فلسطين.. هل يقود تأجيل الانتخابات لـ«إلغائها»؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

خلال افتتاح اجتماع القيادة الفلسطينية لبحث ملف الانتخابات، هدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعدم إجراء الانتخابات إذا لم تشمل القدس المحتلة، وذلك بعد تهديد إسرائيل باعتقال رئيس لجنة الانتخابات الفلسطينية في حال ذهب إلى القدس للتحضير للاستحقاق، وسط رفض شعبي وسياسي في الداخل والخارج لعرقلة أو تأجيل الانتخابات، ما حدا بالبعض إلى التساؤل: هل التأجيل ذريعة لإلغاء الانتخابات؟

عباس

تساؤلات مشروعة

صحيحٌ أن إسرائيل تعمل على شرعنة «الوضع الترامبي» للقدس، وصحيحٌ أن السماح بهذا ينبغي أن يظل خطا أحمر. ولكن صحيحٌ أيضًا أن الخوف من نتائج تلك الانتخابات، لو جرت يمتد من تل أبيب إلى واشنطن، مرورا برام الله، فقرار التأجيل حسب وسائل إعلام جاءت بعد ضغوط شديدة أمريكية لاعتقادهم بأن نتائج الانتخابات لن تكون لصالح حركة فتح.

قرار التأجيل أو الإلغاء خطوة «معاكسة» تماماً للإرادة الشعبية والإجماع الوطني، وترسيخٌ للفساد والاستبداد، ويقود لمزيدٍ من الخلاف والانقسام وتدمير المؤسسات الفلسطينية المهترئة، بحسب محللين.

إلى متى سنظل رهينة لقرار الاحتلال؟ متى سيكون قرارنا من رأسنا؟ ألا يعني إلغاء الانتخابات أو تأجيلها «إلغاء» للإرادة الشعبية الفلسطينية وإعادة إنتاج ديكتاتورية قمعية تذعن للإرادة الصهيونية بالسيطرة على مدينة القدس ؟ يتساءل الفلسطينيون

متى تدرك القيادة الفلسطينية أن حق السيادة الفلسطينية على القدس لا يستجدى من الاحتلال، بل ينتزع انتزاعا من خلال الانتخابات الفلسطينية، كما يفرض المقدسيون وجودهم؟ لماذا يصر عباس على تعطيل مؤسسات الدولة الفلسطينية إرضاء للاحتلال؟ ولماذا يتفرد من جديد بمصير الشعب الفلسطيني، دون إجماع وطني ولا قرار جامع؟ أسئلة مشروعة

قرار تأجيل الانتخابات الفلسطينية تحت ذريعة القدس سيؤدي لا شك لانتكاسة في الحياة السياسية، فهو ليس قرارا صائبا لأنه يعطل إيجاد مؤسسات منتخبة تمثل الشعب الفلسطيني، وبالنسبة للقدس فإن استحال الانتخاب فيها، فيمكن للفصائل الفلسطينية أن تتفق على اختيار من يمثل المقدسيين بحكم الضرورة! يقول مراقبون.

مخيب للآمال

قرار التأجيل لاقى استياء داخلياً وخارجياً، فرفَضَه عدد من الفصائل الفلسطينية، فيما وصفه الاتحاد الأوروبي بالمخيب جداً للآمال، وسط مخاوف من تقويض مساعي المصالحة الوطنية.

حركة المقاومة الإسلامية (حماس) نددت بقرار التأجيل معتبرة إياه انقلابا على مسار الشراكة والتوافقات الوطنية، في حين دعا الاتحاد الأوروبي إسرائيل لتسهيل إجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة.

وإلى جانب حماس، رفضت قرار التأجيل كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعدد من القوائم المسجلة للانتخابات التشريعية، وفي المقابل رحّبت بالقرار حركة فتح وبعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.

محمد سامي رئيس حزب الكرامة المصري قال إن «تأجيل الانتخابات الفلسطينية تصرف صادم ومريب يُشعرنا أن هناك أيادٍ تعبث بمصالح الشعب الفلسطيني ويجب قطع العبث والذهاب للصندوق».

في ردود الفعل الخارجية، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن تأجيل الانتخابات الفلسطينية أمر مخيب للآمال بشدة. وأعرب بوريل -في بيان نُشر على الموقع الإلكتروني للاتحاد الأوروبي- عن أسفه لقرار تأجيل الانتخابات الفلسطينية، ودعا إلى تحديد موعد جديد للانتخابات دون تأخير.

في الوقت الذي يتخذ فيه قرار تأجيل الانتخابات لعدم مشاركة سكان القدس الشرقية فيها، والذين لا يتجاوز عددهم 350 ألفاً، حرمت السلطة الفلسطينية عرب 48 اللاجئين في مخيمات الداخل والشتات من الترشح والانتخاب، والذين يتجاوز عددهم 6 ملايين فلسطيني، إذا علمنا أن عدد المسجّلين في القدس للانتخابات نحو 21 ألف شخص، وأنه حتى لو استجابت سلطة الاحتلال لحق المقدسيين في الاقتراع، فإن أقل من ثلث الناخبين سوف يُتاح لهم ممارسته.

تعد هذه الانتخابات التي جرى تأجيلها هي الأولى منذ عام 2006 وقد أسفرت عن فوز حركة حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي أعقبها انقسام حاد بين حماس وفتح، وتسبب الانقسام بين الحركتين في تأجيلها لأكثر من مرة، فقد ألغيت انتخابات كانت مقررة عام 2014 ثم أخرى في العام 2018 لأسباب ومبررات مختلفة.

ربما يعجبك أيضا