سقوط بانجشير.. إيران والذهاب نحو الاعتراف بطالبان

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

أعلنت طالبان الإثنين أنها سيطرت بشكل كامل على وادي بانجشير، آخر معقل للمقاومة ضد الحركة، فيما يتوقع وصول وزير الخارجية الأميركي إلى الدوحة للبحث في الوضع في أفغانستان مع تنديد إيران “بشدة” بالهجوم.

وقال الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد في بيان “مع هذا الانتصار، خرج بلدنا بشكل كامل من مستنقع الحرب. سيعيش الناس الآن بحرية وسلامة وازدهار”.

من جانبه، أقر زعيم المقاومة المسلحة، أحمد مسعود في تسجيل صوتي بسيطرة طالبان على ولاية بانجشير.

وأضاف مسعود: أن طالبان لم تقبل وساطة العلماء لوقف إطلاق النار في الولاية، مطالبا المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بالحكومة التي ستشكلها حركة طالبان. وأكد أنه سيعمل مع جميع الذين يرفعون السلاح ضد طالبان.

وقد انطلقت مظاهرات عديدة في العاصمة الأفغانية كابول دعما للمعارضة “جبهة المقاومة الوطنية” في بنجشير وتنديدا بالتدخل الباكستاني، وسط إطلاق نار من مسلحي طالبان.

وأظهرت مقاطع الفيديو المظاهرات والحشود التي عمت العاصمة كابل وسط إطلاق كثيف لمسلحي حركة طالبان النار في الهواء في محاولة لتفريق المتظاهرين.

وحمل بعض المتظاهرين لافتات تحت شعار “تحيا المقاومة، الموت لباكستان”.

الاستعداد لإعلان الحكومة

من ناحية أخرى، قال مسؤول بالحركة: إن طالبان أكملت إجراءاتها لإعلان الحكومة الجديدة، وإن زعيم الحركة هبة الله آخوند زاده سيبقى في موقعه ويشرف على الحكومة.

وأضاف هذا المسؤول: أن طالبان ستعلن نظاما يحظى بقبول المجتمع الدولي والشعب الأفغاني، مشيرا إلى توجيه دعوة لكل من تركيا والصين وروسيا وإيران وباكستان وقطر للمشاركة في يوم إعلان الحكومة.

وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده، قال ذبيح الله مجاهد: إن طالبان ستشكل حكومة تصريف أعمال كي تكون هناك فرصة لتعديلها وتحسين أدائها.

موقف إيران

ويبدو أن إيران كانت غاضبة وقلقة من التدخل الباكستاني، ودعمها لطالبان في مواجهة المقاومة في إقليم بنجشير؛ فقد دانت إيران “بشدة”، أمس الإثنين، الهجوم الذي شنته طالبان على وادي بنجشير آخر معقل للمعارضة المسلحة في أفغانستان ضد الحركة التي أعلنت “السيطرة الكاملة” على البلاد.

وقد التزمت طهران منذ سيطرة طالبان على أفغانستان الحذر في مواقفها، ولم تنتقد الحركة المتشددة.

ومع ذلك، يبدو أن إيران تتعامل مع طالبان بنظرة واقعية براجماتية؛ حيث لا تريد دول الجوار أن تذهب أفغانستان إلى الحرب الأهلية؛ لأن هذا يضر بمصالحهم الاقتصادية والأمنية. ولذلك تسعى هذه الدولة إلى اعتراف ضمني بواقع وجود حركة طالبان؛ لحين معرفة ما ستؤول إليه الأيام.

والأزمة الاقتصادية والمالية التي تعيشها أفغانستان؛ ستدفعها إلى دول الجوار بهدف الحصول على الواردات الأساسية، وعلى رأسها البترول والغاز الطبيعي والاحتياجات والسلع الضرورية الأخرى، وهو ما سيمثل مدخلاً للحكومة الإيرانية في تقوية الروابط التجارية مع أفغانستان.

كما أن استقرار أفغانستان مهم بالنسبة لإيران للوصول إلى أسيا الوسطى وإيجاد مساحة اقتصادية بعيدة عن اليد الأمريكية.

ويجتمع قائد فيلق القدس، إسماعيل قآني في البرلمان الإيراني اليوم؛ لبحث الأوضاع في أفغانستان.

وقال النائب بالبرلمان الإيراني، أحمد علي رضا بيكي، في إشارة إلى الاجتماع، إن قآني أكد على أن “المهم بالنسبة لنا في أفغانستان هو عدم المساس بأمن الجمهورية الإسلامية”.

وأضاف نقلًا عن قآني: “كانت الخطة الأميركية هي توريط إيران في صراع مع العالم السني، لذلك يجب على الجمهورية الإسلامية أن تتصرف بطريقة لا تعرض أمن إيران للخطر ولا تحقق للولايات المتحدة أهدافها”.

وصرح علي رضا بيكي بأن “قائد فيلق القدس يعتقد أن الوجود الأميركي في أفغانستان لا علاقة له بأحداث 11 سبتمبر، وأن الولايات المتحدة كانت مصممة على البقاء في أفغانستان بعد اغتيال أحمد شاه مسعود”.

وفي وقت سابق قال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية، إن أفغانستان جزء من “محور المقاومة”. كما حذر “ولايتي” حكومة كابول الجديدة من تغيير الدستور الأفغاني الحالي.

كما صرح نظام الدين موسوي المتحدث باسم رئاسة البرلمان الإيراني: “الجمهورية الإسلامية على اتصال مع طالبان وتعمل على ضمان مصالح الشعب الإيراني والشعب الأفغاني”.

ومن الجدير بالذكر أن مسؤولي النظام الإيراني قد صرحوا، مرارًا وتكرارًا، بأن طالبان “جزء من مستقبل أفغانستان”.

انقسام حول طالبان

وقد ظهر خلاف في مواقف الرأي العام الإيراني حول كيفية التعامل مع حركة طالبان. فصحيفة “آرمان ملي” الإصلاحية، انتقدت موقف الحكومة والنظام تجاه مقاومة بنجشير ضد طالبان، وتساءلت كيف يمكن للسلطات الإيرانية الاعتراف بحكومة طالبان، وتشارك في مراسم تسلم الحركة المتطرفة للسلطة إلى جانب الباكستانيين “القمعيين”؟.

وصحيفة “شرق” الإصلاحية، أجرت حوارا مع الزعيم السني الإيراني مولوي عبدالحميد وسألته عن أسباب تهنئته لحركة طالبان بعد السيطرة على أفغانستان، فقال إن الحركة تغيرت كثيرا عن 20 عاما الماضية، وأنها تحرم زراعة الخشخاش، وتسمح الآن بدراسة الفتيات في المدارس والجامعات. وأكد عبدالحميد أنه يعرف قيادات طالبان شخصيا، ووصفهم بأنهم “رجال معتدلون”.

أما صحيفة “كيهان” التابعة لمعسكر المرشد الإيراني، فقدمت نظرة واقعية براجماتية، حيث كان عنوانها “سقوط بنجشير”، مؤكدة على مزاعم حركة طالبان في الانتصار على “المقاومة الوطنية الأفغانية”.

كما دعت جبهة الإصلاح الإيرانية في بيان لها الحكومة ووزارة الخارجية في إيران إلى إنشاء “مقر إدارة أزمات وإدارة دبلوماسية للتطورات في أفغانستان”.

وحذر بيان لجبهة الإصلاح الإيرانية من “خطر التطهير العرقي” في أفغانستان وبانجشير، معربًا عن القلق من “التقاعس الدبلوماسي وعدم الاهتمام بمصير أفغانستان وشعبها”.

وأوضحت الجبهة في بيانها أن عددا كبيرا من الأفغان والشخصيات الأفغانية المؤهلة فروا من تهديد طالبان إلى مناطق نائية، وخاصة مرتفعات بنجشير، وأن “النظام يدعي أنه يشكل حكومة شاملة بدلا من التفاوض معهم للتوصل إلى اتفاق موثوق به، ويعتزم القيام بعمليات عسكرية بهدف التطهير العرقي في مرتفعات بنجشير”.

وشدد البيان على أنه نيابة عن الأحزاب السياسية الإصلاحية والإصلاحيين في إيران، يدعو جميع السياسيين

وفي إطار النظرة القومية، بعيدًا عن التباين المذهبي والعقائدي، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، إن التطورات في أفغانستان مهمة للغاية بالنسبة لنا كدولة مجاورة، ومن ناحية أخرى، نظرا إلى عمق الحضارة الإيرانية.

وأضاف: إن شعبي إيران وأفغانستان لديهما تاريخ مشترك ولدينا أواصر قرابة وحسب تأكيد قائد الثورة، فإننا أكثر من جيران.

وتابع رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى الإسلامي: الجمهورية الإسلامية الإيرانية تراقب عن كثب التطورات في أفغانستان وتحاول أن تفعل كل ما هو مفيد لشعبي أفغانستان وإيران.

واردف قائلا: التطور الإيجابي الأخير في أفغانستان، بشان انسحاب القوات الأميركية من هذا البلد وانتهاء احتلاله، كانت من أبرز الأحداث في المنطقة في الآونة الأخيرة، ومهما تفرغ المنطقة من القوات الأميرکية فهو إنجاز عظيم لدول المنطقة.

ربما يعجبك أيضا