أفغانستان تحت حكم «طالبان».. عودة للوراء

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

تلاحق التخوفات والهواجس  الشعب الأفغاني بعد استيلاء حركة طالبان على السلطة إذ إن التشدد الذي مارسته عناصر الحركة، والذي نجم عنه تحولات اجتماعية وثقافية، في المجتمع الذي شهد تضييقات على المرأة والحريات .

فخلال الفترة بين عامي 1996 و2001، وقعت أفغانستان التي كانت تسمي نفسها “إمارة إسلامية” تحت حكم الحركة، وقد شهدت حالات عنف قصوى باتجاه المرأة والحريات العامة، حيث كان يتعين على المرأة ارتداء ملابس فضفاضة وارتداء البرقع، وتقييد حركتها وعدم الخروج من المنزل والتوقف عن العمل.

قبل سنوات كانت كابول مدينة تشهد درجة من الانفتاح، فالمرأة التي كانت تخالط الرجل في العمل، وتنشط في كافة المجالات، فقدت أو بالأحرى تراجعت كل مكتسباتها الاجتماعية والحقوقية، وذلك بعد أن سجل عام 1972، انتخاب زهرة داوود التي هاجرت لواشنطن ملكة جمال كابول”.

لامساس بالآثار

36303 11

يقول «سهيل شاهين» المتحدث باسم حركة طالبان، بأنه مع عودة طالبان إلى السلطة بعد 20 عامًا، لا شيء يهدد الآثار البوذية في أفغانستان.

وتابع :”المواقع البوذية في أفغانستان ليست في خطر. أنا أدحض أي مزاعم من هذا النوع”.

يذكر أن حركة طالبان قد فجرت في عام 2001 تمثالين منحوتين في الصخر لبوذا في مقاطعة باميان بوسط أفغانستان، فيما يعتبر أعلى صورة منحوتة لبوذا في العالم، وكانت واحدة من أشهر المعالم الأثرية لثقافة ما قبل الإسلام في أفغانستان.

وأثارت حينها تصرفات طالبان غضبا عاما في العالم، وأدانت حكومات الدول الرائدة تدمير التماثيل، فيما لا تزال توجد في الوقت الحالي آثار من الحقبة البوذية في أفغانستان، وخاصة الأبراج البوذية إلى الشرق من كابل.

لا حقوق للمرأة

قالت سفيرة أفغانستان السابقة لدى الولايات المتحدة «رويا رحماني» إنها تتوقع أن تختفي حقوق المرأة في ظل حكم طالبان لأفغانستان.

وعبّرت رحماني -الموجودة حاليا بالولايات المتحدة- عن قلقها من أن الحروب الأهلية التي دمرت أفغانستان سوف تستمر مع سيطرة طالبان.

وأضافت رحماني – أنها لم تفاجأ بسرعة تحرك طالبان للسيطرة على كثير من الأراضي الأفغانية، مشيرة إلى أنه كانت هناك انقسامات في الطوائف السياسية في أفغانستان، وما حدث يمثل فشلا للديمقراطية الأفغانية وفشلا للدبلوماسية، بعد أن ضربت طالبان عرض الحائط بكل ما قدمه المجتمع الدولي على مدار العشرين عاما الماضية، لافتة إلى أن سحب القوات الدولية من أفغانستان عجل باستيلاء طالبان على الأمور.

وعبّرت رحماني -التي كانت أول سفيرة لأفغانستان لدى الولايات المتحدة، وشغلت هذا المنصب منذ 2018 حتى الشهر الماضي- عن اعتقادها أن حكومة تسيطر عليها طالبان لن تعين سفيرات في المستقبل.

أوقفوا طالبان

1 1457055

تقول «فوزية كوفي»، الناشطة في مجال حقوق المرأة والنائبة السابقة وعضو الوفد الأفغاني المفاوض مع طالبان قبل انسحاب الجيش الأميركي، لـ”أن بي سي” إن مستقبل المرأة في أفغانستان يبدو “قاتما”.

وتضيف كوفي أن “النساء في أفغانستان هن الأكثر عرضة للخطر”، موضحة أن “المجرمين” الذين حررتهم الحركة من السجون لتعزيز صفوفها “يشكلون الآن أيضا تهديدا، إلى جانب الرافضين لتمكين المرأة في العشرين سنة الماضية”.

وأكد مسؤول حكومي إقليمي أن النساء في المدن التي وقعت تحت سيطرة الحركة “مثل السجينات في منازلهن ولا يمكنهن الخروج”.

وأعربت نساء في رسالة شاركها مكتب روغول خيرزاد، نائب ولاية نمروز، عن مخاوفهن من مستقبل “بلا حق في التعليم، ولا حق في التدريس، ولا حق في العمل”. وجاء في الرسالة: “لقد أظهرت حركة طالبان، خلال النظام السابق، أنها لن تسمح للمرأة أبدا بالدراسة والعمل”

ودعت الرسالة “المجتمع الدولي” إلى التدخل: “أرجوكم أوقفوا طالبان. احترموا النساء والفتيات”.

وحملت الرسالة مخاوف من احتمال إجبار النساء والفتيات على الزواج من مسلحي طالبان.

الناشطة الأفغانية الحائزة على جائزة “نوبل”، ملالا يوسفزاي، كتبت أيضا في تغريدة: “نحن نشاهد بصدمة تامة سيطرة طالبان على أفغانستان. أنا قلقة للغاية بشأن النساء والأقليات والمدافعين عن حقوق الإنسان”:

النساء تحت حكم طالبان

يشير المراسل الصحفي البريطاني “كامبل ماكديارميد” في تقرير له بعنوان “لا يوجد ضوء في نهاية النفق: طالبان تعيد فرض قيود صارمة على النساء”.

ينقل الكاتب عن الأفغان الذين يفرون من تقدم سريع من قبل طالبان، قولهم إن “المتمردين يعيدون فرض قيود صارمة على النساء، مما يمحو أي تقدم تم إحرازه في مجال الحقوق والتعليم منذ الإطاحة بهذه الجماعة الدينية من السلطة قبل عقدين من الزمن”.

ويشير الكاتب إلى أنه في المناطق التي تم احتلالها، “ورد أن مقاتلي طالبان أمروا النساء بالبقاء في المنزل وعدم الظهور في الأماكن العامة إلا إذا كانوا يرتدون البرقع ويرافقهم قريب ذكر، مما يشير إلى أن الجماعة لم تعدل من تفسيرها المتشدد للإسلام الذي أدى بها في السابق إلى حظر تعليم الفتيات والموسيقى وتطيير الطائرات الورقية”.

 ونفى متحدث باسم طالبان تقارير عن زواج قسري، قائلا إن ذلك مخالف للشريعة الإسلامية والثقافة الأفغانية.

لكن الكاتب يوضح أن “النساء اللواتي استطعن منذ عام 2001 الحصول على عمل في مجالات مثل إنفاذ القانون والتعليم والرعاية الصحية يُجبرن الآن على ترك وظائفهن”.

ووفق مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، تعرضت النساء اللواتي يعصين القواعد الصارمة للجماعة للجلد علنا وحتى للقتل، بحسب المقال.

أكبر معدل أمية

تحولت أفغانستان في ظل الهيمنة الطالبانية إلى دولة تتصدر أعلى معدل للأمية في آسيا بين الرجال والنساء.

ووفقا لوكالة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، يوجد في أفغانستان، ثالث أكبر عدد من النازحين في العالم، وقد سمح سقوط نظام طالبان ببعض التغييرات الهامة والتقدم في مجال حقوق المرأة والتعليم.

ففي عام 1999، لم تكن هناك أي فتاة مسجلة في المدرسة الثانوية، وكان عددهن في المدارس الابتدائية لا يتجاوز الـ 9000 تلميذة، بحسب التقرير الصادر عن الوكالة المعنية بحقوق الإنسان، وتضيف: “وبحلول عام 2003، كان هناك 2.4 مليون فتاة في المدرسة، وارتفع هذا العدد الآن إلى نحو 3.5 مليون، وحوالي ثلث الطلاب في الجامعات العامة والخاصة هم من النساء”.

وبحسب منظمة اليونيسف الخيرية للأطفال “لا يزال هناك أكثر من 3.7 مليون طفل لم يسجلوا في المدارس، 60 في المئة منهم فتيات”.

لكن مع وصول طالبان لحكم افغانستان وسيطرة النسخة الدينية من أفكارهم الإسلامية المتشددة على المجتمع أضحى ثلث الفتيات لا يذهبن إلى المدارس، و87 % من النساء الأفغانيات أميات، وفقا لتقارير حقوقية دولية.

ربما يعجبك أيضا