ماذا يعني اعتراف واشنطن بإبادة الأرمن؟

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

يبدو أن العلاقات بين واشنطن وأنقرة ستدخل منحنى حادًا في الفترة المقبلة، وذلك عقب عزم إدارة بايدن الاعتراف بالإبادة الأرمينية التي قامت بها الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى وراح ضحيتها قرابة الخمسة ملايين ونص المليون أرمني.

ورغم أن تركيا، باعتبارها وريثة الدولة العثمانية، تعترف بمقتل ما بين 300 ألف و500 ألف أرمني خلال الحرب العالمية الأولى، إلا أنها ترفض رفضاً قاطعاً اعتبار ذلك إبادة جماعية.

وذكرت صحيفتا «نيويورك تايمز» و«وول ستريت جورنال» أنه من المقرر أن يعلن بايدن تصنيف المجازر «إبادة جماعية» السبت 24 أبريل في الذكرى الـ106 لعمليات القتل الجماعي التي بدأت عام 1915، عندما كانت الإمبراطورية العثمانية تقاتل روسيا القيصرية خلال الحرب العالمية الأولى في المنطقة التي هي الآن أرمينيا.  

ورقة ضغط

الاعتراف الأمريكي بـ”الإبادة الجماعية للأرمن” في أواخر عهد الإمبراطورية العثمانية، أثار موجة غضب واسعة في تركيا وصب مزيدا من الزيت على نار العلاقات المتوترة بين واشنطن وأنقرة. فهل يكون مسمارا جديدا في نعش هذه العلاقات؟.

وتبني الرئيس الأمريكي  للمصطلح سيفرض على السلطات والمؤسسات الأمريكية اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير السياسية والثقافية والرمزية، التي قد تنشئ تصعيدًا حادًا بين تركيا والولايات المتحدة.

القرار التنفيذي الأمريكي المتوقع اتخاذه سيكون تتويجاً لقرار مجلس الشيوخ والكونغرس الأمريكي، الذي اتخذه في أواخر العام 2019، حين اعترف بموجبه بالإبادة الجماعية الأرمنية، ونظم ورعى عددا من النشاطات لإحياء المناسبة، مما أحدث توتراً استثنائياً في علاقات البلدين.

فالولايات المتحدة كانت على عكس الدول الأوروبية تراعي الحساسية التركية من موضوع الإبادة الأرمنية، بسبب أهمية علاقات البلدين السياسية والاقتصادية والسياسية، خصوصاً ضمن حلف الناتو، حتى أن أوساطا ثقافية وسياسية أرمينية كانت تتهم الولايات المتحدة بالضغط على الدول الأوربية لغض النظر عن الموضوع.

كذلك كان قرار الكونغرس الأميركي بمثابة ضربة للعلاقات السياسية الشخصية التي كانت تجمع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان وقتئذ.

فالقرار هو دليل على فشل جميع مساعي مؤسسات الضغط التي مولتها تركيا خلال السنتين الأخيرتين، منذ إقرار الكونغرس بشأن الإبادة الأميركية، والتي وصلت مصاريفها إلى ملايين الدولارات . كما يعني القرار تراجع موقع تركيا والوزن النسبي الذي كانت تشكله بالنسبة للمؤسسات التنفيذية الأميركية، بالذات البيت الأبيض، الذي كان المؤسسة الأميركية الأكثر قرباً وحيوية في علاقته مع تركيا، على عكس المؤسسات التشريعية. حسبما أشارت سكاي نيوز.

شديدة الحساسية

تعد هذه القضية شديدة الحساسية بالنسبة إلى تركيا في هذا الوقت بالذات، وخاصة في ظل العلاقات المتأزمة بين أنقرة وواشنطن على خلفية التوغل التركي في شمال شرقي سوريا.

وتختلف تركيا مع العالم في تقدير أعداد القتلى الأرمن، إذ تقول إن عددهم لا يتجاوز 500 ألف أرمني، وإن تركيا طانت تعيش حربا أهلية وراح ضحيتها أتراك أيضاً.

لكن الأرمن يقولون: إن الدولة العثمانية أبادت 1.5 مليون أرمني خلال تلك الفترة الواقعة بين 1915 – 1917.

تعود هذه الأحداث إلى فترة الحرب العالمية الأولى والتي انهارت خلالها الدولة العثمانية التي كانت تحكمها جمعية “تركيا الفتاة”.

ويقول الأرمن: إن القوات العثمانية آنذاك استهدفت أسلافهم بشكل ممنهج، بالقتل والاعتقال والتهجير، بسبب الشك في دعمهم لروسيا أثناء الحرب.

ويعتبر المؤرخون ما حدث أول عملية إبادة جماعية في القرن العشرين.

ويقدر مؤرخون أن حوالي مليوني أرمني كانوا يعيشون في أراضي الدولة العثمانية مع بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914. وبحلول عام 1922، انخفض عددهم إلى 400 ألف فقط.

ويقول الأرمن: إن الآلاف من أسلافهم تعرضوا للتعذيب والاغتصاب ومصادرة الممتلكات. وسيق كثير منهم لمسافات طويلة عبر الجبال والسهول بلا طعام أو شراب. فكان من لم يُقتل في “المذابح” مات جوعاً أو عطشاً أثناء عملية الترحيل إلى الصحراء في سوريا.

واعترفت 30 بـ”الإبادة الأرمنية” من بينها فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولتوانيا وبلغاريا وهولندا وسويسرا واليونان والأرجنتين وأوروغواي وروسيا وسلوفاكيا والنمسا.

ربما يعجبك أيضا