مؤتمر «برلين 2».. المرتزقة والقوات التركية في ليبيا هما التحدي الكبير

جاسم محمد

رؤية – جاسم محمد

أحتل ملف المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات التركية في ليبيا، صدارة جدول أعمال مؤتمر برلين 2، وتكمن الخطورة في تقويض العملية السياسة خلال المرحلة الانتقالية، وتهدد موعد عقد الانتخابات العامة في ديسمبر 2021، وهذا ما يمثل تحديا كبيرا، يضع برلين والاتحاد الأوروبي على المحك في تجربة أن يكون لها دورا في قضايا إقليمية و دولية.

احتضنت برلين مؤتمرا دوليا حول ليبيا، هو الثاني من نوعه، بمشاركة أطراف دولية وإقليمية المؤثرة في الأزمة الليبية وممثل عن الأمم المتحدة يفترض أن يعطي المؤتمر دفعة لخارطة الطريق وسحب المقاتلين الأجانب والمرتزقة.

 ينعقد مؤتمر برلين على وقع اتصالات ومساع حثيثة لتفكيك عُقد ملف القوات الأجنبية والمرتزقة الشائك، والذي توجد أوراقه الرئيسية بأيدي موسكو وأنقرة، ولذلك شددت المستشارة أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في لقائهما قبل المؤتمر بأيام قليلة على أن أوروبا تواجه “تحديات كبيرة ” في التعامل مع كل من روسيا وتركيا.

أنعقد مؤتمر برلين 2 حول ليبيا اليوم 23 يونيو 2021 بدعوة من وزير الخارجية الألماني هايكو ماس والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، جمع كبار ممثلي حكومات الجزائر والصين، روسيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية -التي تترأس لجنة الاتحاد الأفريقي حول ليبيا- ومصر، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وليبيا، والمغرب، وهولندا، وسويسرا، وتونس، وتركيا، والإمارات، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.

وكشفت النقطة الرابعة من أجندة المؤتمر عن منح ليبيا “عضوية كاملة” مقارنة بالمؤتمر السابق، ودعا وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، برفقة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الدول والمنظمات المعنية والمشاركة في “برلين 1” إلى المشاركة في المؤتمر الثاني، وذلك طبقاً لبيان صادر عن الخارجية الألمانية، التي ذكرت أنه للمرة الأولى تشارك حكومة الوحدة الوطنية الليبية في ذلك الحدث.

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك  اليوم 23 يونيو 2021 الذي عقده كل من وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس و وزير الخارجية الأميركي  أنتوني بلينكن، أكدا على ضرورة  إخراج  المرتزقة والمقاتلين الأجانب  قبل عقد الانتخابات العامة في ليبيا خلال ديسمبر 2021، وتوحيد الجيش الليبي وتعزيز التنمية والاقتصاد الليبي، بقدر ما يتعلق بالملف الليبي.

ويتطلع الأوروبيون إلى ما يحمله وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من دعم إلى برلين في تفكيك العقدتين الروسية والتركية بليبيا، في أفق استعادة الأوروبيين لزمام المبادرة التي فقدوها في ملف ملتهب على مشارف أوروبا، في ظل الفجوة التي حصلت في العلاقات مع الولايات المتحدة إبان إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.

أهداف مؤتمر برلين 2

أمام مؤتمر برلين 2 مهمة أولى تتمثل في مساعدة الليبيين على تنظيم العملية الانتخابية قبل نهاية العام الجاري، لكن المؤتمر تواجهه قضية شائكة هي إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة، والخيارات إزاءها صعبة للغاية.

حددت وزارة الخارجية الألمانية  4 محاور رئيسية، يتضمنها “برلين 2″، الهادف بداية لتقييم التقدم المحرز بناءً على مؤتمر “برلين 1″، حيث يمثل الهدف الأول هو دعم الخطوات السياسية المتخذة في ليبيا والاستعدادات الخاصة بإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل.

والهدف الثاني للمؤتمر مرتبط بـ”سحب القوات الأجنبية والمرتزقة”، استنادا إلى بنود قرار وقف إطلاق النار، بينما الهدف الثالث فيتعلق بتوحيد المؤسسة العسكرية ومناقشة خطوات تشكيل قوات أمنية ليبية موحدة، والتأكيد على الدعم الدولي لليبيا من أجل عملية السلام والاستقرار الداخلي، وأن استراتيجية الحل والتفكيك وإعادة الإدماج وجمع السلاح تأخر تنفيذها كثيراً، وأشار المؤتمر إلى قرار مجلس الأمن الدولي 2570 و2571  بشكل واضح وصريح، وأكد مسألة دعم السلطات الليبية في حل وتفكيك الجماعات المسلحة والتسريح وإعادة الإدماج وإعادة السلاح من خلال وضع استراتيجية أممية لمساعدة السلطات الليبية في هذا الإطار.

بحث المؤتمر إيجاد حلول لثلاث مشكلات، أولها كيفية القضاء على الفساد المالي في البلاد الذي أنهك الثروات الليبية، وكيفية تفكيك الميليشيات التي تقف عائقا أمام الاستقرار في البلاد، وكيفية التخلص من جماعات الإسلام السياسي المتطرفة المعرقلة لإجراء الانتخابات.

قالت الخبيرة الأوروبية كلوديا جاتسيني  يوم 22 يونيو، إن مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا يتجه إلى إحراز تقدم في اتفاق وقف إطلاق النار – بما في ذلك احترام حظر الأسلحة وسحب المرتزقة – وخارطة الطريق السياسية والانتخابات.

وفي تعليقها على فرص نجاح مؤتمر برلين عبرت عن اعتقادها بوجود عقبات كبيرة أمام تحقيق سلام طويل الأمد في الدولة التي تشهد حربا أهلية، وقالت الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية: إن المؤتمر يمكن أن يعطي دفعة جديدة لعملية السلام، وأضافت: “البرلمان الليبي والسلطة التنفيذية وحدهما لم يتمكنا من دفع العملية إلى الأمام”، موضحة أن هذا أدى إلى تصاعد التوترات بين الجماعات المتنافسة في ليبيا مرة أخرى مؤخرا.

تحديات المؤتمر – المرتزقة وتركيا

ـ تشكل مسألة سحب القوات الأجنبية من ليبيا ملفا مركزيا في مؤتمر برلين، إذ تغذي قوى خارجية تحديدا تركيا  بشكل واسع النزاع في البلاد كما تضع عقبات أمام تنفيذ تفاهمات الأطراف الليبية على طريق تسوية الأزمة، وقدرت الأمم المتحدة المرتزقة ب بنحو 20 إلى جانب المقاتلين الأجانب في ليبيا وينتشر مئات من العسكريين الأتراك بموجب اتفاق ثنائي مبرم مع حكومة طرابلس السابقة.

وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس: إن “الأطراف التي تعهدت خلال اجتماع برلين 1 في19 يناير 2020 بسحب قواتها لم تف بوعدها” في إشارة مبطنة إلى روسيا وتركيا، وأضاف “إذا أردنا أن يتمتع الليبيون بحق تقرير المصير يجب أن ترحل القوات الأجنبية”.

ـ تعتمد الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل رئيسي على بعثة “إريني” العسكرية لتأمين الحدود البحرية والجوية الليبية ومراقبة عمليات التسلح، ويكتسي إدماج دول الجوار الليبي أهمية خاصة في الترتيبات الأمنية والعسكرية لجهة تثبيت وقف إطلاق النار، ولكن تظل مسألة إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة الملف الأكثر صعوبة في سبيل إنهاء الأزمة الليبية، ويمثل تحدي كبير إلى تنفيذ مخرجات مؤتمر برلين2.

ـ الموقف التركي وربما روسيا الخاص بإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا.. فرغم الجهود العسكرية التي تبذلها أوروبا في مراقبة السفن شرق المتوسط والمراقبة الدوية من أجل حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا وتهريب المقاتلين، فإن أوروبا لا تملك غير ورقة العقوبات على الأشخاص والشركات والتي أصبحت ورقة غير فاعلة.

ما ينبغي العمل عليه أن تكون هناك جهود أممية وأوروبية لإيجاد قوى عسكرية على الأرض في ليبيا -في فترة ما قبل الانتخابات- من شأنها تعمل على رصد ومراقبة ومنع الجماعات المسلحة والمرتزقة من إثارة الفوضى وتقويض العملية السياسية الانتقالية في ليبيا، إلى جانب فرض رقابة اكثر على تهريب الأسلحة والمرتزقة عبر شرق المتوسط أو جوا إلى ليبيا وضبط حدود ليبيا مع دول الجوار.

ربما يعجبك أيضا