بعد سوريا.. مرتزقة روس يشعلون بؤر التوتر في أفريقيا الوسطى

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

انتهاكات واتهامات لمرتزقة روس بتوتير الأجواء في المنطقة لتحقيق غاياتها، بدءًا من سوريا وصولًا لأفريقيا التي تواجه وحدها عدم استقرار، كان أبرز ما كشفت عنه تقارير إعلامية وعززتها تقارير أممية في وقت تنفي فيه روسيا مشاركتها في جبهات القتال عبر قوات فاغنر المتهمة بارتكاب عمليات نهب وقتل وفساد في أفريقيا الوسطى.

انتهاكات المرتزقة الروس

سلط تقرير نشرته لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة الضوء على الاتهامات الموجهة لمدربين عسكريين روس بارتكاب أعمال قتل ونهب في جمهورية أفريقيا الوسطى، وهو ما تنفيه موسكو.

وبحسب التقرير المؤلف من 184 صفحة للكاتب ماتيو كامبل في صحيفة “التايمز”، فقد ركز على على ما يصفه الخبراء بالمشاركة الروسية المتزايدة في أفريقيا، في الوقت الذي تحاول فيه إبراز النفوذ العالمي من خلال نشر المرتزقة، وكثير منهم من مجموعة فاغنر، وهي شركة مقاولات عسكرية سرية يُزعم أن يفغيني بريغوزين يديرها. وهو محكوم سابق تحول إلى ملياردير.

التقرير أشار إلى نشر مرتزقة فاغنر في جميع أنحاء العالم من فنزويلا إلى سوريا، حيث قتل العشرات في معارك مع القوات الأمريكية، واليوم انتقلوا إلى الدول الأفريقية التي مزقتها الحروب، مما جعها أحدث بؤر التوتر في علاقات موسكو مع الغرب.

ووفقا لـ” سيث جونز”، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، فقد تم إحصاء 26 دولة معظمها في أفريقيا، حيث يعمل المرتزقة الروس المتورطون في عمليات النهب والفساد.

ولعل أبرز ما تناوله التقرير “عندما عندما ناشدت جمهورية أفريقيا الوسطى الغنية بالمعادن، المساعدة من روسيا في إنهاء حربها الأهلية الأخيرة، شرعت قوات فاغنر في انتزاع السيطرة على مناجم الذهب والماس من المتمردين”.

واليوم يتمتع بريغوزين بعلاقات مع العديد من شركات التعدين والأمن والخدمات اللوجستية التي تم إنشاؤها في هذه البلاد منذ عام 2017، وقد زاد عدد المدربين الروس الذين أرسلوا لدعم الرئيس فوستان أركانج تواديرا في معركته ضد الجماعات المتمردة الإسلامية ليصل من مائة إلى أكثر من 2000 اليوم”، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.

وفي سياق متصل، نشرت صحيفة نيويورك تايمز إنها حصلت على تقرير أممي يؤكد تورط مرتزقة روس في شن حروب وارتكاب مجازر بحق المدنيين في جمهورية أفريقيا الوسطى.

وتذكر نيويورك تايمز أنّ الأمم المتحدة تقدر عدد الروس هناك بأنه يصل أحيانا إلى 2100 شخص، في حين تقول موسكو إن مدربيها هناك لم يتجاوزوا 550 شخصاً.

وإلى جانب أفريقيا الوسطى، يوجد المرتزقة الروس في ليبيا والسودان وسوريا.

وتستفيد موسكو من طبيعة “العمل السري” الذي تقوم به المجموعات القتالية مثل فاغنر، حيث إنها لن تجبر على الاعتراف بعدد القتلى في حال لقي مقاتلوها حتفهم، ويمكن لموسكو كذلك تجنب تحمل المسؤولية والنأي بنفسها عن هذه المجموعة عندما يُتهم مقاتلوها بارتكاب جرائم حرب.

من هم المرتزقة الروس؟

تحدثت تقارير عن “المرتزقة” الروس الذين كانوا في خطوط القتال جنباً إلى جنب مع القوات الحكومية السورية، عندما تعرضوا لضربة الأمريكية في السابع من فبراير 2018 ، والتي أسفرت عن مقتل وجرح العشرات منهم قرب بلدة خشام في محافظة دير الزور شرقي البلاد.

وبحسب “رويترز” فإن قائد المرتزقة الروس في سوريا هو العميد السابق ديمتري أوتكين، وهو من المقاتلين السابقين في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، وكان يعرف بالاسم الحركي “فاغنر”.

تضم فاغنر حوالي 2500 رجل روسي، يصل راتب الضابط الواحد منهم إلى 5300 دولار شهرياً. تعمل فاغنر لصالح شركة أمنية خاصة، ولم يتضح إلى الآن عدد قتلاها من الضربة الأمريكية.

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أدرجت في يونيو 2017 مجموعة فاغنر على قائمة الأفراد والكيانات الروسية الخاضعة للعقوبات بسبب مشاركتها في الصراع الأوكراني، وقالت إن الشركة الأمنية الخاصة التي تعمل لصالحها هذه المجموعة أرسلت جنوداً للقتال إلى جانب الانفصاليين الأوكرانيين في شرق أوكرانيا.

ووفقا لتحليل أجرته الـ”بي بي سي”، تستخدم “فاغنر” قاعدة تدريبية في مولكينو، في منطقة كراسنودار في جنوب روسيا، وهي ليست بعيدة عن شرق أوكرانيا، وتقول التقارير إن فاغنر شاركت في عملية سيطرة روسيا عسكرياً على شبه جزيرة القرم الأوكرانية في مارس 2014، وفي إثارة التمرد الذي اندلع في منطقتي دونيتسك ولوهانسك الأوكرانيتين لصالح روسيا في الشهر الذي تلاه.

ويعتقد أن “فاغنر” تتلقى الدعم المادي من رجل أعمال غني مقرب من الرئيس فلاديمير بوتين يدعى “يفغيني بريغوزين” وهو مدرج على لائحة العقوبات الأمريكية بسبب صلته بالانفصاليين في شرق أوكرانيا.

روسيا تنفي والأمم المتحدة تفند

وفي المقابل نفت موسكو وجود مرتزقة لها في المنطقة نافية علاقتها بقوات فاغنز التي شاركت في عدة جبهات قتال وكان آخرها في أفريقيا الوسطى، وهو ما جاء في التقرير السنوي الذي أعده خبراء في الأمم المتحدة مناقضًا ادعاءات موسكو أنهم غير مسلحين ولا يشاركون في القتال.

يؤكد التقرير الذي قُدم مؤخرًا إلى مجلس الأمن وأعده خبراء مكلفون مراقبة حظر الأسلحة إلى بانغي المفروض منذ 2013 الشكوك التي ظهرت قبل عام حول الدور الكبير الذي يمارسه في البلاد “المدربون” الروس الذين غالبًا ما يشار إليهم على أنهم من مرتزقة مجموعة “فاغنر” الخاصة، المقربة من الرئيس فلاديمير بوتين.

وفي الأشهر الأخيرة، وقعت عدة حوادث بين قوة حفظ السلام (مينوسكا) وهؤلاء المرتزقة (تم استهداف مسؤولين أممين وعمليات سطو وتفتيش المركبات وتدمير طائرة مسيرة تابعة للأمم المتحدة) مما أدى إلى تفاقم التوتر داخل مجلس الأمن مع روسيا، وفقًا لدبلوماسيين.

وفي عدة مناطق تمت زيارتها، حصل فريق الخبراء على شهادات سرية حول الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات افريقيا الوسطى والمدربين الروس”، بحيث يشمل “اغتيالات عشوائية واحتلال المدارس وعمليات نهب على نطاق واسع، بما في ذلك المنظمات الإنسانية”، بحسب التقرير.

فيما رد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قائلاً إن “المستشارين العسكريين الروس لا يمكنهم المشاركة ولم يشاركوا في عمليات قتل أو نهب”، وأضاف في مؤتمر صحفي “هذا افتراء آخر”.

وبين الإتهامات وتفنيدها، هناك مرتزقة يسعون لكسب المعركة عبر مرتزقين مسلحين لتحقيق غاياتها، وهو ما تفرضه المحادثات الدولية من تدخل بعض الدول لإبراز مدى نفوذها ومدى فعاليتها في حل الأزمات الأخيرة.

ربما يعجبك أيضا