في قمة السبع.. الصين كبش فداء لتطلعات بايدن الدولية

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

مع ختام قمة مجموعة الدول السبع، برزت الخلافات الأمريكية الصينية بعد نحو ثلاثة أشهر من الإفصاح عن خلافاتهما أمام عدسات كاميرات العالم بأسره، تزامنًا مع سلسلة قمم نددت بها بكين معتبرةً أنها تمثل “تعددية زائفة”، منتقدة المساعي الأمريكي لتوحيد جهود حلفائها في مواجهة النفوذ الصيني المتنامي لاسيما في ظل القضايا الخلافية وأبرزها منشأ كورونا وانتهاكات بكين الدولية.

خلافات أمريكية صينية

منذ بداية توليه السلطة في يناير الماضي، سعى الرئيس الأمريكي جو بايدن لتوحيد جهود حلفائه الغربيين في مواجهة بكين في عدد كبير من الملفات، من التجارة إلى حقوق الإنسان مروراً بقطاع التكنولوجيا، في ما يعتبر أنه أولوية استراتيجية لولايته.

من جهته، عدد وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن أبرز القضايا الخلافية بين واشنطن وبكين وأبرزها:

– منشأة كورونا، فقد كان بدوره الملف الثاني الأبرز الذي ناقشه زعماء دول مجموعة السبع وعينهم على الصين، إذ كشف رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس أن المناقشات شملت فرضية انتشار جائحة كوفيد- 19 بسبب تسرب من مختبر صيني.

ويأتي ذلك بعد دعوة وجهها الرئيس الأمريكي إلى من وصفهم بـ”الشركاء” في الضغط على الصين للمساهمة في تحقيق دولي شامل وشفّاف حول مصدر الفيروس، بينما أمر أجهزة بلاده بإجراء تحقيق حصر مدته في تسعين يوم

ولم تعد فرضية تسرب الفيروس من مختبر ووهان مستبعدة، إذ قال تيدروس للصحفيين في قمة مجموعة السبع: “نعتقد أن كل الفرضيات يجب أن تكون مفتوحة، ونحن بحاجة إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية لمعرفة المنشأ حقا”.

– انتهاكات الإيجور وهونج كونج، وفي هذا الصدد أعرب وزير الخارجية الأمريكية عن “قلق” بلاده بشأن “الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي تُرتكب” وتستهدف بحسب الحكومة الأمريكية، مسلمي الإيجور في منطقة شينجيانج. وكذلك أبدى قلقاً حيال “تدهور المعايير الديموقراطية في هونج كونج”.

– وتحدث بلينكن بحسب وزارة الخارجية، أيضاً عن كوريا الشمالية و”ضرورة أن تعمل الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية معاً من أجل نزع السلاح النووي لشبه الجزيرة الكورية” إضافة إلى إيران وبورما وأزمة المناخ.

تكاتف دولي لمواجهة نفوذ الصين

وفي سياق متصل، يرغب قادة المجموعة -الولايات المتحدة، وكندا، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، واليابان- في استخدام تجمعهم لتوجيه رسالة للعالم بأن أغنى الديمقراطيات يمكن أن تقدم بديلاً لنفوذ الصين المتنامي.

لكن يبدو أنه لا يوجد إجماع حتى الآن بين دول مجموعة السبع حول ما إذا كانت الصين شريكا أم منافسا أو أنها تشكل تهديدا أمنيا.

وقال مصدر دبلوماسي إن رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، قاد مناقشة لمجموعة السبع بشأن الصين، ودعا القادة إلى التوصل إلى نهج موحد لمواجهة التحديات التي تفرضها جمهورية الصين الشعبية.

وتخطط مجموعة السبع لتزويد الدول النامية بخطة بنية تحتية يمكنها أن تنافس مبادرة الحزام والطريق – طريق الحرير – التي تبلغ ميزانيتها عدة تريليونات من الدولارات.

وقال الرئيس بايدن إنه يريد أن تكون خطة إعادة بناء عالم أفضل (B3W) المدعومة من الولايات المتحدة بديلا عالي الجودة لمبادرة الحزام والطريق الصينية.

الصين تحذر

من جانبها، ردت بكين مرارًا وتكرارًا على ما تعتبره محاولات من جانب القوى الغربية لاحتواء الصين، وقالت: إن العديد من القوى الكبرى لا تزال تفكر بعقلية إمبراطورية عفا عليها الزمن بعد سنوات من إذلال الصين.

و قالت على لسان المتحدث باسم السفارة الصينية في لندن: “إن الأيام التي تقرر فيها مجموعة صغيرة من الدول مصير العالم قد ولت منذ زمن بعيد”، وذلك ردًا على مجموعة السبع للدول الأكثر ثراء التي حاولت اتخاذ موقف موحد بشأن بكين.

وتابع: “نعتقد دائما أن الدول، كبيرة كانت أم صغيرة، قوية أم ضعيفة، فقيرة أم غنية، متساوية، وأنه يجب معالجة الشؤون العالمية من خلال التشاور بين كل الدول”.

جاء ذلك خلال فترة اجتماعات قادة مجموعة السبع “G7” في جنوب غرب إنجلترا، التي تبحث عن رد موحد على الحزم المتنامي للرئيس الصيني، شي جين بينج، بعد الصعود الاقتصادي والعسكري المذهل للصين خلال الأربعين عاما الماضية، حيث يريد قادة المجموعة، الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا واليابان، استخدام تجمعهم في منتجع “كاربيس باي” الإنجليزي، ليظهروا للعالم أن “أغنى الديمقراطيات يمكن أن تقدم بديلا لنفوذ الصين المتنامي”.

وسيمثل هذا الجهد أول استجابة رئيسية من قبل الولايات المتحدة ودول مجموعة السبع الأخرى للمبادرة التي أطلقتها الصين عام 2013، والتي زادت بشكل كبير من نفوذها في جميع أنحاء العالم حيث وقعت أكثر من 60 دولة صغيرة على إنشاء مشاريع أو أعربت عن رغبتها في القيام بذلك.

أهداف بايدن

يبدو جليًا من إبراز المعضلة الصينية، أن أحد أبرز أهداف الرئيس الأمريكي جو بايدن في أول رحلة له إلى الخارج تتمثل في عودة الولايات المتحدة إلى الساحة الدولية بعد انعزالها في عهد دونالد ترامب، من خلال توحيد صفوف حلفائه البريطانيين والفرنسيين والألمان والإيطاليين واليابانيين والكنديين في مواجهة موسكو وبكين.

فعلى صعيد الوباء، تبنت مجموعة السبع خطة لمنع تفشي الأوبئة في المستقبل، بعدما وعدت بتقديم مليار جرعة من اللقاحات المضادة لكوفيد-19 إلى الدول الفقيرة حيث حملات التلقيح لا تزال بطيئة.

في إطار رحلته الأسبوع الماضي، كتب بايدن في صحيفة واشنطن بوست أن “الولايات المتحدة يجب أن تقود العالم من موقع قوة” ، بما في ذلك مواجهة “الأنشطة الضارة لحكومتي الصين وروسيا”.

وجاء تعهد بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بدعم مزيد من التحقيق في أصول فيروس كورونا، ليعزز جهود بايدن لإعادة فحص أصول الفيروس، بما في ذلك التدقيق الجديد في نظرية التسرب في المختبر الصيني.

وبحسب ما ورد، من المتوقع أيضًا أن تشهد القمة إطلاق بديل أخضر دفعه بايدن في البداية لمنافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية، بهدف دعم التنمية المستدامة في البلدان النامية.

وبعد البيان الختامي والمؤتمرات الصحفية التقليدية، سيحتسي بايدن الشاي مع الملكة إليزابيث الثانية في قصر ويندسور. وسيجتمع بعدها مع حلفائه الأساسيين خلال قمة لحلف شمال الأطلسي في بروكسل، قبل لقاء مرتقب جدًا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء في جنيف.

ربما يعجبك أيضا