

ترتبط دولة الإمارات بعلاقات قوية ومتنامية مع شركائها الإقليميين والدوليين، لا سيما روسيا، فأبوظبي وموسكو تجمعهما روابط متينة وتعاون استراتيجي في شتى المجالات ومنها الطاقة والنفط واكتشاف الفضاء والتعاون العلمي في مكافحة «كورونا»، فضلاً عن تطابق وجهات نظر البلدين حول سبل التهدئة في المنطقة.

واستكمالا لهذه الشراكة المثالية، توجه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اليوم الثلاثاء إلى دولة الإمارات في زيارة رسمية، التقى خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي.

تعزيـز التـــــعاون

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، استقبل لافروف في قصر الشاطئ بأبوظبي، وبحث معه علاقات الصداقة وتعزيز مستوى التعاون خاصة في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والتجارية والتي شهدت نمواً ملحوظا خلال العام الماضي.

إضافة إلى سبل تنمية مختلف جوانب التنسيق والعمل المشترك بين دولة الإمارات وروسيا بما يحقق المصالح المتبادلة للبلدين وشعبيهما الصديقين.

وتطرق الجانبان إلى مستجدات جائحة «كورونا» وجهود البلدين في مواجهتها وأهمية توسيع التعاون المشترك بهذا الشأن في إطار دعم الجهود الدولية لاحتواء تداعياتها الصحية والإنسانية والاجتماعية.

وبحث ولي عهد أبوظبي ووزير الخارجية الروسي عددا من القضايا والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك والجهود المبذولة لدعم السلام والاستقرار في المنطقة.

محمد بن زايد ولافروف

وثمّن الشيخ محمد بن زايد العلاقات الثنائية مع روسيا الاتحادية، مؤكدًا الحرص المشترك على تعزيزها في جميع المجالات، وقدّم خلال اللقاء رؤية دولة الإمارات للمرحلة المقبلة والتي جعلت تعزيز السلام والاستقرار والازدهار ضمن أولوياتها.

من جانبه أكد لافروف على أهمية الشراكة الاستراتيجية الإماراتية الروسية، مشيرا إلى الحرص على تعزيز الجهود من أجل تطوير التعاون والعمل على مشاريع مشتركة جديدة بين البلدين.

تكريــــم وأوســـمة

وقام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقاء، بتسليم سيرجي لافروف «وسام الاتحاد» وميخائيل بوجدانوف نائب وزير خارجية روسيا «وسام زايد الثاني» من الطبقة الأولى اللذين منحهما الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، تقديرًا لجهودهما وتكريمًا لدورهما في تعزيز العلاقات الإماراتية الروسية ودفعها إلى الأمام على مختلف المستويات.

من جانبهما أعرب لافروف وميخائيل بوغدانوف عن جزيل شكرهما وتقديرهما إلى رئيس الدولة والشيخ محمد بن زايد آل نهيان لهذه المبادرة الكريمة، مؤكدين اعتزازهما بهذا التقدير الرفيع الذي يعد تثمينًا للعلاقات المزدهرة بين البلدين.

كما أعربا عن اعتزازهما بالإسهام في ترسيخ علاقات الصداقة التي تجمع روسيا ودولة الإمارات والحرص على مواصلة دعمها وتطويرها في جميع المجالات.

شراكة استراتيجية

الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وروسيا والتي تم توقيعها عام 2018 شكلت خطوة بارزة أسهمت في تعزيز العلاقات بين البلدين.

استمرت علاقات أبوظبي وموسكو، في التطور والازدهار بجميع المجالات، ودليل ذلك تزايد حجم التبادل الاقتصادي، ففي العام 2019 قدرت التجارة الثنائية غير النفطية بـ3.7 مليار دولار بنسبة نمو 8% مقارنة بعام 2018.

وتتطلع روسيا إلى مشاركتها في معرض إكسبو 2020 دبي وإلى تعزيز تعاونها مع دولة الإمارات في إطار هذا المعرض العالمي.

الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وخلال لقائه لافروف، أكد أن هناك إمكانيات ومجالات عديدة للاستمرار في تحسين التعاون المشترك مع روسيا كالتعاون في مجالات الطاقة والأعمال المصرفية والعلوم والابتكار واستكشاف الفضاء والثقافة والصحة والتكنولوجيا.

وقال «إننا على ثقة أن العلاقات الثنائية بين بلدينا سوف تستمر في الازدهار في جميع المجالات وذلك على الرغم من كافة التحديات التي يواجهها العالم ، فبلادي اليوم ترحب بجمهورية روسيا الاتحادية شريك وصديق يعتمد عليه».

علاقات دبلوماسية

إن العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات وروسيا ليست الجانب الوحيد الذي شهد تطورا ملحوظا لاسيما في الآونة الأخيرة، إذ تعد العلاقات القنصلية أيضا ركيزة مهمة في العلاقة بين البلدين.

ففي عام 2019 زار الإمارات 800 ألف روسي، إضافة إلى أن هناك 17 ألف مواطن روسي يقيمون في الإمارات ويعتبرونها بلدهم الثاني.

2837850507203969056

مكافحة «كورونا»

وعلى صعيد التعاون في مكافحة «كوفيد-19»، فإن الإمارات تعتبر روسيا شريك فعال يعتمد عليه، ففي 26 يناير الماضي وسعيا من الجانبين لتخليص البشرية من هذا الوباء، تم الإعلان عن شراكة تجريبية بين جامعة الإمارات ومعهد غاماليا الفيدرالي لأبحاث الأوبئة وعلم الأحياء الدقيقة في روسيا.

الأمن الغذائــــــــي

كما أن هناك مجالًا في غاية الأهمية تتطلع أبوظبي لتطوير التعاون فيه مع موسكو وهو الأمن الغذائي، فقد كانت هناك مشاركة مهمة من الجانب الروسي في معرض «جلفود» خلال الشهر الماضي، وتتطلع الإمارات بأن يحظى هذا القطاع بمزيد من الاهتمام بين البلدين على صعيد القطاعين الحكومي والخاص.

فرص الاستثمار

ومع زيارة كل إماراتي وكل روسي إلى دولة الإمارات وجمهورية روسيا الاتحادية فإنهم يصبحون قوة دافعة لهذه العلاقة.

وتثني دولة الإمارات على الاتفاقية الاستراتيجية بين شركة مبادلة للاستثمار و«سبيربنك» الروسي والتي تمهد الطريق لتعزيز التعاون الإماراتي الروسي في مجال الاستثمار.

كما أن الخطوط المتنوعة للتنقل بين البلدين من عدة مدن روسية إلى الإمارات والعمل على زيادة الرحلات لمدن إضافية يسهم في تعزيز فرص الاستثمار والتبادل التجاري بين البلدين.

وفي هذا الصدد أكد لافروف أن العلاقات الإماراتية الروسية في كل عام تصبح أكثر عمقا وشمولا، مؤكدا أن القطاع السياحي ثري ويشهد نموا مستمرا بين البلدين.

يشهد عالمنا اليوم العديد من التحديات والأزمات ومن بينها جائحة «كورونا» إلى جانب آفة التطرف وانتشار الكراهية والعنف، وغيرها، من الملفات التي تتطلب العمل سويا لمواجهتها، وبدبلوماسيتها القوية والحكيمة، تعمل دولة الإمارات على تأدية دورها في هذه الملفات لما فيه خير شعوب المنطقة.

ربما يعجبك أيضا