للحفاظ على مصالحها.. واشنطن مُلزمة بالتعاون مع تونس الجديدة

كريم بن صالح

كتب – كريم بن صالح

لا يمكن للمعسكر الغربي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية أن يتجاهل أو يعادي تونس الجديدة وذلك حفاظا على مصالحه في شمال إفريقيا وخاصة في الجارة الشرقية ليبيا.

فالعلاقات التونسية الأميركية تعود إلى سنوات حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي أدى زيارة تاريخية إلى واشنطن سنة 1961 التقى خلالها الرئيس الأسبق جون كيندي مخيرا حينها المعسكر الغربي على المعسكر الشرقي الممثل في الاتحاد السوفياتي.

ومنذ تلك الفترة تطورت العلاقات التونسية الأميركية في مختلف المجالات خاصة الاقتصادية والأمنية وفي مجال مكافحة الإرهاب إلى أن تدهورت في أواخر حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي الذي رفض إشراك الإسلاميين في السلطة بطلب من الإدارة الأميركية.

وبعد الثورة دعمت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وصول الإسلاميين إلى السلطة في المنطقة العربية بعد ثورات الربيع العربي بما في ذلك إسلاميي تونس لكن العلاقة توترت في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.

ومع وصول إدارة الرئيس جو بايدن إلى السلطة في الولايات المتحدة اعتقد الإسلاميون في تونس أن الدعم الأميركي سيعود من جديد ليفاجؤوا بالرئيس التونسي قيس سعيد وقد أبعدهم عن السلطة يوم 25 يوليو الماضي عبر اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاستثنائية بما فيها حل الحكومة وإقالة رئيسها هشام المشيشي وتجميد البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه.

واشنطن تعيد حساباتها بدعم قيس سعيد

وحاول الإسلاميون وعلى رأسهم رئيس البرلمان المجمد ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في بداية الأمر استمالة واشنطن لانتقاد إجراءات قيس سعيد ووصل الأمر بحركة النهضة الإسلامية إلى توقيع عقود ” لوبيينغ” بملايين الدولارات مع شركات ضغط أميركية للتأثير على صانع القرار الأميركي وحاول الغنوشي الوصول إلى رئيسة الكونغرس نانسي بيلوسي لكنه فشل في ذلك وفق ما قاله وزير الخارجية التونسي الأسبق احمد ونيس.

لكن الأميركيين لهم طريقتهم في معرفة التطورات الحاصلة في تونس رغم تأكيدهم المبدئي على ضرورة الحفاظ على المنظومة الديمقراطية في وقت يؤكد فيه قيس سعيد انه لا يستهدف الحريات والتعدد السياسي بل إن حركته التصحيحية تهدف إلى مقاومة الفساد ومنع تغلغل أطراف سياسية معينة للهيمنة على الدولة في إشارة إلى حركة النهضة.

وأرسلت الإدارة الأميركية قبل أيام وفدا ضم عددا من المسؤولين والدبلوماسيين البارزين للقاء قيس سعيد حيث حاول الإسلاميون تشويه تلك الزيارة ونشر إشاعات بان الوفد ضغط على قيس سعيد للتراجع عن إجراءاته بل وصل الأمر إلى تداول خبر مفاده بان الوفد ضم طبيبا نفسيا قدم نفسه على انه دبلوماسي لتنفي السفارة الأميركية كل تلك الشائعات.

بل وجدّدت الولايات المتحدة مواصلة دعمها لتونس على كل الأصعدة لإتمام البناء الديمقراطي واستعادة البلاد نسق النمو الاقتصادي في خطوة تعزز على مستوى الدعم الخارجي التغييرات الحاصلة في تونس مع حديث عن زيارة وفد للكونغرس إلى تونس السبت والأحد.

وكان وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي اجتمع عشية زيارة الوفد بالسفير الأميركي في تونس، دونالد بلوم، الذي عبر عن رغبة بلاده في مواصلة دعم تونس لإتمام البناء الديمقراطي واستعادة البلاد نسق النمو الاقتصادي.

أحزاب تونسية قلقة من التدخل الأميركي

لكن هذه الزيارات المتتالية للوفود الأميركية باتت تثير قلق العديد من القوى السياسية التونسية وبعض المنظمات الوطنية.

ورفضت أحزاب مثل الحزب الدستوري الحر وحركة الشعب وحزب التحالف من اجل تونس دعوة قدمتها السفارة الأميركية للقاء وفد الكونغرس وهو نفس موقف الاتحاد العام التونسي للشغل.

وشددت حركة الشعب على موقفها “القاضي بحماية السيادة الوطنية وعدم السماح لأي جهة خارجية بالتدخل في الشأن الوطني” بينما أفاد الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل سامي الطاهري أن الاتحاد يرفض الدعوة الأميركية.

وتتهم الأحزاب والقوى الوطنية التونسية حركة النهضة والتيار الإخواني بالعمل على تحريض الأميركيين للتدخل في الشأن التونسي لكن واشنطن تتدخل أساس للحفاظ على مصالحها خاصة وان التطورات السياسية والميدانية في الجارة ليبيا تقلق الإدارة الأميركية مع تصاعد النفوذ الروسي هناك.

ربما يعجبك أيضا