وسط محنة «كوفيد-19».. اللقاحات «منحة مليارية»!

كتب – حسام عيد

بنهاية العام الأول لجائحة كورونا الوبائية “2020 عام الجائحة”، دخلت دول العالم، وتحديدًا المتقدمة والناشئة، عبر كبرى شركاتها في سباق محتدم، كانت غايته الأولى؛ تصنيع لقاح قادر على التصدي لفيروس كوفيد-19 وإضعافه وحماية الشعوب والمجتمعات، ومن ثم تسريع عملية التعافي الاقتصادي المنشود، لكن مع دخول الفيروس التاجي المستجد موجتيه الثانية والثالثة، والرابعة في بعض الدول الغربية حاليًا كاليابان، تحولت الغاية إلى تنافس شرس على كعكة الإيرادات المأمولة من تزويد الدول الراغبة باللقاحات، خاصة الأكثر فعالية وأمانًا منها، وأيضًا الأعلى سعرًا، كلقاح فايزر-بيونتك، وكذلك لقاح “سينوفارم” الصيني الذي أصبح يغطي رقعة شاسعة من العالم، وتتهافت دول مختلفة على توقيع اتفاقيات شراكة مع الحكومة الصينية لبناء مصانع تنتج ذلك اللقاح على أراضيها، لرفع معدل جرعات التطعيم لمواطنيها بأهداف بلوغ مناعة القطيع في أقرب وقت ممكن.

وبالفعل، اليوم أصبح هناك 9 شركات مصنعة للقاحات كورونا تجني 190 مليار دولار 2021، والصين لوحدها الصين تستحوذ على ما لا يقل عن ربع الإيرادات المتوقعة عالميًا بنحو 840 مليار دولار.

مبيعات اللقاحات تلامس الـ190 مليار دولار

شركات تصنيع الأدوية كانت من بين الشركات التي استفادت من أزمة كورونا وبرامج التلقيح حول العالم؛ إذ كشفت دراسة أخيرة أجرتها شركة “إير إنفنيتي” لتحليل بيانات العلوم، أن 9 شركات مصنعة للقاحات كورونا أبرزها “فايزر” و”موديرنا” و”ساينوفارم” ستحقق هذا العام من مبيعات اللقاحات 190 مليار دولار.

وسيعتمد ذلك على أسعار اللقاحات وما إذا كانت الشركات ستحقق بالفعل أهدافها في الإنتاج والتسليم.

وتعتبر الصين من أكثر الدول المصدرة للقاحات حول العالم ومن المتوقع أن تستحوذ على ما لا يقل عن ربع الإيرادات المتوقعة عالميًا من مبيعات اللقاحات أي نحو 840 مليار دولار.

وكان صندوق النقد الدولي، قد أشار الأسبوع الماضي إلى أن استثمار 50 مليار دولار قد يساعد في تحصين 40% على الأقل من سكان العالم بحلول نهاية هذا العام و 60% أو أكثر بحلول النصف الأول من عام 2022.

ولكن شركة الأبحاث “إير إنفنيتي” توقعت أن يكون الإنتاج الفعلي للقاحات هذا العام أقل بنسبة 42% من المستويات المتوقعة من قبل الشركات التي قد تواجه صعوبات في الإنتاج، أي أن الإيرادات ستسجل 97 مليار دولار.

صناعة الأرباح الطائلة

في بداية تفشي الوباء خرجت تحذيرات من أن تطوير لقاح يحتاج إلى سنوات وبالتالي ألا نتوقع الكثير مبكرا.

والآن، تتسارع حملات وبرامج التلقيح الوطنية وعمليات التطعيم، وأصبحت الشركات التي وقفت وراء الفرق المتنافسة لإنتاج اللقاحات أسماء مألوفة في وسائل الإعلام.

ونتيجة لذلك، يتوقع محللو الاستثمار أن تجني شركات التكنولوجيا الحيوية الأمريكية، مثل؛ موديرنا، والألمانية بيونتيك مع شريكتها الأمريكية العملاقة فايزر، بالإضافة لمجموعة الصين الوطنية للتكنولوجيا الحيوية “سينوفارم”، مليارات الدولارات خلال العام الجاري 2021.

فنتيجة لطريقة تمويل هذه اللقاحات وعدد الشركات التي انضمنت لسباق تصنيعها، يمكن لأي فرصة لتحقيق مكاسب ضخمة أن تكون قصيرة المدى.

بسبب الحاجة الملحة للقاح، ضخت الحكومات والجهات المانحة مليارات الدولار في مشروعات لتطويره واختباره.

ووفقاً لشركة “إير إنفنيتي”، قدمت الحكومات 6.5 مليار جنيه إسترليني. وقدمت المنظمات غير الهادفة للربح “الخيرية” نحو 1.5 مليار جنيه إسترليني. بينما لم تتجاوز الاستثمارات الخاصة بالشركات 2.6 مليار جنيه إسترليني، إذ يعتمد الكثير منها بشدة على الاستثمارات الخارجية.

ولدى لقاحات فيروس كورونا المختلفة التي يتم توزيعها حاليًا حول العالم القدرة على إنهاء أسوأ جائحة شهدتها البشرية منذ قرن. ولكن، في المقابل تعني أيضًا مبيعات بمئات المليارات من الدولارات لشركات الأدوية التي تصنعها.

ومن المرجح أن يكون لقاح “كوفيد” الذي طورته شركة فايزر بالتعاون مع شركة “بيونتك” الألمانية، مصدر دخل أكبر، فمع تسعيره عند ما يقارب الـ20 دولارًا للجرعة الواحدة، تتوقع شركة “فايزر” أن تصل مبيعات اللقاح إلى حوالي 15 مليار دولار بحلول نهاية هذا العام، بهامش ربح يقارب 30%.

من جانبها، قالت شركة أسترازينيكا، بنهاية أبريل الماضي، إن لقاحها المضاد لكوفيد-19 حقق مبيعات بلغت قيمتها 275 مليون دولار في الربع الأول، فيما أعلنت شركة صناعة الدواء نتائج مالية وتوقعات بنمو أفضل للمبيعات.

وشملت إيرادات اللقاح تسليم نحو 68 مليون جرعة في أنحاء العالم، وبلغت المبيعات إلى أوروبا 224 مليون دولار، بينما باعت الشركة لقاحات بقيمة 43 مليون دولار إلى الأسواق الناشئة، وحققت المبيعات إلى بقية أنحاء العالم 8 ملايين دولار.

سوق تنافسي

وبحسب موراي أيتكين، نائب رئيس شركة IQVIA، من المتوقع أن يصل الإنفاق على اللقاحات إلى أعلى مستوياته هذا العام عند 54 مليار دولار مع حملات التطعيم الضخمة الجارية في جميع أنحاء العالم. وسينخفض بعد ذلك إلى 11 مليار دولار في عام 2025، حيث ستؤدي المنافسة المتزايدة وحجم اللقاحات إلى انخفاض الأسعار.

ومع افتراض أن كل جرعة يبلغ سعرها 18 دولارًا، فإن شركة موديرنا التي وقعت عقدًا تسلم بموجبه ما يصل إلى 160 مليون جرعة، يمكنها على سبيل المثال جني 3 مليارات دولار.

ومن المتوقع أن يصل الإنفاق على اللقاحات إلى أعلى مستوياته هذا العام عند 54 مليار دولار مع حملات التطعيم الضخمة الجارية في جميع أنحاء العالم. وسينخفض بعد ذلك إلى 11 مليار دولار في عام 2025، حيث ستؤدي المنافسة المتزايدة وحجم اللقاحات إلى انخفاض الأسعار.

وختامًا، يمكن القول؛ إن القيمة التي يجلبها اللقاح إلى العالم أعلى بكثير من سعره، ليس فقط من ناحية القيمة الصحية، بل القيمة الاقتصادية هائلة.

ولكن سواء أضافت المليارات أو لا شيء إلى صافي أرباح الشركات الفردية، هناك شيء واحد واضح، وهو؛ اللقاحات تعد نعمة لم يسبق أن شهدت الصناعة مثلها من قبل.

ربما يعجبك أيضا