هل بدأت الحرب السرية ضد إيران؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

صار قصف وعدوان إسرائيل المتكرر على مواقع ومخازن وقواعد النظام العسكرية في ريف دمشق ومناطق أخرى في سوريا ومواقع الحرس الثوري الإيراني ومليشياته واقعاً روتينياً محرجاً لسوريا وإيران، إلا أن المستغرب أننا لم نعد نسمع «نحتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين من محور المقاومة ووكلائه!».

حصاد سقوط سوريا في براثن إيران التوسعية أن أصبحت إسرائيل تغير على سوريا ليل نهار، لا تتورع في ضرب وقصف العمق السوري، وأصبحت الأجواء السورية «نزهة» المحتل الإسرائيلي وهذه بركات التمدد الإيراني، فإيران قدمت سوريا فريسة لإسرائيل لتفعل بها ما تفعل. غير أن الجديد في الأمر، هو أن الغارات الإسرائيلية والاستهداف المباشر للمصالح الإيرانية يأتي ضمن حربا سرية بضوء أخضر من واشنطن في محاولة منها لتقويض النفوذ الإيراني وتقليم أظافرها في المنطقة. يقول مراقبون

القادم «قلب» طهران

في فترة حساسة للغاية وحديث عن عمليات سرية داخل إيران، يبدو أن تل أبيب تلقت توجيها أمريكيا بالاستعداد لاحتمال ضربة عسكرية ضد إيران. احتراق سفينة شحن النفط الإيرانية أمام مصب بانياس قبل أسابيع ليست العتبة الأولى في الحرب البحرية المخفية بين إسرائيل وإيران ولن تكون خاتمتها، والمرحلة توحي بمزيد من التصعيد القادم مع ملامح لوجود الناتو في سماء سوريا.

تواصل إسرائيل قصف المليشيات الإيرانية في سوريا إذن، فيما إيران تواصل توزيع العبارات الرنانة بـ«الرد» بيد أن القادم ربما سيكون قلب طهران. تستهدف إسرائيل قوات الحرس الثوري في سوريا متى شاءت، وخامنئي ونظام الملالي صامتون تمامًا خوفًا ويطلب من الآخرين التزام الصمت، حتى أن العالم النووي الإيراني الأول، محسن فخري زاده، قتل في قلب العاصمة طهران بعملية اغتيال جريئة ومحكمة، ولا تزال إيران تتهم إسرائيل وتتوعد بالرد، فيما بدا النظام الإيراني في حالة هلع من القادم المجهول.

بيني غانتس، وزير دفاع الاحتلال، الذي انتقد رئيس الحكومة السابقة، بنيامين نتنياهو في أكثر من مناسبة، لأنه يوجه ضربات «ناعمة وغير موجعة» لدمشق على حد قوله، يبدو أكثر جدية في تقليم أظافر إيران في المنطقة وعملائها خاصة مع تلويحه أكثر من مرة بعدم السماح لإيران بالتموضع قرب الجولان، لكن: هل يعني ذلك بدء الحرب السرية ضد إيران؟

إذا كان الأمر كذلك، فلماذا تم استدعاء غانتس إلى واشنطن بهذه السرعة قبيل ساعات من انتهاء مهلة نتنياهو لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة ؟ أليست محاولة لمنع نتنياهو من شن عدوان ضد إيران، وتعطيل تشكيل حكومة ائتلافية تمهيدا للإطاحة به من السلطة، خاصة وأنه لا يخفى على أحد حجم التباينات في المواقف المعلنة والمخفية بين الإدارة الأمريكية الجديدة، ونتنياهو.

اتفاق سري

بل ذهب البعض إلى حد الاعتقاد بأن هناك اتفاقا سريا بين تل أبيب وطهران «واضحا كوضوح الشمس» مستدعين في ذلك التاريخ البعيد والقريب من دعم تل أبيب لطهران في حربها ضد العراق وإمدادها بالسلاح، والسماح للنفوذ الإيراني بالتوسع في المنطقة في دمشق وصنعاء وبيروت فضلا عن بغداد، والهدف كما يقولون، محاربة السنة والقضاء عليهم.

وإلا فلم سهلت أمريكا دخول إيران إلي سوريا والعراق مع استمرار بقائها حتي الآن ؟! لماذا أمريكا صامتة علي تواجد جماعة الحوثي الإرهابية في اليمن، والحوثي كما هو معلوم للجميع مدعومة من إيران!

قيل في حرب تموز ٢٠٠٦ أنها حرب إيرانية إسرائيلية على أرض لبنان، نحو ٣٣ يوما وانتهت المعركة، لكن اليوم سوريا تستباح إسرائيليا بلا سقف زمني بحجة ضرب أدوات إيران، ٥ سنوات وأكثر وإيران تضرب من إسرائيل في سوريا وترد في اليمن! واليوم إيران تضرب من إسرائيل ولا ترد مطلقا! استولت على سوريا لكي تتلقى الضربات! يقول مراقبون

حرب اقتصادية

الهجمات الإسرائيلية المتكررة بحق سفنا إيرانية، كانت ضمن حرب اقتصادية تشنها تل أبيب ضد إيران منذ أعوام بهدف إحباط عمليات تهريب النفط البحري من إيران إلى سوريا من خلال قصف ما لا يقل عن 20 سفينة إيرانية، آخرها غق أكبر سفينة دعم لوجستي تابعة للجيش والبحرية الإيرانية، بعد أن اشتعلت النيران فيها وفشلت معها محاولات الإنقاذ.

ليس هذا فحسب، فثمة حربا إلكترونية تدور بين طهران وتل أبيب إيران وإسرائيل، هذه الحرب هي حرب خفية لا يتم فيها الإعلان بشكل رسمي عن نجاح العمليات، إذ رجح مراقبون أن يكون الانفجار الغريب الذي حصل في منشأة نطنز النووية هو فصل من فصول هذه المواجهة بين إيران وإسرائيل

ولتل أبيب تاريخ «قذر» في ضرب المنشآت النووية في المنطقة، إذ دمرت مفاعل أوزيراك العراقي عام 1981، ومفاعل الكبر النووي شرق سوريا عام 2007، وساعدت كما قيل في شن حرب إلكترونية ضد أجهزة الطرد المركزي الإيرانية عام 2009 حيث نشر فيروس «ستاكسنت».

حق الرد !

كم مرة سمعنا المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، اللواء أبو الفضل شكارجي، يهدد بـ«تسوية مدينتي تل أبيب وحيفا بالأرض على الفور» في حال ارتكبت إسرائيل «أي خطأ» ضد إيران !فأين كان الرد الذي لم تبصره عيوننا حتى اليوم !!

تخيل أنه منذ العام 2019 إلى الآن تم قصف 20 سفينة إيرانية، قصفت مئات المواقع لإيران في سوريا وقصفت مواقع ميليشياتها في العراق وقتل عالمها النووي الأول، كل هذا اعترفت به إسرائيل، وإيران كل ما تملكه «التهديد»!

هذا في الخارج، أما الداخل الإيراني فحدث ولا حرج، ولا أدل من ذلك، مثل اغتيال «فخري زاده» ومن قبه العملية المشهورة بـ«الأرشيف النووي» والتي تمكّنت خلالها فرقة سرية من «الموساد» عبر عملية «نوعية» داخل الأراضي الإيرانية، من تسريب آلاف الوثائق والخرائط لبرنامج طهران النووي، كشف عن تفاصيلها نتنياهو خلال مؤتمر له في أبريل (نيسان) من العام ذاته 2018، واصفاً ما بين يديه آنذاك، بـ«أدلة دامغة» على برنامج إيران السري للأسلحة النووية.

غزة

لماذا بعد حرب غزة؟

لماذا بدأت إسرائيل حملة قصف عنيفة على الأراضي السورية والمواقع الإيرانية في سوريا بعد حرب غزة التي مني فيها الاحتلال بهزيمة مذلة أجبرته على قبول الوساطة لوقف العدوان على غزة بشروط المقاومة؟ يتساءل البعض

يقول متابعون «ساخرون» بأن الاحتلال يدرك تماما بأن نظام الأسد لا يملك القدرة على الرد ولو بـ«حجر»، فجاء القصف وكأنه نوع من «التشفي» من قبل الاحتلال. ففي الوقت الذي يتلقى الأسد ضربات المحتل، ينتقم من السوريين بالبراميل المتفجرة، فيما ترد إسرائيل ضربات المقاومة، بالانتقام من بشار في محاولة منها للمداراة على خسائرها المادية والمعنوية التي منيت بها في الأراضي المحتلة مؤخرا.

ربما يعجبك أيضا