التغير المناخي.. أزمة تتفاقم لتهدد سلامة البشرية

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي

ارتفع عدد النازحين حول العالم إلى أكثر من 40 مليون شخص، جراء الصراعات والكوارث الطبيعية وتفاقم تداعيات ظاهرة التغير المناخي خاصة ارتفاع درجات حرارة الأرض في عام 2020، وسط تحذيرات من استمرار النزوح بسبب التغير المناخي.

أدت العواصف والفيضانات وحرائق الغابات والجفاف في أنحاء العالم إلى نزوح أكثر من 30 مليون شخص العام الماضي، حيث تسبب ارتفاع درجات الحرارة في حدوث فوضى مناخية فضلا عن تفاقم تداعيات ظاهرة التغير المناخي، وفقا لتقرير أصدره مركز مراقبة النزوح الداخلي.

أرقام مرعبة!

وقال التقرير: إن أكثر من 9.8 مليون شخص أُرغموا على الفرار والنزوح بسبب الحروب والصراعات والعنف فيما أدى الطقس السيئ إلى ارتفاع حصيلة حالات النزوح الداخلي الجديدة في عام 2020 إلى 40.5 مليون شخص.

وأضاف المركز ومقره جنيف أن التقديرات تشير إلى أن 55 مليون شخص شردوا داخل بلدانهم في نهاية العام وهو ما يعد رقما قياسيا إذ أنه يعادل ضعف عدد اللاجئين في العالم.

يأتي ذلك وسط تحذيرات من أن تزايد ضراوة الطقس السيئ بمعدل غير طبيعي سيؤدي إلى تفاقم أزمة المناخ مع استمرار البشر في حرق الوقود الأحفوري.

ومن المتوقع أن ينزح الكثيرون من منازلهم بسبب الكوارث الطبيعية المفاجئة مثل الفيضانات والعواصف والجفاف، إذ يتوقع أن يدمر الجفاف المزيد من المحاصيل ما سيؤدي إلى حدوث مجاعات.

أما في الدول الغنية، فأطلق سياسيون تحذيرات من أن موجات الهجرة الجديدة من المناطق الفقيرة سترهق الخدمات العامة مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الأرض.

وفي هذا الصدد، تقول بينا ديساي، مديرة البرامج في مركز مراقبة النزوح الداخلي، إن فكرة أن التغير المناخي سوف يؤدي إلى موجات هجرة جماعية إلى الدول الغنية ليس سوى محاولة لتشتيت الأنظار بعيدا عن حقيقة مفادها أن معظم موجات النزوح ستكون داخلية.

وتضيف “هناك التزام أخلاقي في توجيه استثمارات لدعم هؤلاء الأشخاص المعرضين للخطر في أماكن عيشهم بدلا من مجرد التفكير في خطر هروبهم إلى الحدود”.

نازحو المناخ

وقد كشف التقرير السنوي الذي أصدره مركز مراقبة النزوح الداخلي في نسخته السادسة عن أن أكثر من 80 بالمائة ممن أُرغموا على النزوح من منازلهم عام 2020 كانوا في آسيا وأفريقيا.

في آسيا، اضطر معظم الناس إلى الفرار بسبب الطقس السيئ. ففي دول مثل الصين والهند وبنغلاديش وفيتنام والفلبين وإندونيسيا حيث يعيش مئات الملايين في مناطق السواحل ومناطق الدلتا المنخفضة، أدى النمو السكاني والتوسع الحضري إلى جعل الكثير من البشر عرضة للفيضانات التي تزايدت قوتها مع ارتفاع مستويات مياه البحار.

في الهند، دفع أعنف أعصار تشهده البلاد خلال عقدين ووصل اليابسة (الاثنين 14 يونيو)، السلطات إلى إجلاء 200 ألف شخص في ولاية غوجارات.

ورغم أن التحذيرات المناخية ساعدت في إنقاذ أرواح الكثيرين إلا أن هؤلاء النازحين قد خسروا منازلهم ولم يعد يملكون أماكن للعيش إذا عادوا إلى بلداتهم.

وقال التقرير إن إعصار أمفان أجبر 2.5 مليون شخص على النزوح في بنغلاديش العام الماضي فضلا عن تدمير 55 ألف منزل، مشيرا إلى أن 10 بالمائة من النازحين أصبحوا بلا مأوى.

وفي أفريقيا، كانت معظم موجات النزوح بسبب الصراعات والحروب في دول مثل بوركينا فاسو وموزمبيق وإثيوبيا، حيث قدر التقرير أن الصراع في إقليم تيجراي الإثيوبي أدى إلى نزوح نصف مليون شخص بنهاية العام الماضي.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” إن عدد النازحين من تيجراي تجاوز عتبة المليون منذ اندلاع أعمال العنف في نوفمبر / تشرين الثاني العام الماضي.

وبخصوص هذا الأمر، دق ناقوسَ الخطر تقريرٌ مفصلٌ، نشره مركز تحليل السياسات الاقتصادية بجامعة بوتسدام الألمانية في مارس الماضي. فقد كشف التقرير عن أن الكوارث الناجمة التي تقع على فترات زمنية طويلة مثل موجات الحرارة العالية والجفاف سوف تؤدي إلى زيادة معدلات الهجرة والنزوح أكثر من الكوارث التي تحدث بشكل مفاجئ مثل الفيضانات والأعاصير.

وقال الباحثون إن ذلك يرجع إلى أن الناس في حاجة إلى أموال من أجل الهجرة وهو ما يفتقدونه خلال وقوع كوارث مفاجئة رغم أنها تسبب في نزوح فوري لمسافات أقصر.

ويضيف المركز أن من يضطرون إلى البقاء حتى بدون وجود تأمين لبناء منازلهم وضمان وجود سبل للعيش، يمكن أن يصبحوا محاصرين داخل دائرة من الطقس السيئ الذي يمنعهم من المغادرة فيما يقرر آخرون البقاء أيضا لكن لأسباب أخرى.

ربما يعجبك أيضا