وسط تلويح بحكومة موازية.. الانتخابات الليبية تواجه مخاطر التقسيم!

حسام السبكي

حسام السبكي

حلقة جديدة في مسلسل الأزمات التي لا تكاد تنتهي في بلد المختار، وباتت عثرة في طريق الاستحقاق الانتخابي المنتظر، والذي تُعقد عليه الآمال في الحفاظ على ما تبقى من وحدة التراب والنسيج المجتمعي الليبي، أتت هذه المرة من شرق البلاد، وذلك في إطار وصفه محللون سياسيون بـ”الشقاق” داخل أروقة حكومة الوحدة الوطنية، التي تولدت بعد مخاض سياسي عسير، وما تلبث أن تجني الثمار بـ “الانتخابات”، حتى باتت الأخيرة محل شك، في ظل مساعي شرقية لتشكيل حكومة موازية، قد تكون نواة لدولة أخرى داخل ليبيا!.

أزمة جديدة

حسين القطراني نائب رئيس الحكومة الليبية
حسين القطراني نائب رئيس الحكومة الليبية

في أعقاب التصويت بحجب الثقة عن حكومة الوحدة الوطنية الليبية أواخر سبتمبر الماضي، دب الشقاق داخل حكومة الدبيبة، حيث وجه نائب رئيس الحكومة عن إقليم الشرق في ليبيا، حسين القطراني، سيلا من الانتقادات لرئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، معتبرا أن مواقفه تعمق الانقسامات بين الليبيين.

كما ألمح إلى تأجيل الانتخابات، قائلا في بيان، أمس الأحد، إنه يعتقد أن كافة المعطيات تشير إلى أن الانتخابات النيابية والرئاسية لن تجرى في موعدها، المقرر في ديسمبر ويناير المقبلين.

علاوة على ذلك، استنكر القطراني ووزراء ووكلاء الوزراء عن إقليم برقة شرق البلاد، خلال اجتماع طارئ أداء رئيس الحكومة، وطالبوه بالالتزام بخارطة الطريق والتوزيع العادل بين الأقاليم.

كذلك، شددوا على ضرورة عودة المؤسسات السيادية التي نقلت من بعض الأقاليم شرقا ومنها برقة، إلى طرابلس.

كما استنكروا احتفاظ الدبيبة بحقيبة الدفاع، مطالبين بتعيين وزير لها، فضلا عن إعادة فتح المقاصة المقفلة بين مناطق غرب وشرق البلاد من المصرف المركزي.

وفي كلمة ألقاها أثناء اجتماع طارئ وزراء ووكلاء الحكومة الممثلين للمنطقة الشرقية وجميع المؤسسات ورؤساء المجالس التسييرية والمناطق الإدارية في المنطقة، اعتبر القطراني أن “رئاسة حكومة الوحدة لم تلتزم بتنفيذ بنود الاتفاق السياسي ووقعت في مسالك الإدارة الديكتاتورية الفردية”. وأضاف أن رئاسة الحكومة “لم ترتق للمسؤولية التاريخية ولم تلتزم بمبادئ خارطة الطريق بشأن توحيد المؤسسات والتوزيع العادل للمقدرات”.

وتحدث القطراني عما وصفه بـ”حكومة العائلة”، قائلا إن بعض أفرادها وجهوا عبد الحميد الدبيبة “للاتجاه الخاطئ”. وأوضح: “سوء إدارة رئيس الحكومة ربما نتيجة وجود بعض أفراد عائلته حوله وقلة خبرته الإدارية”.

وأضاف أن هناك “شخصيات تنادي بتفعيل الانفصال عن الحكومة وتشكيل حكومة جديدة ورفضنا ذلك لأننا لا نريد أن نكون سببا في إفشال الاتفاق السياسي والرجوع إلى المربع الأول”.

يشار إلى أنه طالما شكا مسؤولون في أقاليم شرق البلاد، مما يصفونه إهمال الحكومة، وعدم توزيعها العادل للمخصصات.

إلا أن تصريحات، أمس الأحد، تأتي في مرحلة حساسة، يعلق فيها المجتمع الدولي آماله على إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية وفق خارطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة، من أجل إنهاء حال الفوضى التي غرقت فيها البلاد منذ العام 2011، بعد الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي.

وفي الفصل الجديد من الأزمة، أكد القطراني أن إنشاء حكومة موازية في شرق ليبيا، بات “خيارًا قائمًا وقريبًا”!.

وفي إطار الهجوم على حكومة الدبيبة أيضًا، هاجم وكيل وزارة الداخلية الليبية فرج قعيم رئيس حكومة الوحدة الوطنية متهما إياه بالتفرد بالسلطة والسعي لإفشال الانتخابات العامة في ديسمبر المقبل.

وفي تصريحات لصحيفة “المرصد” الليبية اتهم المسؤول الدبيبة بأنه يقوم بدعاية انتخابية “على حساب الليبيين وبأموالهم لانتخابات لا يرغب فيها الآن بينما يركز كل الصلاحيات بيده“.

وأضاف أن الدبيبة والمحيطين به “يسعون بكل قوة لإفشال انتخابات ديسمبر”، مضيفا: “إذا وافقنا على ذلك فنحن نخالف تعهدنا لليبيين“.

كما هاجم قعيم رئيس الوزراء بسبب ما قال إنه “سحب جميع صلاحيات دواوين رئاسة الحكومة في المنطقة الشرقية وحرمانها من جميع الإمكانيات”. واتهمه أيضا بعدم مراعاة مبدأ التوزيع الجغرافي للمناصب الأمنية والعسكرية في البلاد، وذلك خلافا لما جاء في نص الاتفاق السياسي.

وقال قعيم إنه لا يجد لدى الدبيبة نية حقيقية لبناء مؤسسة أمنية وعسكرية، “والمثال تعمد عدم صرف مستحقات الجيش الذي يحمي النفط والأجهزة الأمنية“.

وتابع أن تعيينات رئيس الحكومة في الشركات الخارجية تتم بعلاقات شخصية لأصدقائه والمقربين دون التشاور مع مجلس الوزراء وبعض المعينين عليهم شبهات فساد.

وصرح قعيم بأن الدبيبة أحبط آماله وآمال كل من دخل الحكومة من أجل “توحيد الدولة وتجاوز الماضي”. وقال: “الدبيبة سحب اختصاصنا كوكلاء وكذلك بعض الوزراء وأصبحوا عبارة عن صورة وتكملة عدد“.

وبحسب وكيل وزير الداخلية فإن الدبيبة “لا يتصرف كرئيس لحكومة تسمى الوحدة الوطنية وإذا أرادها هكذا فهذا رأيه وسيكون لنا رأينا”.

تدخل دولي

بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا
بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا

ومع حالة اللغط السياسي السائدة في الأوساط السياسية، سارعت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى دعوة كافة الأطراف للانخراط في حوار مباشر، مؤكدة ضرورة الالتزام بخريطة طريق ملتقى الحوار السياسي.

وذكّرت الأمم المتحدة في بيان، ليل الأحد، أن على جميع الأطراف الليبيين احترام إجراء الانتخابات في موعدها يوم 24 ديسمبر.

وحثت البعثة وبقوة جميع الأطراف على تفادي التصعيد والامتناع عن أي عمل يمكن أن يهدد وحدة البلاد ومؤسساتها وسلامة الشعب الليبي ويشكل تهديداً للسلم والأمن الوطني والدولي ويمكن أن يعرقل، بشكل مباشر أو غير مباشر، إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر، وتُذكر البعثة بقرارات مجلس الأمن الأممي ذات الصلة والتي تشير إلى إمكانية النظر في تدابير محتملة بحق الأفراد أو الكيانات التي تعرقل اكتمال الانتقال السياسي في ليبيا.

وتحث البعثة الأطراف الليبية على العمل سويةً بروح من التوافق وتقبل الآخر والإنصاف بهدف معالجة التظلمات والمخاوف عبر التفاوض مع وضع وحدة البلاد واستقرارها ومصالح الشعب الليبي في المقام الأول.

ربما يعجبك أيضا