ملاذ الأتراك يتبخر.. احتيال وسقوط حر لعرش العملات الرقمية

كتب – حسام عيد

شهدنا الأسبوع الماضي هزة ضربت العملات الرقمية، وتعرضت على إثرها لضغوط بيعية كبيرة، دفعتها لفقدان ما يقارب الـ200 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد.

تعددت الأسباب وراء حدوث ذلك، لعل أبرزها؛ تزايد الحديث عن فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية في الولايات المتحدة، والتي قد تصل إلى 39.6% لتمويل التعليم ورعاية الأطفال وذلك تماشيًا مع وعود حملة بايدن الانتخابية السابقة لرفع مساهمة الفرد أكثر كنسبة مئوية من دخلهم.

ولكن السبب الآخر هو عملية الاحتيال غير المسبوقة والتي شهدناها في تركيا على مئات الآلاف من المستثمرين، حيث هرب مؤسس منصة “ثوديكس THODEX” لتداول العملات الرقمية، فاروق فاتح أوزير، بمبلغ ضخم يقارب الملياري دولار.

ونتحدث هنا عن أموال لحوالي 400 ألف مستثمر في هذه المنصة، من بينهم 390 ألفًا ينشطون في التداول. فيما يرى البعض أن عدد المستثمرين في المنصة التركية “ثوديكس” ربما يناهز الـ700 ألف.

المفارقة هنا أن حادثة “ثوديكس” على ما يبدو أسقطت القناع عن عمليات احتيال كبيرة أخرى في سوق العملات الرقمية في تركيا، وتحديدًا في شركة “فيبتكوين Vebitcoin”.

استهداف أكبر المنصات

حالة الذعر التي تسببت بها أكبر عملية احتيال في تاريخ تركيا، دفعت السلطات إلى التحرك العاجل وإصدار مذكرة توقيف دولية بحق “فاروق فاتح أوزير” الذي قد فرّ إلى ألبانيا بملياري دولار حصل عليها من 391 ألف مستثمر؛ وفق ما أفادت وسائل الإعلام الحكومية التركية.

كما اعتقلت الشرطة 62 شخصا في مداهمات متزامنة في 8 مدن تركية بسبب صلات مزعومة بشركة ثوديكس التابعة لأوزير.

ووصف أوزير هذه التهم الموجهة له بأنها مزاعم “لا أساس لها”، وقال إنه موجود في ألبانيا لحضور اجتماعات عمل.

“ثوديكس” أحدثت صدعًا كبيرًا في تركيا، لتطفو معها قضية احتيال أخرى على سطح العملات المشفرة، حيث أعلنت منصة أخرى تعد من أكبر الشركات التركية لتداول العملات المشفرة بوقف أنشطتها لمشاكل مالية إثر التقلبات الحادة في العملات المشفرة.

وتأتي مِنصةٌ أخرى لتداول العملاتِ المشفرة في تركيا تحت المِجهر بعد أن أوقفت الشرطةُ مديرَ عامِ شركة فيبتكوين Vebitcoin وثلاثةَ موظفينَ آخرين في إطار تحقيقٍ حول شُبهة احتيال.

وتعد “فيبتكوين” إحدى أكبرِ مِنصات تداولِ العملات المشفرة في تركيا، هي ثاني منصّةٍ تستهدفُها السلطاتُ خلال أسبوع، بعد أن أوقفت أنشطتَها التي تأثرت بالهبوطِ القوي للبيتكوين الذي تجاوز 20% منذ منتصف ِالشهر الحالي، وتسبّب بمحوِ 200 مليارِ دولار من سوقِ العملات المشفرة، وذلك إثر هروبِ مؤسسِ شركة “ثوديكس” بأصولِ نحو 400 ألف مستثمر بقيمةِ مليارَي دولار.

وكان حجم التداول اليومي لمنصة “فيبتكوين” يقارب الـ60 مليون دولار يوميًا. لكن حتى لم يتم تحديد الخسائر الفعلية.

ودفعت عواملُ عدة بشركةة “فيبتكوين” إلى مأزِقٍ مالي ووقفِ أنشطتِها لتلبيةِ المتطلبات على حد قولها، ما دقّ ناقوسَ الخطر أمامَ هيئةِ التحقيق في الجرائم المالية التركية.

قضيتان خلالَ أسبوع واحد قد تفتحانِ البابَ أمام َسلسلةٍ من التحقيقات قد تطالُ شركاتٍ أخرى، خصوصا مع الانتعاشِ القوي في سوق العملاتِ المشفرة التركية الذي ارتفع من 60 مليونَ دولار في نوفمبر 2020 ليتجاوزَ 716 مليونَ دولار في مارس الماضي مع سعيِ الأفرادِ للحفاظ على مُدّخراتِهم مع التراجعِ المستمرِ لقيمة الليرة وَفقا لبياناتِ شركتَي تحليلِ العملات المشفرة “شين أنالاسيز” و”كايكو”.

تداعيات حادة على “بيتكوين”

جاءت تداعيات ما شهدته سوق العملات المشفرة في تركيا من احتيالات ضخمة وواسعة، حادة على “بيتكوين”، العملة الرقمية الأبرز والأشهر عالميًا، فبعد أن وصل سعر تداولها إلى مستويات فوق الـ64 ألف دولار، انهار إلى مستويات الـ47 ألف دولار يوم الجمعة الموافق 23 أبريل، وحتى في عطلة الأسبوع التي وافقت يوم 25 أبريل الجاري شهدنا عليها ضغوطًا بيعية.

وتشكل تركيا أهمية بالغة لسوق العملات الرقمية، لأن نسبة المستثمرين في “بيتكوين” بحسب الدول، تأتي تركيا في المرتبة الرابعة بعد نيجيريا، فيتنام، الفلبين، على الترتيب، من بين 74 اقتصادًا عالميًا يستثمر بالعملات المشفرة، فهناك ما يقارب الـ16% من الشعب التركي يستثمر في “بيتكوين”، وذلك بطبيعة الحال يعود إلى الضغوط الكبيرة التي تعاني منها العملة المحلية “الليرة” لفترة طويلة، وكذلك معدلات التضخم المفرطة التي باتت تسجلها البلاد، وبالتالي البعض يرى عملة “بيتكوين” من الملاذات الآمنة وأيضًا مخزن للقيمة ويحمي من تقلبات الأسعار والتضخم الذي يناهز اليوم 16.2%.

ومنذ مطلع عام 2021 لوحظ الازدهار المتنامي لسوق الأصول الرقمية في تركيا، وسبق وأن تحدثت وسائل إعلام تركية أن المستثمرون يأملون في الربح من ارتفاع بيتكوين والتحوط من التضخم في البلاد.

وكانت الليرة قد تراجعت بقوة أمام العملة الأمريكية خلال الفترات الماضية، حيث هوى سعر صرفها إلى 8.32 للدولار الأمريكي الواحد، وأمام اليورو أيضًا الذي يتداول في السوق المحلية التركية عند مستويات قريبة من الـ10 ليرات.

ربما يعجبك أيضا