وداعًا المشير طنطاوي.. مصر تتشح بالسواد بعد رحيل بطل الحروب وقائد الأزمات

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

رجل دولة من طراز خاص، حمل صفتي البطل والقائد، تحلى بالوطنية والانتماء، حمى مصر في فترة عصيبة حتى لُقب برجل الأزمات والمحن، دافع عن ترابها بطلًا وتحمل ما لا تتحمله الجبال قائدًا، عاش محبًا لشعبها، وبقي على العهد إلى أن وافته المنية على أرضها، لتُسدل وفاته الستار على مسيرة التفاني والعطاء التي قدمها للوطن.

توقف رحلة العطاء

استفاق الشعب المصري، صباح اليوم الثلاثاء، على خبر صادم وحزين أفاد بتوقف رحلة ومسيرة العطاء التي قدمها المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصرية الأسبق، بعد أن وافته المنية عن عمر ناهز الـ85 عامًا.

إذ نعت الرئاسة المصرية الفقيد الراحل الذي توفي في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، في بيان رسمي قالت فيه: “فقدت مصر رجلًا من أخلص أبنائها وأحد رموزها العسكرية الذي وهب حياته لخدمة وطنه لأكثر من نصف قرن.. المغفور له المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي الأسبق”.

كما نعى الجيش المصري الفقيد الراحل، ونشر المتحدث باسم الجيش على مواقع التواصل الاجتماعي بيانًا جاء فيه: “تنعي القيادة العامة للقوات المسلحة ابنا من أبنائها وقائدًا من قادة حرب أكتوبر المجيدة، المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع الأسبق”.

ومن جانبه، تقدم مجلس الوزراء المصري بخالص التعازي وببالغ الحزن والأسى إلى عائلة الراحل العظيم، وأسرة العسكرية المصرية، وجموع الشعب المصري الذي طالما ناضل من أجله.

وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء أن الراحل العظيم يكون برحيله قد ترجل كفارس نبيل بعد مسيرة طويلة مشرفة بذل خلالها الكثير في سبيل رفعة وطنه، قائدًا في صفوف القوات المسلحة خلال حروب مصر الحاسمة، ووزيرًا للدفاع عبر سنوات صعبة، ثم رئيسًا للمجلس العسكري الذي أدار دفة البلاد في فترة شديدة الدقة ليعبر بها سنوات الضباب، حيث حمل وأعضاء المجلس العسكري حينها، أمانة ومسؤولية وطن، في فترة من أدق فترات تاريخه، تحملوا خلالها الكثير والكثير من أجل هدف واحد، هو الحفاظ على استقرار الوطن، ووحدة وسلامة أراضيه، وفاءً لما أقسموا عليه.

كلمات مؤثرة

نعى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الراحل المشير طنطاوي، بعبارات يملؤها الحزن والأسى، إذ قال في تدوينه له عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: فقدتُ اليوم أبًا ومعلمًا وإنسانًا غيورًا على وطنه، كثيرًا ما تعلمت منه القدوة والتفاني في خدمة الوطن”.

وتابع: “إنه المشير محمد حسين طنطاوي الذي تصدى لأخطر ما واجهته مصر من صعاب في تاريخها المعاصر”.

وأضاف: “عرفت المشير طنطاوي محبًا ومخلصًا لمصر وشعبها، وإذ أتقدم لشعب مصر العظيم بخالص العزاء، فإنني أدعو الله أن يلهم أسرة المشير طنطاوي الصبر والسلوان”.

وأتم الرئيس المصري تدوينته ببعض آيات القرآن الكريم: “بسم الله الرحمن الرحيم.. “مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ فمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ومَا بَدَّلُواْ تبديلًا”.

ومن المقرر أن يتقدم الرئيس المصري، في وقت لاحق من اليوم مراسم جنازة عسكرية للمشير طنطاوي، ويشارك في الجنازة القائد العام للقوات للمسلحة وقادة الأفرع الرئيسية وكبار رجال الدولة.

وتجري مراسم الجنازة من مسجد المشير طنطاوي الذي حمل اسم الراحل بالتجمع الخامس، وأصبح أشهر مساجد مدينة القاهرة منذ تم افتتاحه في 9 مارس 2015 على يد الرئيس عبد الفتاح السيسي، تخليدًا لدوره الوطني في تاريخ مصر.

محطات في حياة المشير طنطاوي

91a467a8 47a7 4ebd a984 25cadb01c38f

ولد المشير طنطاوي في 31 أكتوبر عام 1935 في منطقة عابدين بوسط القاهرة، لأسرة نوبية من أسوان، ثم حصل على الثانوية العامة من مدرسة الخديوي إسماعيل الثانوية.

واصل دراسته حتى حصل على بكالوريوس في العلوم العسكرية من الكلية الحربية عام 1956، كما درس في كلية القيادة والأركان عام 1971، وفي كلية الحرب العليا عام 1982.

شارك في حرب 1967 وحرب الاستنزاف وحرب 1973، حيث كان قائدًا لوحدة مقاتلة بسلاح المشاة.

وعمل المشير طنطاوي في عام 1975 ملحقًا عسكريًا لمصر في باكستان ثم في أفغانستان، ومن ثم تدرج في العديد من المناصب.

2222

ومن بين تلك المناصب التي تولاها، قائد الجيش الثاني الميداني 1987، ثم قائد الحرس الجمهوري 1988، وأصبح قائدًا عامًا للقوات المسلحة، ووزيرًا للدفاع في 1991 برتبة فريق، ثم بعدها بشهر أصدر الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك قرارًا بترقيته إلى رتبة الفريق أول، وحصل على رتبة المشير في عام 1993.

تولي رئاسة مصر بصفته رئيسًا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد تنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في 11 فبراير 2011، وظل على رأس السلطة حتى تسليم منصبه وأداء اليمين الدستورية في 1 يوليو 2012.

وأحيل للتقاعد بقرار رئاسي من الرئيس الراحل محمد مرسي في 12 أغسطس 2012، بعد أن قلده قلادة النيل العظمى.

بطل في الحرب.. وقائد بالأزمات

رحلة المشير طنطاوي التي قدم خلالها دروسًا في العطاء والانتماء للوطن، ظهر فيها بمثابة البطل تارة والقائد تارة أخرى.

إذ كان بطلًا خلال العديد من الحروب، والبطولات الفارقة في تاريخ مصر المحروسة، حيث شارك ببسالة في 6 حروب وهي “العداون الثلاثي عام 1956، النكسة 1967، أكتوبر 1973، وحرب تحرير الكويت عام 1991”.

لم تتوقف بطولات المشير طنطاوي عند حدود خوض المعارك وحمل السلاح في وجه أعداء الخارج فقط، إنما ظهر بدور رجل الدولة المحنك في الفترة التي واكبت أحداث 25 يناير، ليتولي مسؤولية إدارة دفة البلاد في فترة غاية في الصعوبة تصدى خلالها بحكمة واقتدار للمخاطر المحدقة التي أحاطت بمصر.

جاء ذلك بعد أن تنحى الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عن البلاد، نتيجة للضغط والغضب الشعبي، وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد.

وبموجب البيان الخامس الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، أصبح المشير”محمد حسين طنطاوي” الحاكم الفعلي لمصر وممثلاً للجمهورية في الداخل والخارج.

وفور تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة مسؤولية السلطة في البلاد استطاع في وقت قصير أن يحافظ على هيبة ومكانة القوات المسلحة المصرية أمام العالم أجمع، وكان الضامن الأمين للتطور الديمقراطي في مصر.

ولم يكن “المشير طنطاوي” محبًا للظهور كثيرًا للحديث للرأي العام، إلا أنّه وجّه “رسائل حاسمة” للشعب المصري، آنذاك، حيث قال خلال زيارة إحدى المنشآت العسكرية يوم 11 نوفمبر 2011، في كلمة مُصورة أذاعتها الشؤون المعنوية للقوات المسلحة فيما بعد: “المراد هي مصر.. ومصر هتستمر شعلة الوطنية، والقومية، والأمن والأمان في المنطقة كلها”.

أنواط وأوسمة

بناءً على إنجازاته وجهوده خلال مشواره العسكري نال المشير طنطاوي نحو 23 وسامًا ونوطًا وميدالية عسكرية، تقديرًا له على جهوده وحبه المتفاني للوطن.

إذ قدرت مصر ابنها المخلص وقلدته عدة أوسمة أبرزها:
(وسام تحرير الكويت، نوط المعركة، ميدالية تحرير الكويت، نوط الجلاء العسكري، نوط النصر، نوط الشجاعة العسكري، نوط التدريب، نوط الخدمة الممتازة، وسام الجمهورية التونسية، بالإضافة إلى ميدالية يوم الجيش).

مصر تتشح بالسواد

22 2

اتشحت مصر بالسواد، فور النبأ الحزين، وأعلنت الدولة الحداد الرسمي والوطني، حزنًا على رحيل المشير طنطاوي.

ومن ثم، انهالت برقيات التعزية لتغزو مواقع التواصل الاجتماعي ليس فقط من قبل كبار رجال الدولة، بل من جميع أبناء الشعب، لتتحول السوشيال ميديا إلى دفتر عزاء، مليء بالكلمات المؤثرة من ناحية، وبسرد إنجازات البطل الراحل وخدماته الجليلة للوطن من ناحية أخرى.

ربما يعجبك أيضا