كيف ساهمت الأزمة اللبنانية في توسعة نفوذ إيران ؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

تعتبر الأزمة السياسية المستمرة في لبنان من أصعبِ الاختباراتِ التي امتحِنَ بها أربابُ الدبلوماسيّةِ اللبنانية. مع كل صباح يتحدثون عن مبادرة من الداخل أو الخارج لحل الأزمة، واحدة منها قابلة للنجاح بعد أن تفهمها أكثر من طرف، السؤال الكبير: لماذا لا تزال هذه المبادرات موضع تداول إعلامي ولا تتجسد بفعل أو عمل على أرض الواقع ؟

مفتاح الأزمة اللبنانية في طهران

مفتاح الأزمة اللبنانية ليس في بيروت، ومع ذلك يصر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون على إضاعة وقته مع لاعبين صغار «محليين» لا يملكون شيئا مما أوهموه أنهم يملكون، ومن هنا كان السقوط الكبير في مبادرته لحلحة الأزمة اللبنانية، للدرجة التي وصلت إلى حد اتهام وزير خارجيته، لودريان القوى السياسية اللبنانية بأنها «عمياء» ولا تتحرك لإنقاذ البلاد على الرغم من تعهداتها، متوعدا إياها باتخاذ إجراءات بحق من عرقلوا حل الأزمة .

إصرار ماكرون على إعادة تدوير السلطة «الفاشية» في لبنان بما فيهم ميليشيا حزب الله، يعدّ مؤشرا على أنه متمسك بدور ما دوليا بعد أن فشل داخليا لكن على ما يبدو فإن قراءته للحلول في لبنان سيئة جدا، يدغدغ مشاعر اللبنانيين بكلامه المعسول وعينه على ايران .

فالأزمة في لبنان ليست ناتجة عن كارثة طبيعية، بل عن مسؤولين سياسيين معروفين أبدوا تعنتا عن عمد ولا يسعون للخروج من الأزمة الغارقة فيها البلاد منذ أشهر وهناك أطراف سياسية تضع مطالبا تعجيزية. يوماً بعد يوم يتأكد اللبنانيون والعالم أنه لن تقوم قائمة للبنان في ظل مليشيا موالية لإيران تتحكم بمصيره عند كل استحقاق وهذا الأمر أصبح واضحاً أمام أعين الجميع، والحقيقة التي بات على الجميع فهمها هي أنه ما دخلت إيران في بلد إلا أفسدته.

لا يخفى للعيان تهديدات إيران في أكثر من مناسبة حتى على لسان أرفع مسؤوليها، بأنه لا استقرار في منطقة الشرق الأوسط واجتثاث الإرهاب فيها من دون وجود إيران كجزء من هذا الحل، بعدما استغلت أزمات المنطقة لبسط نفوذها عبر أذرعها في العراق وسوريا واليمن فضلا عن لبنان، بالعقيدة والمال والسلاح .

نصرالله

لبنان صندوق بريد إيران

الوضع في لبنان متأزم وهناك أزمتان سياسية واقتصادية، ولن يمكن حلّ الأزمة الاقتصادية من دون إيجاد مخرج للأزمة السياسية، فإيران تختزل لبنان وتعتبرها «صندوق بريد» لإيصال الرسائل السياسية والعسكرية للعالم العربي والغربي.

استقالة رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي المحسوبين على إيران وكذلك استقالة النواب خطوة ستفتح المجال أمام تكوين حكم جديد في لبنان، وإلا فالتدهور مستمر والانزلاق السريع نحو الفوضى العارمة وكل المبادرات الخارجية بشأن الأزمة اللبنانية كناية عن مسكنّات في حين المطلوب عملية جراحية لاستئصال السرطان المتفشّي.

تشكيل حكومة بالتنسيق مع إيران هو «إذلال» للشعب اللبناني، وأي دولة تدّعي صداقة لبنان لا يجب أن تستثمر الأزمة اللبنانية تأمينًا لمصالحها. فحكومة ببصمات ميليشا «حزب الله» التي تختطف البلاد لتحقيق أجندة سادتهم في طهران، هو إستنساخ لحكومات زمن الاحتلال والمطلوب مقاومة وليس مساكنة أو تطبيع، وإلا لبنان من جديد تحت فصل جديد من وصاية واحتلال بحسب مراقبين.

يبدو «امتعاض» حزب الله من دور مصري منسق مع الفرنسيين لحل أزمة تأليف الحكومة، خير دليل على مدى تورط الحزب في كونه وكيل إيران في لبنان ومؤتمن على تغطية الشق اللبناني من الصراع الإقليمي بحيث أن تحسسه من دور مصري نابع من التحدي الذي يشكله الاصطفاف العربي الخليجي في مواجهة مخططات إيران .

تساؤلات مشروعة حول رئيس الجمهورية

بعد إعلان الرئيس ميشال عون أن «الخروج من الأزمة الراهنة يكون باعتماد القواعد الدستورية والميثاقية وبالتعاون مع جميع الأطراف اللبنانية من دون إقصاء أو تمييز» يتساءل اللبنانيون: هل يمنح الدستور رئيس الجمهورية حصة من الوزراء ؟ هل جميع الأطراف اللبنانية ممثلة في الحكومات المتعاقبة وآخرها حكومة حسان دياب ؟

الرئيس اللبناني وبدعم كامل من ميليشيا حزب الله وضع تشكيل الحكومة وراء ظهره، مدعيا الحرص على مصالح اللبنانيين من خلال طرح شعبوي لموضوع بالغ الأهمية: وهو التدقيق الجنائي. مؤكدًا أنّ المشكلة الأساسية في لبنان أن الدولة «مخطوفة» بالسلاح والطائفية والفساد.

ببساطة شديدة ساهمت الأزمة اللبنانية التي لم تراوح مكانها منذ أشهر وتحديدا بعد انفجار مرفأ بيروت في زيادة النفوذ الإيراني من خلال مرتزقتها في لبنان، واللعب بها كورقة في حريها ضد الغرب وأمريكا وإسرائيل، غير متورعة بمعاناة الشعب اللبناني والفاتورة الباهظة التي يدفعها من أجل أحلام ملالي إيران. إذا أراد اللبنانيون تجاوز أزمتهم، فالبدابة كبح جماح مرتزقة إيران، ووضع تنويع علاقات لبنان التجارية والاقتصادية والخدماتية في سلم أولياته لتخفيف وطأة الاعتماد على إيران، التي باتت حتى أدويتها مجهولة المصدر تغزو السوق اللبنانية.

ربما يعجبك أيضا