بعد انهيار المفاوضات.. طالبان تسيطر على مديريات في «بانجشير» المعقل الأخير للتحالف الشمالي

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

بعد شن حركة طالبان عملية عسكرية واسعة في ولاية “بانجشير”، المعقل الأخير للتحالف الشمالي المعارض، نجحت الحركة في السيطرة على مساحات واسعة من الولاية، حيث أعلنت طالبان سيطرتها على منطقة بريان ثاني أكبر منطقة في ولاية بانجشير، بل إن مصادر الحركة أكدت سيطرتها على كامل الولاية بل وكامل التراب الأفغاني، حيث قال أحد قادة الحركة لـ”رويترز”: “بحمد الله، نحن نسيطر على أفغانستان بأكملها. لقد هزم مثيرو الشغب وبانجشير الآن تحت قيادتنا”.

فيما قالت قوات التحالف الشمالي: إن طالبان لم تسيطر على كامل الولاية وإن قوات التحالف مستمرة في القتال.

وكانت حركة طالبان أكدت على لسان ناطقيها أنها حاولت مرارا وتكرارا حل المشكلة مع بعض قيادات التحالف الشمالي بالحوار، لكنهم طالبوا بشروط لتقاسم السلطة اعتبرتها الحركة غير منطقية، ويوم الأربعاء الماضي، دعا زعيم طالبان بانجشير إلى قبول العفو وتجنب القتال، لكنه أقر بأن المفاوضات لم تسفر حتى الآن عن أي نتيجة. وقال: إن الموقف “يجب حله سلميًا”.

أمر الله صالح -نائب الرئيس الأفغاني السابق، الذي يعتبر نفسه الرئيس الشرعي لأفغانستان، بعد استقالة الرئيس أشرف عبدالغني والذي انضم لقوات أحمد مسعود- فر مع اشتداد المعارك من ولاية بانجشير إلى طاجيكستان.

الوادي الاستراتيجي

بانجشير، مسقط رأس أحمد مسعود، أحد أهم قادة المقاومة ضد الاحتلال السوفيتي في أفغانستان بين 1979 و1989، اشتهر حينها بلقب أسد بانجشير.

وذلك الوادي كان عقدة للاتحاد السوفييتي زمن احتلاله لأفغانستان، الوادي كالحصن الضخم تحميه ممرات دخوله الضيقة الطويلة المحاطة بالجبال يسهل رصدها ويصعب التقدم من خلالها، كما أن من يقاتل فيه هم أهله الذين خبروا دروبه، قديما قال أسد بانجشير أحمد شاه مسعود (الأسد الخمسة):”إذا كانت أفغانستان هي مقبرة الإمبراطوريات، فإن وادي بانجشير هو قلب تلك المقبرة”.

وتمتلئ تلك الممرات الضيقة في بانجشير بحطام المركبات المدرعة التي تم تدميرها خلال المحاولات الفاشلة لقوات الاتحاد السوفيتي لاحتلال المدينة.

وقبل الاحتلال الأمريكي لم تتمكن قوات طالبان من دخول ذلك الوادي، بل منه خرجت منه قوات التحالف الشمالي التي أسقطت الحركة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، واليوم تنجح الحركة فيما فشلت فيه قبل أكثر من عقدين من الزمان.

الوضع الميداني

وتواصلت الاشتباكات، اليوم الجمعة، بين مقاتلي حركة “طالبان” والتحالف الشمالي في ولاية بانجشير، شمالي أفغانستان.

ومنذ أسبوعين، يستمر القتال المتقطع بين “طالبان” والجبهة، حيث حشدت الحركة قوات تابعة لها في الولاية ومحيطها، خلال الفترة الماضية.

الاشتباكات بين الطرفين بدأت في وقت متأخر الخميس، ووصف أحد المصادر، الاشتباكات بأنها “شديدة للغاية”، فيما لم يبلغ عن وقوع قتلى أو مصابين من الطرفين.

طالبان سرعان ما أعلنت سيطرتها على منطقة بريان ثاني أكبر منطقة في ولاية بانجشير.

وفي وقت سابق من اليوم، ذكر المتحدث باسم “طالبان” الحنفي وردك على حسابه في “تويتر” أنه “تم تطهير منطقة بريان الكبيرة والاستراتيجية في بانجشير بالكامل من التشكيلات الإجرامية، وهي ثاني أكبر منطقة في بانجشير”.

وأمس الخميس، أعلنت “طالبان” سيطرتها على نقاط تفتيش استراتيجية في الولاية، بعد يومين من الاشتباكات مع الجبهة.

شاه مسعود الصغير

بدوره صرح أحمد مسعود القائد الأفغاني للقوات المحاصرة في ولاية بانجشير (شمال شرق كابول) قبل اشتداد المعارك مع طالبان، أنه بإمكان روسيا التوسط بينها وبين حركة طالبان، مشددا على ضرورة جعل الإقليم منطقة عازلة، وأوضح مسعود (من ذوي الأصول الطاجيكية) في مقابلة مع قناة “RBK” الروسية، أنه يمكن للمجتمع الدولي والقوى الإقليمية بما فيها روسيا الضغط على طالبان لإنشاء منطقة عازلة لمن لا يستطيعون مغادرة أفغانستان.

وأكد أن المفاوضات هي الحل الوحيد للسلام في البلاد، لافتا أن أفغانستان شهدت حروبا كافية خلال العشرين عاما الماضية، وأعرب عن أمله في أن تكون هناك فرصة للقيام بلقاء مع طالبان بوساطة روسية، لمنع تصعيد العنف، لأن لديهم مخاوف بشأن الوضع الأمني والسياسي في أفغانستان.

روسيا

من جهته أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس الخميس، عن أمل بلاده أن يتم إنهاء المواجهات بين حركة “طالبان”، وقوات ولاية بانجشير شمالي أفغانستان، عبر المفاوضات السلمية.

وأضاف أن “روسيا طالما دعت طالبان والمجموعات السياسية والعرقية الأخرى في أفغانستان للتوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة انتقالية شاملة”.

فيما قال السفير الروسي في كابول: بحثنا مع طالبان مسألة بانجشير وشددنا على ضرورة الحل السلمي، تدرك طالبان إن وادي بانجشير سيظل مسمار جحا للتدخلات الإقليمية والدولية، ومنه بدأ الغزو الأميركي، لذلك ستحسم السيطرة عليه حربا أم سلما.

ربما يعجبك أيضا