عقبات تفوق المأمول .. بايدن والناتو في مهمة مستحيلة

علياء عصام الدين

يطرح إرث الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المدمر نفسه بقوة في مقابل محاولات بايدن الحثيثة في إصلاح ما أفسده الأول، فالمقارنة بين ترامب الذي وصف تهديدات المناخ بأنها مجرد “أكذوبة” وكفر بحلف الناتو بأكمله وهدد بالانسحاب من التحالف؛ في مقابل بايدن الذي أولى اهتمامًا قويًا بقضية المناخ تطرح التساؤلات حول مدى جدية الأخير في الإصلاح وإمكانية هذا الإصلاح فضلًا عن تحقيق الطموحات الكبيرة المأمولة التي رسمها الحلف.

تطرح رغبة قادة الناتو الاتفاق على خطة عمل بخصوص المناخ تحقق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 تساؤلات حول الأسباب التي تجعل من هذه القضية أولوية.

ويدرك الناتو جيدًا  أن التغير المناخي ستكون له تداعيات أمنية كبرى فهو مصدر قلق كبير إذ يزعزع استقرار العالم بأسره.

إن التغير المناخي بما يشمله من احتباس حراري وما يترتب عليه أحد أهم أسباب الصراع الدائر في منطقة الساحل الإفريقي، الذي سيؤدي بدوره لانهيار الزراعة ونقص الأغذية من ثمة زيادة عمليات الهجرة وإغراق القواعد الساحلية التابعة للحلف بسبب ارتفاع مستويات البحار المتزامن مع ارتفاع حرارة الأرض وتزايد النفوذ الروسي في الدائرة القطبية الشمالية مع ذوبان الثلوج.

أرقام صادمة

تعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مستهلك منفرد في العالم للبترول وفق بحث لجامعة بوسطن أعدته نيتا كروفورد في 2019.

وأظهرت إحصائيات في دراسة أخرى بجامعتي لانكستر ودرم، أن الجيش الأمريكي يستهلك 27 ألف برميل من الوقود يوميًا، وتقدر الانبعاثات الضارة بـ25 ألف كيلو طن بمعدل إنفاق سنوي يبلغ 8.7 مليار دولار، فقط لبند الوقود.

وتطرح دراسة صادمة أخرى في 2019 أنه لو كان الجيش الأمريكي دولة لاحتل المركز الـ74 في قائمة أكبر دول العالم إطلاقا للغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وتأتي هذه الأرقام الصادمة لتصعب مهمة التوصل إلى حلول ناجعة وسريعة.

عقبات وتحديات

تأتي أولى العقبات التي تواجه مهمة الحلف في مواجهة التغير المناخي الناتج عن زيادة النشاط العسكري والتخلص من الكربون في مدى استجابة البنتاجون بتقليصه لنفقات الوقود، لاسيما أن الميزانية التي يخصصها البنتاغون قد أثرت على مناخ الكوكب بأسره، فكمية الغازات الناتجة عن أنشطة القوات الأمريكية قد ضاهت الكمية التي تنتجها 140 دولة مجتمعة وفق دراسات.

على الرغم من سعي البنتاجون لجعل بعض عملياته صديقة للبيئة عبر زيادة توليد الكهرباء في القواعد العسكرية لا يزال أكبر مستهلك للهيدروكربونات في العالم.

إن إمكانية اعتماد ترسانة أسحلة صديقة للبيئة في غضون بضع سنوات – في ضوء تقارير حديثة مرعبة تتحدث حول تزايد وتصاعد عدد الرؤوس النووية والتسلح النووي – ليست بالمهمة السهلة، فقد يستغرق تطوير العتاد العسكري ليصبح صديقًا للبيئة عقودًا من الزمن.

إن مسألة الحياد الكربوني بالنسبة للقوات المسلحة تبدو أمرا في غاية الصعوبة.

إن التقليل من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري جراء اعتماد مصادر الطاقة التقليدية يحتاج لكثير من الجهود والإصلاحات في قلب دول التحالف ذاتها.

في ضوء التحديات المحيطة وتنامي المخاوف من روسيا والصين على السواء وتبني بايدن لسياسة الحشد وخطاب العداء ضد ما أسماه باستبداد بكين وموسكو وقواتهما العسكرية المتنامية تحت شعار “أمريكا عادت” يبدو أن طموحات التحالف النبيلة فيما يتعلق بقضية المناخ ستصطدم بأكذوبة أخرى بيضاء لبايدن في مقابل كذبة ترامب الصريحة.

ربما يعجبك أيضا