«بيبي» و«بينيت».. وجهان لعملة واحدة!

محمود

رؤية – محمد عبد الكريم

القدس المحتلة – بيبي، أو الملك ألقاب أطلقت على رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، خلال تربعه على عرش الحكم في كيان الاحتلال لمدة 12 عاما، سنوات عمل خلالها “بيبي” على الإجهاز على معسكر اليسار في إسرائيل، حتى بات الصراع السياسي فيها أي اليمن أكثر تطرفا.

ومن معسكره يؤتى الحذر، هكذا شقّ زعيم اليمين المتشدّد في إسرائيل نفتالي بينيت (49 عاماً)، طريقه السياسي ببراعة إلى يمين «معلمه» السابق بنيامين نتنياهو الذي يستعد للحلول محله.

المليونير ورجل الأعمال السابق في مجال التكنولوجيا الفائقة، حزب «يمينا» المتطرف، يتحدّث الإنجليزية بلكنة أميركية كمعلمه تماما، والحريص دوماً على وضع قلنسوته على رأسه الأصلع، كان «تلميذاً» لنتنياهو، وهو لا يزال يشاطره العقيدة، لكنّه ينتقد إدارته للبلاد.

وكان بينيت جزءاً من حكومة بنيامين نتنياهو التي انهارت في عام 2018، وقد شغل منذ عام 2013 خمس حقائب وزارية كان آخرها الدفاع في عام 2020، لكنّ نتنياهو لم يطلب منه الانضمام إلى حكومة الوحدة التي تشكلت في مايو (أيار).

ووُلد بينيت، وهو جندي سابق في القوات الخاصة، في حيفا في 25 مارس 1972 لأبوين مولودين في الولايات المتحدة ويعيش مع زوجته غاليت وأربعة أطفال في مدينة رعنانا بوسط البلاد.

وعلى غرار نتنياهو، خدم في وحدة «سايريت ماتكال» العسكرية النخبوية، ودخل السياسة بعد بيع شركته التكنولوجية الناشئة مقابل 145 مليون دولار في 2005. في العام التالي، أصبح مدير مكتب نتنياهو الذي كان في ذلك الوقت في المعارضة. وهو مُجاز في الحقوق.

وأحدث بينيت ثورة في السياسة في عام 2012 عندما تولّي مسؤولية حزب «البيت اليهودي» اليميني المتشدد الذي كان يواجه احتمال خسارة كلّ مقاعده في البرلمان، فنجح في تعزيز حضوره البرلماني بأربعة أضعاف، بعدما أدلى بسلسلة تصريحات نارية حول الصراع مع الفلسطينيين.

في 2013 قال: «يجب قتل الإرهابيين الفلسطينيين وليس إطلاق سراحهم». وقال إن الضفة الغربية ليست تحت الاحتلال لأنّه «لم تكن هناك دولة فلسطينية هنا»، وإنّ «الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني لا يمكن حلّه». ويُعد من أشدّ المعارضين لقيام دولة فلسطينية.

وبالإضافة إلى توليه حقيبة الدفاع، شغل بينيت منصب وزير الاقتصاد والتعليم في حكومة نتنياهو. وفي 2018، أعاد تسمية حزب البيت اليهودي باسم «يمينا» إلى «اليمين».

وعلى الرّغم من خلفيته الدينية اليمينية، لا يمتنع بينيت عن مصافحة النساء ولا تعنيه الأسئلة حول مكانة الدين في الدولة، ولديه أفكار ليبرالية حول بعض القيم خصوصاً فيما يتعلق بقضايا مجتمع المثليين.

استنساخ للمواقف السياسية من كافة الملفات الكبرى الاختلاف لا يكاد يذكر

أوضح نفتالي بينت، خلال كلمته في «الكنيست»، أن إسقاط حكومة نتنياهو لا يعني تغييراً في السياسات الكبرى، خاصة في ما يتعلّق بالموقف من إيران والاتفاق النووي وسوريا ولبنان والموضوع الفلسطيني، إذ عبَّر عن معارضته لعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، مُكّرراً القول: إن إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، وستحافظ على حرّية عمل كاملة، في موقف مطابق في المضمون والمفردات للخطاب الذي يعتمده نتنياهو.

وفي ما يتعلّق بالموقف من قطاع غزة، تمنّى بينت استمرار وقف إطلاق النار. أمّا في حال خرقه، فقد حرص على منافسة نتنياهو في إطلاق التهديدات، متوعّداً بردّ كبير على ذلك. وكرّر الالتزام الإسرائيلي التقليدي بإعادة الجنود الأسرى في غزة، واصفاً استعادتهم بأنها «واجب مقدس، ينبغي تنفيذه بمسؤولية». ومع أن نتنياهو لا يستطيع أن يزايد على بينت في موقفه من الدولة الفلسطينية، وخاصة أن الأخير يدعو إلى ضمّ «مناطق ج» التي تشكّل نحو 60% من الضفة الغربية، إلى إسرائيل، إلّا أنه تناول هذه القضية، مشيراً إلى أنه «فضلاً عن إيران، التحدّي الثاني أمامنا هو منع قيام دولة فلسطينية تهدّد وجودنا»، وهو بذلك يصوّب على وجود أصوات داخل الحكومة الجديدة تتمايز في بعض الخطوط عن اليمين الإسرائيلي.

وقال بينيت -في أول اجتماع لحكومته- ”إذا أردنا أن يتكلل عملنا بالنجاح، فسنضطر للحفاظ على ضبط النفس من المنظور الأيديولوجي، والتركيز على الحياة نفسها مثل شق الطرق والتعليم والصحة والاقتصاد والأمن، وهو ما يجد فيه بينت اختلافا عن نهج سلفه ومعلمه.

هذا هو شكل الحكومة الجديدة

“قتلتُ أنا شخصيًّا عددًا كبيرًا جدًا من العرب خلال حياتي، ولا توجد لديّ أيّ مشكلةٍ مع مُواصلة قتل العرب”،هكذا يعبر بينت في إحدى مقابلاته الصحفية عن رؤيته للصراع.

وفي هذا السياق، قال كاتبان إسرائيليان: إنّ انتخاب الحكومة السادسة والثلاثين رسميًا، كشف عن سلسلة الأخطاء التي ارتكبها بنيامين نتنياهو على طول 12 عامًا ماضية.

وتابع الكاتبان أنّه “بعد أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية، يمكن تحديد الفائزين والخاسرين في الحملة الانتخابية الأخيرة، لأنّ هذا التحوّل سيُنهي 12 عامًا من حكم نتنياهو، الأمر الذي سيجعله الخاسر الأكبر، الذي يتعيَّن عليه إخلاء مقعده بعد 12 عاما في المنصب، حيث تعرض لانتقاداتٍ بسبب عددٍ غيرُ قليلٍ من الأخطاء التي ارتكبها على طول الطريق، خاصّةً في السنوات الأخيرة، وهي إخفاقات كلفته خسارة موقعه”.

 بالإضافة إلى ما ذُكِر أعلاه، أكّدا أنّه “مقابل خسارة نتنياهو، فإنّ هناك فائزًا أكبر؛ هو أفيغدور ليبرمان وزير المالية، باعتباره أقوى رجل في الحكومة، وسيكون أقوى من أيّ وقتٍ مضى؛ لأنّ حزبه (يسرائيل بيتنا) يرأس أيضًا اللجنة المالية في الكنيست، رغم أنّه أعلن عدم المشاركة في حكومة مع الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة، وحقيقة أنّه سيرأس وزارة المالية واللجنة المالية، فهذا وحده يُثير قلقًا كبيرًا في صفوف الحزبيْن الدينيين المُتزمتيْن (يهدوت هاتوراة) وحزب (شاس)”.

 وأضافا أنّ “يائير لابيد رئيس الحكومة في العامين الأخيرين من الحكومة الجديدة خلفًا لنفتالي بينيت، حارب لمدة عامين ونصف ليحل محل نتنياهو، وبالكاد نجح، حتى جاءت حرب غزة الأخيرة لتظهر أنّ (حكومة التغيير) ستُلقى في مزبلة التاريخ، لكنّه اليوم أصبح رئيس الوزراء البديل، وحقق هدف المعسكر، ويحل محل نتنياهو، ويثبت نفسه كزعيمٍ لمعسكر يسار الوسط”، على حدّ تعبيرهما.

 وخلُص الكاتِبان إلى القول: إنّ “الخاسر أمامه هو زعيم حزب أزرق- أبيض بيني غانتس، وزير الأمن في الحكومتين الذاهبة والقادمة، صحيح أنّه حظي بثمانية مقاعد في الكنيست، لكن حلمه بقي وراءه، ولن يكون رئيس الوزراء في الجولة الحالية”، وفق ما أكّداه الباحثان في مقالهما التحليليّ.

جديرٌ بالذكر في هذه العُجالة أنّه للمرّة الأولى في تاريخ إسرائيل يُشارك حزبًا عربيًّا (القائمة العربيّة المُوحدّة- الحركة الإسلاميّة بقيادة د. عبّاس منصور) في الحكومة، ويُوقِّع على اتفاقيةٍ مع المُكوّنات الأخرى في التوليفة الجديدة، والسؤال الأهّم: هل ستُنفِّد الحكومة الوعود التي قطعتها على نفسها؟.

فلسطين: سياسات حكومة بينيت لن تتغير عن سابقتها “إن لم تكن أسوأ”

وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إنه “من غير الدقيق تسمية الحكومة الإسرائيلية الجديدة بحكومة تغيير، إلا إذا كان المقصود بالتغيير إزاحة بنيامين نتنياهو؛ لأن سياساتها لن تتغير عن الحكومة السابقة إن لم نشاهد أسوأ منها”.

واعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية اليوم الإثنين، أنه لا مستقبل للحكومة الجديدة في إسرائيل من دون تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه.

وقال اشتية -في مستهل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء في مدينة رام الله- “لا يوجد للحكومة الإسرائيلية الجديدة أي مستقبل إن لم تأخذ بالاعتبار مستقبل الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة”.

وأضاف أن “المطلوب من الحكومة الإسرائيلية الجديدة بدء العمل على إنهاء الاحتلال وأدواته الاستعمارية وفي مقدمتها الاستيطان والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني”.

وتابع قائلا: “لا نعتبر أن الحكومة الجديدة في إسرائيل أقل سوءا من سابقتها، وندين إعلان رئيس الوزراء الجديد نفتالي بينت دعم الاستيطان خاصة في المناطق المسماة ج (في الضفة الغربية)”.

واعتبر اشتية أنه بمغادرة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو سدة الحكم في إسرائيل بعد 12 عاما من توليه منصبه “تكون قد طويت واحدة من أسوأ المحطات في تاريخ الصراع” الفلسطيني الإسرائيلي.

من جهة أخرى، حذر اشتية من “التداعيات الخطيرة التي قد تنجم عن عزم السلطات الإسرائيلية السماح للمتطرفين من أحزاب اليمين القيام بمسيرة الأعلام الاستفزازية في شوارع مدينة القدس المحتلة غدا”.

واعتبر أن المسيرة تشكل “استفزازا لأهلنا وعدوانا على القدس والمقدسات وهو عدوان يتوجب لجمه ويجب أن ينتهي”.

ربما يعجبك أيضا