العملات الرقمية «ملاذ هش».. من المضاربات السريعة إلى خسائر تريليونية

كتب – حسام عيد

رغم مكاسبها القياسية الرائجة التي فاقت حدود المنطق، مع تكالب كبرى المؤسسات المصرفية العالمية على التعامل بها، وضخ مستثمرين كبار أموالهم بها، إلا أن خسائر العملات الرقمية تتخطي أيضًا حدود الخيال العقلي، وهذا ما حدث بالفعل، فتغريدات للملياردير الأمريكي إيلون ماسك كبدت العملات المشفترة 400 مليار دولار، ثم جاءت إجراءات صينية لتُجهز على تريليون دولار من قيمتها السوقية في 24 ساعة فقط. لذلك؛ سنظل نؤكد ونشدد على أن جميع العملات الرقمية ليست ملاذًا آمنًا نظرًا لمخاطرها المرتفعة للغاية والتي تتجاوز في أحيان كثيرة مخاطر الاستثمار في الأصول العالية المخاطر كالأسهم والسندات.

تقلبات الأسعار.. وتغريدات ماسك ذات الـ400 مليار دولار

وتستمر تقلبات العملات المشفرة بتهديد ثقة المستثمر حيث؛ تراجعت بتكوين العملة الأكثر شهرة في عالم العملات المشفرة من أعلى مستوياتها المسجلة في أبريل إلى ما يصل إلى 30% مع استمرار الغموض الذي يحدثه الرئيس التنفيذي لشركة تسلا في كل تصريح أو تغريدة حول العملة، فبعد أن أعلن إيلون ماسك أن شركة تسلا سوف توقف السماح بشراء سياراتها من خلال عملة “بتكوين” بسبب مخاوف من تفاقم الانبعاثات الناجمة عن الوقود الأحفور والذي يستخدم في تعدين العملات الرقمية، وعلى إثر ذلك تراجعت العملة بشكل حاد تلاها رد مبهم في تغريدة حول بيع تسلا لجميع محفظتها من العملة المشفرة، يعود ويؤكد على أن الشركة ما زالت تحتفظ باستثمارها في عملة البتكوين.

وفي فبراير الماضي، كشفت Tesla أنها اشترت ما قيمته 1.5 مليار دولار من بتكوين وقد تستثمر في المزيد من بتكوين أو العملات المشفرة الأخرى في المستقبل.

في ذلك الوقت ، قالت الشركة إنها ستبدأ في قبول البيتكوين كطريقة دفع لمنتجاتها.

وعلى عكس التوقعات باستمرار صعود سوق العملات الرقمية، تكبدت السوق خسائر صادمة وقياسية بفعل تغريدات ماسك خلال آخر 7 جلسات من التداول، لتقفز خسائر السوق إلى أكثر من 431 مليار دولار بقيادة “بتكوين” التي هوت بما يقرب من 30% لتواجه خلال هذه الجلسات أكبر موجة خسائر خلال العام الحالي.

عملة دوجكوين أيضًا لاقت تقلبات حادة بدعم من إيلون ماسك حيث هوت العملة بنسبة 30% بعد ظهور الرئيس التنفيذي لتسلا في SNL والإشارة إلى العملة بكلمة Hustle، في حين ارتفعت العملة من أدنى مستوياتها المسجلة في أبريل بأكثر من 90%.

الإيثيريوم والذي خطف الأضواء من عملة “بتكوين” خلال الشهرين الماضيين مع تحقيقه أرقاما قياسية وتجاوزه مستويات 4 آلاف دولار، في حين أن التقلبات أيضا لاحقت العملة بعد أن هوت بما يزيد عن 15% من أعلى مستوياتها في مايو.

لتستمر علامات الاستفهام حول مستقبل العملات المشفرة في ظل التقلبات الحادة في أداءها، في حين يستمر الذهب بحصد الأنظار مع تسجيله أعلى مستوياته في 3 أشهر خلال شهر مايو.

حظر الصين وخسائر الـ”تريليون دولار”

وفي تداولات الأربعاء الموافق 19 مايو 2021، سجلت بتكوين وإيثيريوم، أكبر هبوط ليوم واحد منذ مارس من العام الماضي، وهو ما تسبب في خسائر للقيمة السوقية لقطاع العملات المشفرة بكامله تقترب من تريليون دولار.

وجاءت الانخفاضات الحادة بعد أن حظرت الصين على المؤسسات المالية وشركات المدفوعات تقديم خدمات العملات المشفرة.

وهبطت بتكوين إلى 30066 دولارًا، وهو أدنى مستوى لها منذ أواخر يناير قبل أن تتعافى قليلًا إلى 35174 دولارا بحلول الساعة 1415 بتوقيت جرينتش.

وهوت إيثيريوم إلى 1850 دولارا، وهو أيضا أضعف مستوى لها منذ أواخر يناير قبل أن تتعافى إلى 2433 دولارًا.

بدوره قال عبدالله مشاط باحث في العملات الرقمية في مقابلة مع “العربية” إن التراجع الكبير في أسعار العملات المشفرة، سيشكل حقبة جديدة تعقب مرحلة من المضاربات السريعة التي قفزت بقيمة بتكوين 600% خلال 6 أشهر ماضية.

من جانبه، قال علي عسكر المدير التنفيذي للتكنولوجيا في ThalerOS في مقابلة مع “العربية” إن الضغوط التي يضعها بنك الشعب الصيني، على العملات المشفرة ليست جديدة، بل تعود لعام 2017 لكنه عاد ونبه عليها، مؤكدًا أن التحذير من فقاعة العملات الرقمية تكرر آلاف المرات، ولم يحدث شيء.

تلت موجة الهبوط تصريحات جديدة لبنك الشعب الصيني، أعلن فيها أن العملات المشفرة “لم ولن تستخدم كوسيلة للدفع، لأنها ليست عملات حقيقية”، مؤكداً أنه يجب على المؤسسات المالية وشركات المدفوعات عدم تسعير منتجاتها بالعملات المشفرة.

وشملت الخسائر عددًا كبيرا من العملات الرقمية، حيث تراجعت إيثيروم 15%، إلى 2960 دولارا، بيتكوين كاش 16%، كاردانو 15%.

ولم يشمل بيان بنك الشعب الصيني أي قرارات بمنع التعامل في العملات المشفرة، في وقت تمضي الصين لإصدار عملة رقمية خاصة بها.

ربما يعجبك أيضا