بعد كارت أحمر من أردوغان.. أسباب تفضيل الإخوان الملاذ الأفغاني

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

مرت ثمان سنوات نجحت خلالها مصر في إدارة حرب مباشرة وقوية ضد التنظيمات الإرهابية التي اجتاحت البلاد عقب سقوط تنظيم الإخوان من الحكم في عام 2013، وسعت مصر بكامل مؤسساتها لتعزيز آلياتها وتحديث تشريعاتها لمواجهة خطر “خلايا الإخوان النائمة”، بموافقة مجلس النواب المصري بشكل نهائي، الإثنين الماضي، على مشروع قانون مقدم من 10 أعضاء يستهدف فصل الموظفين المنتمين لتنظيم الإخوان والعناصر الإرهابية من الجهاز الإداري للدولة.

أيضًا الانتصار المصري على فكر وخطط جماعة الإخوان الإرهابية بعد القرارات التركية الأخيرة ضد قيادات وعناصر الإخوان المقيمين على أراضيها، ومنع أنشطة الجماعة الإعلامية تمهيدًا للتقارب مع مصر، وما تبعه من صدور قرار من إبراهيم منير القائم بعمل مرشد الجماعة، بحل المكتب الإداري للإخوان وحل مجلس الشوري وتأجيل الانتخابات، ما دعا الجماعة إلى بحث مصيرها ومصير عناصرها وأنشطتها في تركيا التي اتخذت من أرض الأتراك مرتعًا ومنبرًا لبث السموم الإعلامية والشائعات والأكاذيب ضد المصريين.

مصر اشترطت على النظام التركي الذي يحاول جاهدًا الخروج من بوتقة الأزمات الخارجية التي تحيط به وتهدده بالتقارب مع القاهرة، إسكات المنابر الإعلامية والإلكترونية الموالية لفكر الإخوان والتي تبث من تركيا وتحاول النيل من مصر ودول الخليج بنشر الأكاذيب، وهو ما تم بالفعل إلى حد كبير، وبقى السؤال: إلى أين يتجه الإخوان بعد ما لفظتهم تركيا؟

الملاذ الأفغاني

البعض توقع خروجهم إلى دول أوروبية كهولندا والدنمارك أو ألمانيا وبريطانيا، والولايات المتحدة، ولكن هناك أفغانستان.

وعقدت مجموعة محمود حسين، الأمين العام السابق لجماعة الإخوان، والهارب لتركيا اجتماعات مكثفة للرد على قرارات إبراهيم منير الأخيرة بحل المكتب في إسطنبول، وبحث ملاذات أخرى آمنة لعناصر الجماعة وقيادتها المطلوبين لدى مصر، ونقل الإعلاميين ومنصات وفضائيات الجماعة لدول أخرى بعيدًا عن تركيا، واستقرت المجموعة بالفعل على نقل بعض الفضائيات للعاصمة البريطانية لندن؛ خاصة أن غالبية تراخيصها صادرة من هناك.

اتجاه جديد

وخلال الاجتماعات طرح أحد القيادات فكرة جديدة خلال سؤال وجهه للمجتمعين وهو: لماذا لا يتم نقل العناصر الإخوانية إلى أفغانستان خاصة بعد التطورات الأخيرة وانسحاب القوات الأمريكية منها وسيطرة حركة طالبان على 85% من أراضيها؟

إضافة لوجود نفوذ تركي يتمثل في التواجد العسكري وتولي تركيا حماية مطار حامد كرزاي الدولي في كابول، وتحملها المزيد من المسؤوليات تحت مظلة حلف الناتو لحين اكتمال انسحاب القوات الأمريكية بحلول سبتمبر المقبل.

ووفق معلومات كشفتها مصادر لـ”العربية.نت” فإن قيادات الإخوان التي طرحت الفكرة تستند لسابق تقديم الجماعة دعمًا ماديًا وإغاثيًا وإنسانيًا لطالبان والجهاديين في أفغانستان خلال الحرب ضد السوفييت، فضلًا عن وجود فرع للإخوان هناك، مضيفة أن القيادات عرضت الفكرة على إبراهيم منير القائم بعمل المرشد عبر مؤتمر عقد قبل يومين في لندن، ولم يعارضها، لكنه طلب مزيدًا من التشاور مع قيادات التنظيم الدولي، ومسؤولي حركة طالبان، والنظام التركي، خاصة في ظل الخلاف الحالي بين حركة طالبان ونظام أنقرة؛ بسبب ما تصفه الحركة للتواجد التركي في أراضي أفغانستان بالاحتلال.

احتمال وارد

قال الكاتب الصحفي بالأهرام والمتخصص في شؤون الجماعات والإرهاب، هشام النجار لـ”رؤية”: أفغانستان قد تتحول بعد الانسحاب الأمريكي والدولي مسرحًا لمختلف الفصائل والجماعات التكفيرية وجماعات الإسلام السياسي ومنها الإخوان، خاصة وأن هناك حالة تصارع وتنافس دولي وإقليمي يكرس الصراع بالوكالة من خلال أدوات تلك القوى ولعل المظهر الأقرب والأكثر وضوحًا في هذا السياق هو دخول تركيا على خط الأزمة ما يجعلها في مواجهة نفوذ روسي وإيراني كوضع شبيه بما يجري في سوريا حاليًا، حيث من المرجح في وضع كهذا أن يجري ضخ فصائل وجماعات تسند نفوذ هذا الطرف أو ذاك وتنفذ خططه على الأرض.

وكان إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد العام للإخوان، قرر حل المكتب الإداري ومجلس الشورى للجماعة في تركيا، مع تأجيل انتخاباته 6 أشهر، بسبب الخطوات التركية بوقف أنشطة الإخوان الإعلامية، وطلبها وقف التحريض ضد مصر ودول الخليج تمهيدًا للتقارب مع تلك الدول. وقررت الجماعة إخراج عناصرها من تركيا والرحيل إلى دول أخرى، على رأسها كندا وبريطانيا وهولندا وماليزيا وعدد من دول البلقان، وتخطط الجماعة لنقل فضائياتها الموجهة لمصر خارج تركيا خلال مدة لا تتجاوز 3 شهور.

وأعلنت تركيا، منذ شهور، عن رغبتها في استئناف اتصالاتها الدبلوماسية مع مصر وتحديدًا في مارس الماضي. وفي مايو الماضي، أجرى وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية، سادات أونال، أول زيارة من نوعها منذ 2013، إلى القاهرة لإجراء محادثات استكشافية مع مسؤولين مصريين.

وفي وقت لاحق، كشف وزير الخارجية المصري، سامح شكري، عن توقف المباحثات في الوقت الحالي، وعدم وجود أي موعد محدد لاستئناف اللقاءات الاستكشافية من أجل إعادة العلاقات المتبادلة، وذلك على خلفية تباين وجهات النظر بين القاهرة وأنقرة في عدد من القضايا، أبرزها الملف الليبي.

ربما يعجبك أيضا