حسام السبكي
بين الشجب والقلق والتنديد، والتحذير والتوعد والتهديد، تحول الوضع في شرق أوكرانيا، إلى ما يشبه ساحة صراع غربية روسية، بعدما كان مجرد مناوشات، بين القوات الأوكرانية، والانفصاليين، المدعومين من روسيا، والذين نجحوا في استئصال شبه جزيرة القرم، لتتحول في استفتاء أحادي الجانب، إلى إحدى المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية، وفي خضم الأزمة الأخيرة في الشرق الأوكراني، قررت موسكو على ما يبدو، التدخل بشكل مباشر، لحماية الانفصالين المدعومين منها، وهو ما يهدد بتحركات أمريكية وأوروبية، غير مأمونة العواقب، في ظل قلق وترقب من المنظمات الدولية!.
تهديد روسي
في لهجة صريحة لا تحتمل التأويل، حذر مسؤول روسي بارز من أن موسكو قد تتدخل لمساعدة سكان منطقة دونباس، الناطقين باللغة الروسية، في شرقي أوكرانيا إذا شنت أوكرانيا هجوما شاملا على الانفصاليين هناك.
ويشتبك متمردون انفصاليون، تدعمهم روسيا، مع قوات أوكرانية في منطقة شرق البلاد.
كما تعمل روسيا على حشد قواتها على الحدود مع أوكرانيا.
وقال ديمتري كوزاك، المسؤول في الرئاسة الروسية إن “القوات الروسية يمكن أن تتدخل للدفاع عن مواطنيها“.
وأضاف: “يعتمد كل شيء على احتدام الصراع”.
كما حذر من أن أي تصعيد يمكن أن يمثل “بداية النهاية” لأوكرانيا، و”ليس رصاصة في الساق، لكن في الوجه”.
وفي خلفيات الأزمة، حيث تعمل روسيا على تعزيز قواتها على الحدود الأوكرانية، بيد أنها تؤكد في ذات الوقت أنه لا ينبغي اعتبار ذلك بمثابة تهديد.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين بساكي، إن عدد القوات الروسية هناك يعد الأعلى منذ عام 2014، عندما بدأ الصراع في شرقي أوكرانيا، ووصفت الوضع بأنه “مقلق للغاية”.
كما شهدت الأشهر الأخيرة تفاقم حدة الاشتباكات بين القوات الأوكرانية والمتمردين الذين تدعمهم موسكو داخل منطقة دونباس.
وارتفع عدد القتلى خلال العام الجاري، بمقتل جندي أوكراني آخر يوم الخميس، إلى 25 قتيلا، وكان العام الماضي وحده قد شهد مقتل 50 جنديا أوكرانيا.
وقال المتمردون إن أحد مقاتليهم قُتل في نفس اليوم عندما أطلقت القوات الأوكرانية 14 قذيفة هاون على قرية في ضواحي مدينة دونيتسك.
وفي مؤشر آخر على خطورة الوضع، زار الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، المنطقة يوم الخميس لتفقد “مواقع التصعيد” و”مساندة الجنود في الأوقات العصيبة في دونباس”.
وشبّه كوزاك الوضع الحالي للانفصاليين بمذبحة سربرنيتسا، المدينة الواقعة في البوسنة والهرسك والتي شهدت مقتل 8000 مسلم على يد قوات صرب البوسنة في عام 1995.
وقال كوزاك: “إذا دُبرت أحداث هناك، كما يقول رئيسنا، مماثلة لسربرنيتسا، فربما نضطر للدفاع عنهم”.
قلق أمريكي أوروبي
أعربت الولايات المتحدة عن قلقها المتزايد من الحشود العسكرية الروسية عند حدود أوكرانيا وفي شبه جزيرة القرم.
ووصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في تصريح أوردته قناة (الحرة) الأمريكية مساء الخميس تحركات القوات الروسية عند الحدود الأوكرانية بأنها “مؤشرات تثير قلقا كبيرا”، موضحة أن عدد العسكريين الروس عند حدود أوكرانيا لم يسبق أن كان بهذا الحجم منذ 2014.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن وعد نظيره الأوكراني الجمعة بدعم سيادة أوكرانيا في مواجهة روسيا المتّهمة بحشد قوات عسكرية على الحدود مع جارتها.
كما أعرب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون خلال محادثة هاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الإثنين عن قلقه بشأن الأنشطة العسكرية التي تقوم بها روسيا في شبه جزيرة القرم وعلى الحدود مع أوكرانيا.
وقال مكتب جونسون في بيان إنّ “رئيس الوزراء جدّد التأكيد على دعم المملكة المتّحدة الثابت لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها“.
وأضاف البيان أنّ جونسون “أعرب عن تضامنه مع حكومة الرئيس زيلينسكي في مواجهة هذا النشاط المزعزع للاستقرار ورحّب بمقاربة أوكرانيا”.
من جانبها، طالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس بسحب قواته من منطقة قريبة من الحدود الروسية الأوكرانية، في حين اتهم بوتين حكومة كييف بالقيام «بأعمال استفزازية» في المنطقة.
وذكرت الحكومة الألمانية في بيان عن الاتصال الهاتفي «طالبت المستشارة بسحب هذه التعزيزات العسكرية من أجل وقف تصعيد الموقف».
تحركات عسكرية
وفي رد فعل مباشر وعلى الأرض، قال مسؤول عسكري أمريكي إن بلاده تبحث إرسال سفن حربية إلى البحر الأسود خلال الأسابيع المقبلة “لإظهار الدعم لأوكرانيا” ردا على الحشد الروسي المتصاعد شرق هذا البلد.
ونقلت شبكة “سي إن إن” (CNN) عن مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن طائرات البحرية حلقت فوق البحر الأسود لمراقبة النشاط البحري الروسي.
وقال المسؤول إن البحرية الأمريكية تعمل بشكل روتيني في البحر الأسود، لكن نشر السفن الحربية الآن سيرسل رسالة محددة إلى موسكو مُفادها أن الولايات المتحدة تراقب عن كثب.
على الجانب المقابل، نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن وزارة الدفاع قولها، الخميس، إنها حركت أكثر من عشر سفن تابعة للبحرية من بينها سفن إنزال من بحر قزوين إلى البحر الأسود للمشاركة في تدريبات.
وفي وقتٍ سابق، حذرت روسيا حلف شمال الأطلسي (ناتو) من إرسال قوات لمساعدة أوكرانيا، وذلك وسط تقارير تشير إلى احتشاد قوات من الجيش الروسي على الحدود.
وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن روسيا سوف تتخذ “إجراءات إضافية” إذا أقدم الناتو على مثل تلك الخطوة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=721258