إدانة الأسد باستخدام الأسلحة الكيماوية.. دعوات دولية للمحاسبة وفرصة لواشنطن لردع دمشق

حسام السبكي

حسام السبكي

أخيرًا، وبعد طول انتظار، أُدين نظام الرئيس السوري بشار الأسد رسميًا، باستخدام الأسلحة الكيماوية، ضد المدنيين -وهو ما دأب على نفيه في كافة المحافل- وذلك من قبل لجنة رفيعة المستوى، شُكلت من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فيما أصبح المجال متاحًا أمام مجلس الأمن الدولي، لاستخدام كافة وسائل المحاسبة لنظام الأسد، بالطرق القانونية والاقتصادية، فضلًا عن دعوات دولية تصاعدت عقب صدور التقرير، لمعاقبة دمشق، فيما باتت الفرصة سانحة أمام الإدارة الأمريكية الجديدة، لاتخاذ موقف أكثر تشددًا إزاء النظام السوري.

منظمة حظر الأسلحة الكيمائية

1*UPnekIHCud5EIy6gvRXsCg

أصدر فريق التحقيق الدولي لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أمس الاثنين، تقريره الثاني الذي اعتمد على معايير قانونية هي الأعلى في العالم، من أجل تحديد المسؤول عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، حيث قررت بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة (FFM) أن نتائج التحقيق خلصت إلى تجريم النظام السوري باستهداف مدينة في ريف إدلب شمال غربي سوريا، مما يفتح الباب أمام مجلس الأمن لاستثمار هذا التقرير قانونياً وسياسياً واقتصادياً لمحاسبة النظام السوري.

فريق التحقيق وتحديد المسؤولية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، اتهم النظام السوري وفق تقريره بالهجوم الكيميائي الذي وقع على مدينة سراقب في 4 شباط/ فبراير 2018، وقال إن مروحية هليكوبتر تابعة للقوات الجوية للنظام السوري، وتحت قيادة قوات النمر قصفت مساحة كبيرة بمدينة سراقب، بأسطوانة غاز كيميائي واحدة على الأقل، تحمل مادة الكلور، مما أثر على 12 شخصاً.

IMG 1027

واستند التحقيق والتحليل الذي أجراه الفريق، إلى معلومات ومقابلات مع شهود على الحادثة وتحليل العينات والمخلفات التي تم جمعها من الموقع، ومراجعة الأعراض التي أبلغ عنها الضحايا والطواقم الطبية التي قامت بتقديم الرعاية الطبية للمصابين بمن فيهم الدفاع المدني السوري، فضلًا عن فحص الصور، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية، واستشارات مكثفة للخبراء.

واعتمد التحقيق على تقرير بعثة تقصي الحقائق، والعينات ومواد أخرى حصلت عليها الأمانة الفنية، فضلاً عن تحليل طبوغرافي للمنطقة المعنية ونمذجة تشتت الغاز لتأكيد روايات الشهود والضحايا يوم 4 شباط / فبراير 2018.

وشارك التحقيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إلى جانب منظمة الدفاع المدني السوري، ومركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا، و«هيومان رايتس ووتش» ومصادر أخرى.

ترحيب فرنسي

109337325 2918026304986137 7730184415107338968 n.jpg? nc cat=104&ccb=1 3& nc sid=e3f864& nc ohc=aY422A6RGloAX9290Mp& nc ht=scontent.faly3 2

في أولى ردود الأفعال الدولية، رحبت فرنسا بنتائج التقرير الثاني لفريق التحقيق وتحديد الهوية، التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وقالت إنها قدمت مشروع قرار ضد حيازة واستخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية في سوريا.

وجاء في بيان لوزارة الخارجية الفرنسية: “يحدد هذا التقرير الجديد، الناتج عن عمل مستقل وحيادي، هوية مرتكبي استخدام الأسلحة الكيماوية خلال هجوم على بلدة سراقب في سوريا في 4 شباط / فبراير 2018. استخدام النظام السوري لهذه الأسلحة موثق ولا يمكن دحضه”.

وأضاف البيان: “نكرر إدانتنا الشديدة لأي استخدام للأسلحة الكيميائية في أي مكان وزمان ومن قبل أي شخص وتحت أي ظرف من الظروف”.

ودعت فرنسا “جميع الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية إلى دعم مشروع القرار هذا، من أجل إعادة التأكيد على أن استخدام الأسلحة الكيميائية أمر غير مقبول وأن الانتهاكات المتكررة للاتفاقية لا يمكن أن تمر دون عقاب”.

وأكد بيان وزارة الخارجية الفرنسية على “موقفها الثابت القاضي بمعاقبة مرتكبي الهجمات الكيماوية. وتحقيقا لهذه الغاية، أطلقت في عام 2018 الشراكة الدولية لمكافحة الإفلات من العقاب على استخدام الأسلحة الكيميائية، والتي تضم اليوم 40 دولة والاتحاد الأوروبي”.

محاسبة النظام السوري

HEALTH CORONAVIRUS GERMANY ITALY 8

أوروبيًا أيضًا، شدد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الإثنين، على وجوب “محاسبة” النظام السوري، بعدما خلص تحقيق لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى أن دمشق استخدمت أسلحة كيميائية في قصف داخل أراضيها في عام 2018.

وجاء في بيان لوزير الخارجية الألماني “بالنسبة إلينا، من الواضح أن انتهاكا بهذه الصراحة للقانون الدولي يجب ألا يمر من دون عواقب”، مؤكدا وجوب “محاسبة المسؤولين” عنه.

وتصوت الدول الأعضاء في المنظمة في وقت لاحق هذا الشهر على إمكان فرض عقوبات على النظام السوري قد تشمل تعليق حقه في التصويت، في ما يشكل العقوبة الأشد التي تجيزها المنظمة إذا لم يتخذ البلد المعني إجراءات في هذا الصدد.

وقال ماس إن “جميع الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مدعوة إلى الرد على هذه الانتهاكات المتواصلة لسوريا لمعاهدة حظر الأسلحة الكيميائية”، داعيا هذه الدول إلى “استخدام السبل المتاحة في إطار المعاهدة لفرض احترامها”.

فرصة واشنطن

معاقبة الأسد

قبل ساعات من صدور تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، كشف تحليل لمجلة فورين بوليسي الأمريكية، عن امتلاك الإدارة الأمريكية، في الوقت الراهن، فرصة لتشكيل “تحالف” لردع استخدام الأسلحة الكيميائية في الحرب بسوريا، من خلال “عقوبات” تستهدف موسكو ودمشق.

التحليل يقول: إن روسيا والنظام السوري نجحا في تأخير عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، حيث يعمل هؤلاء على وقف أي جهد لفرض عقوبات على سلوكهم في هذا الشأن.

ويتوقع التحليل الأمريكي، أن تكون هناك مواجهة في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تلوح في الأفق، وهي التي ستحدد إن كانت دول العالم ستعود إلى قاعدة منع استخدام الأسلحة الكيميائية، أو السير في الاتجاه الذي اتخذته روسيا عبر تسميم المنشقين، أو ما يجري في سوريا من استخدام الغازات السامة ضد المواطنين.

نافالني

ويشير التحليل إلى أن روسيا استخدمت “الأسلحة الكيميائية كجزء من برنامج يستهدف أعداء النظام” في موسكو، إذ لا تزال قضايا معلقة بهذا الأمر مثل قضية استخدام غاز الأعصاب نوفيتشوك ضد سيرغي سكريبال، وهو ضابط مخابرات روسي، عام 2018″، ناهيك عن استخدامها ضد أليكسي نافالني مطلع العام أثناء عودته للبلاد، حيث غادرها فيما بعد لرحلة علاج في ألمانيا، وعند عودته إلى موسكو تم القبض عليه ومحاكمته بتهم مختلفة، حيث يقضي حاليا حكما بالسجن هناك.

هجمات النظام السوري بالأسلحة الكيميائية

وحول سوريا، فالأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وجدت في عام 2018 أن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيميائية 50 مرة على الأقل.

وفي 2020 ” أصدر المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إنذارا نهائيا لدمشق للامتثال لاتفاقية الأسلحة الكيميائية في غضون 90 يوما أو مواجهة التعليق من المنظمة”، لكن الموعد النهائي مر من دون اتخاذ إجراءات.

ربما يعجبك أيضا