تعليق الدستور وتغيير النظام السياسي.. حلول الرئيس التونسي الواقعية لإنهاء حالة الإرباك

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

تعيش الطبقة السياسية في تونس على وقع تصريح وليد الحجام مستشار الرئيس قيس سعيد بشأن تعليق الدستور وإصدار نظام مؤقت للسلط وأن هناك ميلا لتغيير النظام السياسي في البلاد عبر استفتاء.

وقد أثار هذا التصريح جدلا كبيرا فبينما عبر البعض عن تحفظه لموقف الرئيس إلا أن الأغلبية الشعبية والسياسية أيدت هذا المسار كونه ينهي مسارا كارثيا عمل من خلاله الإخوان على السيطرة على دواليب الدولة.

واحتوى النظام السياسي والدستور الذي أعلن عنه في 2014 على ثغرات عديدة مكنت الإسلاميين من الاستفراد بالسلطة من خلال المؤسسة البرلمانية التي منحت الكثير من الامتيازات على حساب السلطة التنفيذية برأسيها.

وعانى التونسيون من أزمات دستورية عديدة خاصة مع غياب المحكمة الدستورية حيث وضع الإسلاميون عراقيل أمام تعيين أعضائها وذلك خدمة لمصالح معينة بعيدة تماما عن المصالح الوطنية.

وحدثت قطيعة تامة بين المؤسسة البرلمانية التي يسيطر عليها الإسلاميون ومؤسسة الرئاسة التي عمل الإخوان على تحجيمها ما أدى في بعض الأحيان لصعوبة تشكيل حكومة وكذلك صعوبة حصولها على تأييد من قبل الرئيس.

وشهدت تونس سابقة تمثلت في رفض قيس سعيد لليمين الدستوري لعدد من وزراء قام رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي بتعيينهم رغم شبهات الفساد وهو ما كشف سلبيات النظام السياسي الحالي.

وتم تجاوز الإشكال عندما قرر الرئيس في 25 يوليو الماضي حل الحكومة وإقالة رئيسها المشيشي وتجميد البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه.

نظام رئاسي وليس رئاسوي

وفي محاولة لتشويه مؤسسة الرئاسة بعد الإجراءات الاستثنائية شن الإسلاميون حملة ضد الرئيس ومستشاره عبر نشر مزاعم قديمة بشأن نية الرئيس تأسيسي نظام رئاسوي استبدادي.

لكن المستشار وليد الحجام أفاد بأن بلاده تتجه لأن يكون النظام فيها رئاسيا، نافيا نية الرئيس لإرساء نظام رئاسوي قائم على سيطرته على كل السلطات.

وشرح الحجام خطط الرئيس قائلا إن ” النظام الرئاسي المراد تركيزه “يقوم على أن يكون هناك رئيس دولة يسير الدولة بالاستعانة برئيس حكومة وحكومة مقتدرة”، مضيفا ” النظام الرئاسي سيكون متوازنا فيه السلطة والسلطة المضادة وطبعا برلمان ليس كالبرلمان السابق”.

وقال أستاذ القانون الدستوري رابح الخريفي إنه من الضروري تأسيس نظام دستوري جديد يحقق مطالب الشعب التونسي مشيرا إلى أن المنظومة الماضية قد انتهت تماما وأن الشعب التونسي أصبح رافضا لها لأنها فسحت المجال أمام تغول الفساد.

والعديد من القوى السياسية كانت قد طالبت بالمرور إلى الجمهورية الثالثة بعد فشل المنظومة الحالية في تحقيق مطالب الشعب.

الجمهورية الثالثة

وقال الأمين العام لحزب مشروع تونس محسن مرزوق إنه من الضروري تغيير النظام من برلماني معدل إلى رئاسي معدل والمرور إلى انتخابات رئاسية على أساس نظام جديد مبني على المحاسبة ومقاومة الفساد.

لكن محسن مرزوق طالب في المقابل بضرورة حصول اتفاق بين القوى الوطنية الرئيسية مع رئيس الجمهورية حول خارطة الطريق تتضمن تشكيل حكومة كفاءات ووضع العناوين العريضة للمرحلة المقبلة.

ويبدو أن العديد من القوى السياسية تتجه إلى دعم مسار قيس سعيد حيث أعلنت كتلة الدستوري الحر استعدادها لمنح الرئيس إمضاءاتها من أجل حل البرلمان الحالي والمرور إلى انتخابات تشريعية ورئاسية.

ويرى مراقبون أن الشعب التونسي وقواه الوطنية لم تعد قادرة على قبول المنظومة التي أسسها الإخوان والتي أدت في النهاية إلى إضعاف الدولة التونسية وتهديد مصالحها خدمة لكيانات سياسية منتفعة من الدستور الحالي.

ربما يعجبك أيضا