قيرغيزستان وطاجيكستان تدفعان ثمن سياسات السوفييت مجددًا

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

أخيرا توصلت قيرغيزستان وطاجيكستان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد اشتباكات حدودية مؤسفة جرت بين البلدين الشقيقين كما أعرب زعيما قيرغيزستان وطاجيكستان عن رغبتهما في حل الصراع الحدودي من خلال المفاوضات، وشهدت المناطق الحدودية بين البلدين عدة مرات اشتباكات عسكرية بسبب الخلافات على أراضي واسعة متنازع عليها، حيث لم يتم حتى الآن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ترسيم حوالي 480 كيلومترا من الشريط الحدودي بين قرغيزستان وطاجيكستان والممتد لـ980 كيلومترا، وبقيت عشرات المناطق الحدودية محل نزاع بين البلدين.

بداية الأزمة

قرغيزستان، أعلنت سيطرتها على نقطة حدودية طاجيكية خلال مواجهات عنيفة خلفت ضحايا في منطقة حدودية متنازع عليها، فيما صرح مجلس الأمن القومي القرغيزي في بيان، إن قوات بلاده سيطرت على الموقع ردا على قصف نفذته القوات الطاجيكية، وتسبب باندلاع حريق في نقطة حدودية تسيطر عليها قرغيزستان.

وبحسب المحلل السياسي بختيار عبد الكريموف فإن الحدود بين البلدين رسمها السوفييت في فترة 1924-1936 دون النظر إلى الحقائق الاقتصادية والجغرافية والعرقية، ولهذا تسببت في مشاكل خطيرة بين الدول التي ورثت عن السوفييت حدودا معقدة، وتعد الجيوب التابعة لدولة والواقعة ضمن أراضي دولة ثانية من أهم أسباب النزاعات الحدودية في المنطقة، والتي أسفرت عن مقتل مئات الأشخاص خلال فترة الثلاثين عاما.

وأضاف: “نشبت مواجهات من مايو/أيار إلى يونيو/حزيران 1990، بين الأوزبكيين المقيمين في مدينة “أوش” القرغيزية والقرغيزيين، وأسفرت هذه المواجهات عن مقتل 300 شخصا وفقًا لمصادر رسمية، وألف شخص بحسب مصادر مستقلة، فضلًا عن إحراق 573 منزلاً ومتجر و89 سيارة، كما أدّت الأحداث التي وقعت بين الجانبين في يونيو/حزيران 2010، إلى مقتل أكثر من 400 شخصا، ويعد “وادي فرغانة” الذي تتقاسمه كل من أوزبكستان وقيرغيزيا وطاجيكستان، العامل الرئيسي في النزاعات الحدودية، حيث يوجد في الوادي المكتظ بالسكان ثمانية جيوب يحيط بها أراضي دولة ثانية.

وختم بالقول:”يوجد 4 جيوب أوزبكية وجيبان طاجيكيان داخل أراضي قرغيزيا، كما يوجد جيب قرغيزي وآخر طاجيكي داخل أوزباكستان”.

حصيلة الاشتباكات

اندلعت اشتباكات عنيفة تخللها إطلاق نار في المنطقة الحدودية بين طاجيكستان وقرغيزستان، وأفادت دائرة الحدود التابعة للجنة الدولة للأمن القومي في قيرغيزستان، بأن الاشتباكات توسعت في المنطقة الحدودية مع طاجيكستان وبأن الجيش الطاجيكي أطلق النار على نقاط أخرى في تلك المنطقة .

واستمرت الاشتباكات بين حرس الحدود القرغيزي والطاجيكي لأكثر من 6 ساعات ما أسفر عن سقوط ضحايا من االطرفين، حيث لقي أكثر من 20 شخصا مصرعهم وأصيب 150 شخصا على الأقل، قبل أن يتفق الطرفان على وقف إطلاق النار وانسحاب القوات من الحدود.

وأشارت دائرة الحدود القيرغيزية، إلى أن كلا البلدين يعملان على تجميع قوات عسكرية إضافية على طول محيط حدود الدولة بالكامل، منوهة في وقت سابق من اليوم بأن حرس الحدود الطاجيكي أقدم على استفزاز السكان المدنيين ما أدى لنشوب اشتباكات.

والمؤسف أنه تم إضرام النيران في عدد من منازل المدنيين، وتعزيز القوات على الحدود، وتم إجلاء قرابة 850 من سكان قرى قرغيزية على الحدود إلى مواقع أكثر أمناً.

واندلعت أحدث أعمال العنف بسبب قيام الطاجيك بنصب إحدى كاميرات المراقبة أمس الأول الأربعاء. وطالب حرس الحدود القرغيزي بالقرب من قرية كوك تاش بوقف هذا العمل، ثم شارك السكان المحليون من البلدين برشق الحجارة، كذلك ذكرت وكالة “تاس” أن الاشتباكات بين الجانبين أدت إلى احتراق مدرسة وعدد من المنازل في المناطق الحدودية بين الدولتين.

وقف إطلاق النار

وسرعات ما توصلت وزارتا الخارجية القرغيزية والطاجيكية، إلى اتفاق على تسيير نظام لوقف إطلاق النار اعتبارا من الساعة 20:00 بالتوقيت المحلي لمنع تصعيد التوتر العسكري على الحدود بين الدولتين.

وأفادت وزارة الخارجية القرغيزية، في بيان، بأنه “تم نتيجة جولات عدة من المفاوضات بين وزيري الخارجية” لقيرغيزستان، روسلان كازاكباييف، وطاجيكستان، سراج الدين مهر الدين، “التوصل إلى اتفاقات حول وقف كامل لإطلاق النار اعتبارا من الساعة 20:00 وسحب القوات العسكرية إلى مواقع مرابطتها السابقة”، وتشمل هذه الاتفاقات إطلاق دوريات مشتركة للقوات القرغيزية والطاجيكية في المنطقة الحدودية وآليات لمراقبة الأوضاع هناك مع “استمرار الاتصالات المباشرة بين وزارتي الخارجية والوزيرين شخصيا لحل القضايا العالقة بشكل سريع”، وشدد الطرفان، حسب البيان، على ضرورة تسوية الوضع عبر طرق سياسية دبلوماسية، داعين إلى “عدم الانجرار وراء الاستفزازات من قبل بعض القوى الضارة”.

الرئيس القرغيزي

كما أعلن الرئيس القرغيزي، صدير جاباروف، أن الوضع على الحدود مع طاجيكستان استقر، وأكد أن “الوضع في منطقة باتكين بجمهورية قيرغيزستان (قرغيزيا) استقر وأصبح تحت سيطرة رئيس الدولة”، وقال إن مجموعة العمل في منطقة باتكين، التي يرأسها النائب الأول لرئيس وزراء قيرغيزيا، أرتيوم نوفيكوف، اتخذت عددا من الاجراءات لحل النزاع ومنع تصعيد التوتر على الحدود.

الموقف الدولي

فيما دعت الأمم المتحدة على لسان نائب المتحدث باسم أمين عام الأمم المتحدة، فرحان حق ، طاجيكستان وقرغيزستان إلى بذل مزيد من الجهود لإيجاد حل طويل الأمد للنزاعات الحدودية بينهما بالوسائل السلمية، وقال حق: “أجرت الممثلة الأممية الخاصة لآسيا الوسطى، ناتاليا غيرمان، اليوم، محادثات هاتفية مع وزيري خارجية قيرغيزستان (تشينغيز أيداربيكوف) وطاجيكستان (سراج الدين مهر الدين)”، وأضاف أن الممثلة الأممية ناقشت مع الوزيرين “الوضع الراهن على الحدود بين بلديهما”.

بدورها دعت وزارة الخارجية الروسية قيرغيزيا وطاجيكستان، إلى اتخاذ إجراءات لمنع وقوع حوادث جديدة، وأكدت استعداد موسكو للمساعدة في حل أي مسائل خلافية، ودعت الخارجية الروسية البلدين إلى حل خلافاتهما بالطرق السياسية والدبلوماسية، وأعربت الصين، عن أملها أن يحل الجانبان في قيرغيزستان وطاجيكستان الصراع والخلافات بينهما بشكل مناسب.

وقال بين إن “الجانبين توصلا إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار حول الصراع الحدودي، وإن الدولتين جارتان صديقتان وشريكان استراتيجيان شاملان للصين”، وأضاف “نأمل في حل الجانبين التناقضات والخلافات على نحو مناسب بروح من الاحترام المتبادل والتشاور الودي، وذلك من أجل الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين”.

ربما يعجبك أيضا