ترسيم الحدود البحرية | الوفد الأمريكي في لبنان.. لماذا الآن ؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

بعد توقّف للمفاوضات غير المباشرة بين لبنان وسلطات الاحتلال برعاية أمريكية بشأن ترسيم الحدود البحرية، يبدو أن المساعي عادت لتنشط لاستئناف هذه المفاوضات، مع بدء زيارة الوفد الأمريكي الوسيط إلى لبنان، وتأكيد الرئيس اللبناني ميشال عون للوفد رغبة لبنان في استمرار المفاوضات، بهدف الوصول إلى تفاهم يحفظ حقوق الأطراف المعنيين.

فهل تنجح الجولة الجديدة للوفد الأمريكي «الوسيط» في إحياء ملف المفاوضات غير المباشرة من جديد؟ وهل تفضي هذه المفاوضات بدورها في التوصل إلى اتفاق أم يكون مصيرها كسابقاتها؟

عون 1

إلى الواجهة من جديد

مرة جديدة يقفز ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والمحتل الإسرائيلي، مع وصول الوفد الأمريكي الراعي للمفاوضات إلى العاصمة بيروت، برئاسة السفير جون ديروشيه وتأكيد الرئيس اللبناني الموقف بالانفتاح على الأفكار المطروحة ضمن إطار السيادة اللبنانية واستنادا إلى القواعد الدولية، وهو موقف إيجابي للبنان يمكن البناء عليه في أية مفاوضات مقبلة.

زيارة الوفد الأمريكي تأتي في إطار سياسة الدفع والضغط من أجل إعادة تحريك المفاوضات على ترسيم الحدود والتي تأتي في أصعب ظروف تعيشها البلاد منذ عقود، وإن كانت كل هذه الأزمات لا يجب أن تدفع الجانب العسكري اللبناني إلى التنازل عن حقوق لبنان وثرواته الطبيعية.

5 جولات من المفاوضات لم تثمر بعد عن أي تقدم في ملف ترسيم الحدود، فبعد دراسات للجيش اللبناني وما انتهى إليه الوفد المفاوض في الجولات السابقة، يطالب الجانب اللبناني بتوسيع مساحة إضافية ضمن خرائط مقدمة تشمل أجزاء من حقل كاريش النفطي وهو ما أزعج سلطات الاحتلال، جعلها تكيل الاتهامات للبنان بعرقلة سير المفاوضات .

خيارات لبنانية

تريد واشنطن أن تدفع باتجاه استئناف المفاوضات، فيما يبقي لبنان الباب مفتوحا أمام العديد من الخيارات في حال عدم تجاوب الاحتلال مع الجهود المبذولة لتحريك المياة الراكدة في ملف المفاوضات. وهو ما عبر عنه الرئيس اللبناني خلال لقائه بالوفد الأمريكي بالتأكيد على أن «لدى لبنان خيارات عدة في حال عدم تجاوب الإسرائيليين مع الجهود المبذولة لتحريك المفاوضات».

إسترجاع الحقوق اللبنانيّة في المسطح المائي يعد براعة كبيرة للوفد اللبناني العسكري في التفاوض، أحرج وأربك المحتل الإسرائيلي، ما دفع الأمريكي للتدخّل بشكل فاضح لتأجيل التفاوض في جولات سابقة. لكن هذه المرة بدا واضحاً أن واشنطن وتل أبيب تستعجلان استئناف المفاوضات على وقع الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه لبنان.

إذن هي الفرصة الأنسب للخارج من أجل قضم ثروات لبنان، لكن ما لا يدركه الأمريكيون والإسرائيليون حتى اليوم ووفق شواهد سابقة في جولات المفاوضات الخمس، أن الوفد العسكري اللبناني المفاوض، يعمل بمعزل عن ضغوط الشارع وبما يضمن حقوق لبنان وثرواته الطبيعية التي هي حق أصيل لأبنائه، فضلا عن التعويل على تحمل اللبنانيون الوضع الصعب في البلاد، عن التفريط أو التنازل في ثورات بلادهم.

ما يزيد الملف غموضا، هو أن القانون الدولي في ملف ترسيم الحدود البحرية خاصة ما يتعلق منها بالمنطقة الاقتصادية لم يكن حاسما وترك الموضوع إلى التفاهم بين الطرفين للوصول إلى حل منصف.

لاعبون جدد

زيارة استطلاعية مع تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة وفرص إحياء المفاوضات التي تجمدت بفضل التعنت الإسرائيلي وإصرار الجانب اللبناني على التفاوض وفق القانون الدولي، لكن هل يمكن التعويل على حكومة يمينية أكثر تطرفا للتوصل لحل بشأن ترسيم الحدود ؟

رغم أن الحكومة الجديدة لم يتجاوز عمرها الساعات، فقد بدت الرغبة الأمريكية الإسرائيلية في عودة التفاوض على ملف ترسيم الحدود «مقلقة» خاصة مع اعتقاد كثيرين بأنه بتبدل الإدارة الأمريكية ورحيل بنيامين نتنياهو للحكومة التي ظل على رأسها طيلة 12 عاما، قد يؤخر من عودة التفاوض.

فهل استطاعت الحكومة الجديدة في تل أبيب الإمساك بملف ترسيم الحدود والإطلاع على تفاصيله ونتائج الجولات السابقة ومن ثم إعادة دراسة الموقف وتقييمه، حتى تقرر العودة من جديد للمفاوضات غير المباشرة مع الجانب اللبناني، أم أن لتل أبيب وواشنطن حسابات أخرى!

ربما يعجبك أيضا