المنصات الرقمية.. منبر المتطرفين لنشر الأفكار الإرهابية

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

مما لا شك فيه، أن ظهور الإنترنت والشبكات العنكبوتية، أحدث ثورة معلوماتية ضخمة امتدت آثارها لتشمل الجماعات والتنظيمات المتطرفة، التي قامت باستغلالها على الوجه الأكمل لعدة أغراض كالدعاية وتهديد الآخرين، التخطيط والتدريب، فضلًا عن رصد الأهداف والعمل على تجنيدها في نهاية المطاف.

تطور مخيف

12 2

إن استهداف الجماعات الإرهابية لتجاوز الأشكال التقليدية في الدعاية، واللجوء إلى تطوير تقنيات عبر شبكة الإنترنت لإيصال رسائلها واستقطاب مزيد من المتعاطفين، قد دق ناقوس الخطر منذ اللحظة الأولى.

إذ يُشير هذا التطور المخيف إلى أن التهديدات التي يمثلها التطرف ستظل مُستمرة، وبشكل أكثر تطورًا، خاصة وأن التهديد الذي تشكله هذه الجماعات يرتبط بمسائل الإعلام والإقناع والدعاية، تلك الوسائل التي تُعد في الأساس هي النافذة الأساسية للنشر والترويج لرسائل تلك الجماعات، مما جعل هذا التطور الرقمي مصدرًا من مصادر قوتها.

وفي هذا التطور المخيف، نجد أن الجماعات الإرهابية عملت على تجاوز الأشكال التقليدية في الدعاية، ولجأت لتطوير تقنياتها عبر الإنترنت لإيصال رسائلها، كما سمحت التكنولوجيا لتلك الجماعات بالتواصل بشكل فوري وآمن بين بعضهم البعض وبين المجندين المحتملين، فضلًا عن قدرتهم على تصوير الأفلام الدعائية وتحميلها باستخدام منصات التواصل الاجتماعي، ونشرها والترويج لها بصورة متطورة وأشكال عدة.

الأخطار والتحديات.. استطلاع «تريندز» يوضح

22 1

وفي هذا الصدد، وحول تلك المخاطر التي تنتج عن استخدام الجماعات المتطرفة للمنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية، أظهر استطلاع للرأي حديث نفذه مركز “تريندز للبحوث والاستشارات”، أن غالبية الشباب يتأثرون بالأفكار التي تُطرح على المنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية، كما أنهم يدركون طبيعة الخطر الكبير الذي ينجم عن توظيف الجماعات المتطرفة لهذه المنصات.

وأظهرت ردود العينة المستطلعة أن 83% من أفراد العينة يستخدمون المنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية في حياتهم اليومية، منهم 63% يستخدمونها بشكل دائم.

وقد جاء تطبيق “إنستجرام” في المرتبة الأولى من بين التطبيقات التي يستخدمها أفراد العينة بنسبة 54%، ثم تطبيق “تويتر” بنسبة 53%، فيما أشار 75% من أفراد العينة إلى أنهم يتابعون القضايا التي تخص الشأن العام من خلال المنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية، منهم 45% يتابعونها بشكل دائم.

وبينت نتائج استطلاع “تريندز للبحوث والاستشارات” أن 92% من الشباب يتأثرون بالأفكار التي تُطرح على المنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية، منهم 59% يتأثرون بشكل كبير جدًا، مما يعكس أهمية المنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية في التأثير على فئة الشباب.

وأشارت النتائج إلى أن 91% من أفراد العينة لديهم تصور بأن الجماعات الدينية المتطرفة مثل “داعش، القاعدة، الإخوان المسلمين، بوكو حرم” يوظفون المنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية في نشر أفكارها وأيديولوجياتها من خلالها، منهم 51% يعتقدون ذلك بشكل كبير جدًا.

كما يؤكد 89% من أفراد العينة أن قوى اليمين المتطرف في العالم تقوم بتوظيف المنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية لنشر أفكارهم، منهم 48% يؤكدون ذلك بشكل كبير جدًا، فيما يعتبر أفراد العينة أن الخطر الناتج عن استخدام الجماعات المتطرفة للمنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية هو نشر الفكر المتطرف والتحريض على العنف بنسبة 83%، ومن ثم غسل أدمغة النشء والشباب بأفكار ضالة ودخيلة على المجتمع بنسبة 78%.

وأظهر استطلاع “تريندز” أيضًا أن 93% من أفراد العينة يدركون طبيعة الخطر الذي ينجم عن توظيف الجماعات المتطرفة للمنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية، منهم 61% يعتبرونه عاليًا جدًا.

وأوضح الاستطلاع أن أفراد العينة يرون أن الإجراء الأمثل لمكافحة التطرف الرقمي هو الاهتمام بالجانب التوعوي والتثقيفي بنسبة 73%، ومن ثم التعاون بين مؤسسات التنشئة في تحصين المجتمع لمواجهة المخاطر السلبية لهذه التطبيقات بنسبة 68%.

نشر الأفكار.. واستهداف الفئات

33 4

سعى الاستطلاع إلى قياس مدى استخدام المنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية في الحياة اليومية، وما هي أكثر التطبيقات استخدامًا، بالإضافة إلى التعرف على مدى متابعة الأفراد لقضايا الشأن العام من خلال المنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية.

كما اهتم أيضًا بالتعرف على مدى تأثر فئة الشباب بالأفكار التي تُطرح على المنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية.

وقد تضمن استطلاع “تريندز للبحوث والاستشارات”، أسئلة حول مستوى توظيف الجماعات الدينية المتطرفة مثل داعش، القاعدة، الإخوان المسلمين، بوكو حرام”، وكذلك قوى اليمين المتطرف للمنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية في نشر أفكارها وأيديولوجياتها.

وتضمن الاستطلاع العديد من الأسئلة التي تهدف إلى تحديد مخاطر استخدام الجماعات المتطرفة للمنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية من وجهة الرأي العام العربي والدولي، وطبيعة الخطر الذي ينجم عن توظيف الجماعات المتطرفة للمنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية، وكذلك الإجراء الأمثل لمكافحة التطرف الرقمي، وكيف يمكن للمجتمع الدولي التصدي لهذا التطرف.

وشملت فئات العينة المستطلعة المكونة من 415 كلًا من الذكور والاناث، حيث كان اهتمام الذكور بالمشاركة في الاستطلاع أعلى بواقع 70% في مقابل 30% للإناث.

أما مشاركة الفئات العمرية في الاستطلاع فكانت متقاربة، حيث جاءت الفئة العمرية (40 – 49 سنة) بالمرتبة الأولى بنسبة 28%، ثم الفئة العمرية (18 – 29 سنة) بنسبة 27%، والفئة العمرية (30 – 39 سنة) بنسبة 25%، وأخيرًا الفئة العمرية (أكثر من 50 سنة) بنسبة 20%.

كما كان غالبية المشاركين في الاستطلاع من حملة شهادات الدراسات العليا بواقع 51%، فيما بلغت نسبة المشاركين ممن يحملون شهادة البكالوريوس 33%، وحملة شهادة الدبلوم والثانوية 11% و6% على التوالي.

وكان أكثر من ثلثي المشاركين من منطقة الشرق الأوسط بنسبة بلغت 69%، فيما بلغت مشاركة باقي المناطق 31%.

المجتمع الدولي.. وحتمية التعاون

55 6

وعن تحديات ومواجهات المجتمع الدولي لهذا النوع من الإرهاب، أكد غالبية المشاركين في استطلاع “تريندز” الذي نفذته “إدارة الباروميتر بتريندز” وشارك فيه عينة عشوائية مكونة من 415 فردًا من الذكور والإناث من جنسيات وأعمار ومستويات تعليمية مختلفة، على أن الإجراء الأمثل لمكافحة التطرف الرقمي هو الاهتمام بالجانب التوعوي والتثقيفي، والتعاون بين مؤسسات التنشئة في تحصين المجتمع، وقيام شركات التكنولوجيا بدورها في التصدي للمحتوى الرقمي المتطرف، والتوسع في إنشاء المراكز المتخصصة في مواجهة التطرف الرقمي.

وبين الاستطلاع من وجهة نظر أفراد العينة أن المجتمع الدولي يستطيع التصدي للتطرف الرقمي من خلال قيام شركات التكنولوجيا بدورها في التصدي للمحتوى الرقمي المتطرف بنسبة 72%، ومن ثم التوسع في إنشاء المراكز المتخصصة في مواجهة التطرف الرقمي بنسبة بلغت 70%.

وقد ركز الاستطلاع الذي تم خلال الفترة من 16 مايو إلى 3 يونيو 2021، على التعرف إلى آراء الرأي العام العربي والدولي وتوجهاته حول طبيعة هذا الاستخدام وتداعياته على أمن المجتمعات واستقرارها، وكيفية التصدي الحاسم له.

ومن جانبه، أكد الأستاذ فهد عيسى المهري، مدير إدارة الباروميتر العالمي بـ”تريندز”، أن هذا الاستطلاع جاء من منطلق إدراك خطورة التوظيف السلبي للمنصات والتطبيقات في نشر الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة، خاصة في ظل تزايد أعداد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم بصورة لافتة للانتباه، إذ يتجاوز عدد مستخدميها وفقًا لآخر الإحصائيات 4.2 مليار مستخدم في العالم، بما يزيد على نصف سكان العالم.

وأشار إلى أن نتائج الاستطلاع تظهر الحاجة إلى تضافر الجهود لمواجهة الفكر المتطرف من خلال البحث العلمي، ورفد المجتمع بالمعرفة القائمة على التسامح والتعايش والحوار والإخاء الإنساني.

نهاية، يبدو أن المنصات الرقمية أصبحت منبرًا لترويج الإرهاب وتجنيد من هم على استعداد لتبني مثل هذه الأفكار، الأمر الذي يحتم على الحكومات أن تجد وسائل أكثر فاعلية لمراقبة هذه المنصات حتى تتمكن من السيطرة على تحركات الجماعات المتطرفة بشكل أكثر فاعلية وكبح جماح الإرهاب الرقمي الذي يهدد أمن واستقرار العالم.

ربما يعجبك أيضا