الليبيون يترقبون مؤتمر «برلين 2».. والخبراء: لا جديد

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

يترقب الليبيون نتائج مؤتمر «برلين 2» المقرر انطلاقه اليوم في العاصمة الألمانية والذي يناقش العملية السياسية السلمية في البلاد وحل أزمة ليبيا الغارقة في الفوضى منذ عام 2011، وذلك بمشاركة الحكومة الوطنية لأول مرة، وبحضور القوى العربية والإقليمية والدولية الرئيسية المعنية بالأزمة الليبية.

يبحث المؤتمر العملية الانتقالية في ليبيا والمرحلة المقبلة، وملف سحب  القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، وحظر الأسلحة، وإجراء الانتخابات في موعدها المحدد 24 ديسمبر المقبل دون تأجيل لضمان تحقيق الاستقرار.

في غضون ذلك، دعت وزارة الخارجية الألمانية المضيفة للمؤتمر، المجتمع الدولي إلى الوفاء بالتزامه بدعم ليبيا لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين بها، مشددة على «أهمية أن تجرى الانتخابات كما هو مخطط لها بالفعل».

وأشارت الخارجية الألمانية، إلى ضرورة أن يغادر المقاتلون والمرتزقة الأجانب ليبيا، مضيفة: «أمامنا العديد من التحديات لتحقيق مزيد من الاستقرار في ليبيا، وسنواصل العمل لتحقيق هذه الأهداف».

وكانت الأمم المتحدة قد أطلقت خطة خريطة طريق من أجل انتشال ليبيا من الفوضى والانقسام، حيث كانت هناك حكومة في الشرق وأخرى في الغرب، وكان ألمانيا جزء من تلك العملية.

ودعمت المنظمة الدولية حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، التي يقودها عبد الحميد دبيبة، ومهمتها إجراء الانتخابات العامة في البلاد في أواخر ديسمبر المقبل، على اعتبار ان ذلك سيؤدي إلى تحقيق الاستقرار في البلاد.

لكن استقرار ليبيا يواجه تحديات كبيرة، ومن أبرزها المرتزقة الأجانب، الذين بعثت بهم تركيا إلى تلك البلاد لتحقيق غايات سياسية.

مؤتمر برلين 2

تسريبات مخرجات المؤتمر

كانت تسريبات لمسودة البيان الختامي لمؤتمر برلين قد انتشرت في وسائل الإعلام، قبل ساعات من انطلاقه وهي مكونة من 51 نقطة.

ومن بين هذه المخرجات تقديم الدعم القوي للسلطات الليبية من أجل الدفع لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر في 24 ديسمبر المقبل، والانسحاب الفوري للمرتزقة الأجانب من ليبيا، وكشفت التسريبات عن منح ليبيا عضوية كاملة مقارنة بالمؤتمر السابق، إلا أن هناك مخاوف لدى بعض المراقبين بأن يؤدي مؤتمر «برلين 2» إلى حدوث اختراق في الأزمة الليبية، بسبب عدم امتثال أنقرة لسحب قواتها من ليبيا، خاصة مع سلسلة الرسائل التي وجهتها في الآونة الأخيرة، ولا سيما زيارة وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار إلى طرابلس.

لا جديد

في هذا الصدد، توقع إبراهيم عبدالله الزغيد، عضو مجلس النواب، أن يكون مؤتمر برلين 2 مثل سابقه، مؤكدا أنه يتم وسط اختراقات أمنية تركية، في حين لم يضغط ممن حضروا المؤتمر الأول على أنقرة لسحب قواتها من الأراضي الليبية، وفقا لموقع سكاي نيوز عربية.

واعتبر الزغيد أن زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مطلع الشهر الجاري للبلاد من دون التنسيق مع مسؤولي حكومة الوحدة الوطنية، وكذلك هبوط طائرته في مطار معيتيقة وتنقله إلى قاعدة الوطية ولقائه بجنوده، بمثابة رسالة يقول فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه «الآمر الناهي والحاكم الفعلي لليبيا، ويبعث ما يشاء من وزرائه وقواته وطائرات وأسلحة، مما يؤكد أن الذي تفعله تركيا في ليبيا ما هو إلا غزو تركي عثماني جديد للبلاد وأمام عين المجتمع الدولي ولم يحرك ممن حضر مؤتمر برلين الأول ساكنا».

برلين 2

من جانبه، رأى المحلل السياسي عبد الرؤوف بلاح، أن مؤتمر برلين الثاني سيكون كغيره من المؤتمرات، ولن يضمن استقرار ليبيا المنشود، الذي لن يأتي إلا بأيدي الليبيين واتفاقهم حول ضرورة عودة البلاد دولة ذات سيادة وآمنة.

أما المحلل السياسي الكيلاني المغربي، فأكد: أن أهم النقاط التي تمثل خللا كبيرا في المسودة هي النقطة التي تنص على وقف الأعمال العدائية، لأنها لم تحدد هوية الأطراف بل وساوت بين الجيش الليبي الذي يحمي بلاده من خطر الإرهاب والميليشيات التي يجب القضاء عليها.

وركز المغربي على أن أهم النقاط التي وردت في المسودة هي ضرورة انسحاب المرتزقة من دون الإشارة إلى الدولة التي جلبتهم إلى الأراضي الليبية وتسميتها بوضوح، موضحا أن جميع المرتزقة الذين جلبتهم تركيا جاءوا من مطارات دول لها عضوية في مجلس الأمن وتشارك في مؤتمر برلين.

واتفق عبد الرؤوف بلاح، مع المغربي، حول ضرورة تسمية ممولي المرتزقة ومن استجلبهم إلى الأراضي الليبية حتى يتسنى خروجهم من غير رجعة.

من جانب آخر، لفت الزغيد إلى العلاقات التركية الألمانية الممتدة منذ الحرب العالمية الثانية، وبالتالي لن تسمح ألمانيا بالضغط على أنقرة لطرد قواتها من ليبيا في الوقت الذي يشيد أردوغان قواعد عسكرية في البلاد، موضحا أن تركيا تضغط على من يساعدهم داخل البلاد من ميليشيات وبعض المسؤولين للبقاء، لأنها تعتبر ليبيا بوابتها إلى قارة إفريقيا.

بدوره، اعتبر محمد جبريل، عضو رئاسة مجلس القبائل والمدن الليبية، أن وجود تركيا ضمن الأطراف الحاضرة للمؤتمر سيكون خطوة في اتجاه سعي أنقرة لتمكين جماعة الإخوان، وبالتالي الهيمنة على المنطقة العربية واصطناع زعامة للعالم الإسلامي تحت مزاعم الخلافة.

وأعرب جبريل، عن تخوفه من خروج مؤتمر برلين بنتائج تهدف إلى تقسيم البلاد مثلما حدث في مؤتمر برلين عام 1884 الذي قسم الوطن العربي وإفريقيا بين الأوروبيين.

ورأى أن المعضلة الكبرى التي تواجه المؤتمر هي سيطرة الميليشيات على الحكومة، «فكل تصرفاتها تدل على أنها حكومة إخوانية قاعدية جهوية وليست حكومة وحدة وطنية».

وأضاف أن «الحل يكمن في ضرورة تخليص الحكومة من بين مخالب الميليشيات، وهذا لن يتم إلا بنقل مقر الحكومة إلى مدينة سرت مثل ما هو متفق عليه في اتفاق جنيف».

وأوضح عضو مجلس القبائل والمدن، أن إيطاليا بوصفها أحد أهم الأطراف التي تحضر المؤتمر لديها هدف واحد فقط من انعقاده، يتمثل في منع تدفق الهجرة والإرهابيين وتجارة البشر والمخدرات وغسيل الأموال.

ووفقا لجبريل فإن الولايات المتحدة الأمريكية تريد ليبيا قاعدة لتأمين مصالحها في إفريقيا، وخصما لها في ما يتعلق بمصالحها مع روسيا والصين.

ربما يعجبك أيضا