سجن «زوما» يشعل احتجاجات جنوب أفريقيا.. ويعيد للأذهان صفقات الفساد

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

بعد قرار المحكمة بسجن الرئيس السابق لجنوب أفريقيا جاكوب زوما 15 شهرًا واعتقاله لتنفيذ الحكم الصادر ضده، اجتاحت الاحتجاجات البلاد وتحولت لأعمال عنف ونهب وشغب في وقت تكافح فيه قوات الشرطة والأمن لوقف ما سببته الاحتجاجات من فوضى، وبين هذا وذاك يسعى زوما للطعن على قرار سجنه بتهمة ازدراء القضاء، فهل تسفر الاحتجاجات عن إعادة النظر في سجن الرئيس زوما والتغاضي عن صفقة الأسلحة الفرنسية المشبوهة؟

احتجاجات تحولت لفوضى

تحولت الاحتجاجات التي بدأت في جنوب أفريقيا ضد سجن الرئيس السابق جاكوب زوما إلى أعمال عنف ونهب وفوضى في أنحاء متفرقة من البلاد بينما تكافح قوات الشرطة وعناصر الأمن الخاص لوقف الفوضى.

فيما نشرت حكومة جنوب أفريقيا قوات من الجيش للتعامل مع أعمال الشغب التي اندلعت بعد سجن الرئيس السابق، جاكوب زوما.

بدوره، ناشد رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، المواطنين التزام الهدوء، قائلا إنه لا يوجد مبرر لاندلاع العنف، وإن الاضطرابات «تضر بجهودنا لإعادة بناء الاقتصاد».

وخلال الأيام الماضية، تعرضت محلات تجارية للنهب، كما أضرمت النيران في عدد من المباني، فيما ارتفعت حصيلة أعمال العنف والنهب التي تسجل في جنوب إفريقيا إلى 32 قتيلا ، مع إعلان رئيس وزراء مقاطعة كوزاولو ناتال (شرق) صباح اليوم الثلاثاء عن مقتل 22 شخصًا إضافيًا.

حصلت أولى الحوادث مع إغلاق طرقات وإحراق شاحنات الجمعة غداة سجن الرئيس جاكوب زوما الذي حكم عليه بالسجن مع النفاذ لرفضه الإدلاء بشهادته أمام لجنة تحقيق في أعمال فساد خلال حكمه الذي استمر تسعة أعوام.

وامتدت الاضطرابات ليل الإثنين الثلاثاء إلى جوهانسبرج، وخصوصًا أفقر الأحياء فيها، كما أفادت التقارير الإخبارية باندلاع القدر الأكبر من العنف في إقليم كوازولو ناتال، مسقط رأس زوما.

من جانبها، قالت الشرطة إن بعض العناصر الإجرامية تستغل الغضب الذي يشعر به البعض من سجن زوما للسرقة، وحذرت هيئة المخابرات الوطنية من أن المحرضين على العنف قد يواجهون اتهامات جنائية، وذكرت شرطة جوهانسبرج أن بلاغات وردتها بشأن إطلاق أعيرة نارية على السيارات.

محاكمة زوما

تأتي الاحتجاجات على وقع القرار بحبس الرئيس السابق جاكوب زوما، حيث أصدرت المحكمة حكمًا بسجنه 15 شهرًا بسبب رفضه تنفيذ أمر من المحكمة الدستورية في فبراير الماضي بالحضور فيها وتقديم شهادته في تحقيق بالفساد خلال فترة حكمه التي استمرت تسع سنوات حتى عام 2018.

وفي قضية منفصلة، لم يقِر زوما بالذنب الشهر الماضي في محاكمة بالفساد شملت صفقات شراء أسلحة بقيمة 5 مليارات في التسعينيات من القرن العشرين.

ويقول أنصار زوما إنه ضحية مطاردة سياسية نظمها حلفاء الرئيس الحالي، رامافوزا.

بدوره، ينفي زوما، البالغ من العمر 79 عاما عن نفسه تهمة الفساد، وقام بتسليم نفسه للشرطة الأسبوع الماضي لبدء تنفيذ الحكم البالغ 15 شهرًا.

ويأمل زوما أن يُلغى الحكم أو يُخفض خلال جلسة المحكمة الدستورية، بيد أن خبراء قانونيين يقولون إن حظوظ النجاح في هذا المسعى ضئيلة.

وأثارت هذه القضية ضجة قانونية غير مسبوقة في جنوب أفريقيا التي لم تشهد من قبل سجن رئيس سابق.

وكان محامو زوما كتبوا إلى المحكمة العليا لطلب تعليق قرار توقيفه، بانتظار أن تبت المحاكم في قرار سجنه، أو حتى أن تدرس المحكمة الدستورية طلب مراجعة إدانة الرئيس السابق.

وعقب اندلاع أعمال العنف، أعلنت المحكمة الدستورية، أعلى هيئة قضائية في جنوب أفريقيا، أنها ستعيد دراسة الحكم بالسجن 15 شهرًا مع النفاذ الصادر بحق رئيس البلاد السابق، جاكوب زوما بتهمة تحقير القضاء، بعد اندلاع أعمال عنف واسعة.

شبهة فساد

ويواجه الرئيس السابق جاكوب زوما تهمًا بالفساد تتعلق بصفقة أسلحة قديمة مع المجموعة الفرنسية “تاليس” حيث يشتبه أن زوما الذي كان وزيرًا حينها قد استلم رشاوى من المجموعة الفرنسية لإتمام صفقة تسلح بقيمة حوالي 4 مليارات يورو أبرمت في 1999.

وكان زوما في فترة إبرام العقد مع تاليس “وزيرا” في الإقليم ثم نائبا لرئيس البلاد. وشهدت هذه القضية تقلبات قضائية عديدة. فقد علقت الاتهامات الموجهة للرئيس السابق ثم أعيدت مرات عديدة حسب طعون وقرارات للنيابة العامة.

وعلى مدى أشهر، مارس زوما لعبة القط والفأر مع لجنة مكافحة الفساد التي شكلها مطلع العام 2018 قبيل تنحيته في محاولة لإزالة الشبهات عنه.

وبناءً عليه قرر القضاء في جنوب أفريقيا محاكمة الرئيس السابق للبلاد جاكوب زوما بتهمة الفساد، بعد رفض المحكمة العليا التخلي عن الملاحقات ضده.

أما شركة تاليس المتهمة بالفساد والابتزاز وتبييض الأموال في هذه القضية، فطعنت في أواخر 2020 في تهمة الابتزاز، وقالت في بيان إنها قد “أخذت علما بقرار المحكمة وتدرس حاليا الحكم مع فريقها القانوني لترى ما هي الخيارات القانونية الممكنة”.

وفي حال تمت المحاكمة، فستكون الأولى بتهمة الفساد لجاكوب زوما المتورط في عدد من الفضائح، أدت إلى سقوطه في فبراير 2018، وقد تخلى عنه حزبه المؤتمر الوطني الأفريقي ودفعه إلى الاستقالة، ليتولى سيريل رامابوزا الرئاسة خلفا له، واعدا بالقضاء على الفساد في حزبه وبلده.

وعلى وقع التطورات الأخيرة، من المتوقع إعادة النظر في الحكم الصادر بحبس زوما الذي يواجه تهمًا بالفساد وفقا لأدلة وحجج تثبت إدانته، إلا أن أعمال العنف الأخيرة قد تقود لتهدئة الأوضاع وربما التغاضي عما وقع من شبهات فساد في الصفقة الفرنسية القديمة، وذلك وفقًا لمعطيات المرحلة المقبلة إما السيطرة على العنف والفوضى أو استمرارها لوقف محاكمة زوما.

ربما يعجبك أيضا