رد المحقق العدلي.. محاولة اغتيال مكشوفة للعدالة في لبنان

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

مجدداً وللمرة الثالثة، التحقيقات في قضية انفجار مرفأ بيروت تتأجل وترتطم بعراقيل شكاوى قضائية بحق قاضي التحقيق من وزيرين لبنانيين سابقين. تأتي هذه التطورات في وقت يتعرض المحقق العدلي لأعنف حملة سياسية وإعلامية من المتضررين مما أثار المخاوف من تضييع التحقيق برمته، بعد أن تفجرت فضيحة في البلاد، تمثلت بتوجيه أحد مسؤولي حزب الله تهديداً للقاضي عبر صحفية لبنانية.

الأمر الذي يثير خشية كثيرين من أن تؤدي الضغوط السياسية إلى عزل بيطار، على غرار ما جرى مع سلفه فادي صوان الذي نُحي في فبراير بعد ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين.

مذكرة توقيف غيابية

حسن

المحقق العدلي في هذا الانفجار، القاضي طارق بيطار، والذي يتعرض لحملة سياسية وإعلامية ممنهجة، تستهدفه شخصيا، ويشنها بعضٌ من المدعى عليهم في القضية، كان قد أصدر مذكرةَ توقيفٍ غيابية، بحق المدعى عليه في القضية وزيرِ المالية السابق، علي حسن خليل، وهو عضو بارز في حركة “أمل”، وأحد حلفاء “حزب الله” في لبنان بعد عدم مثوله للاستجواب.

محكمة الاستئناف في بيروت ردت في وقت سابق الدعاوى المقدمة من ثلاثة نواب، شغلوا مناصب وزارية سابقاً، لكفّ يد القاضي طارق بيطار عن القضية الأشهر في لبنان منذ اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، وفق ما أفاد مصدر قضائي، بعد تعليق التحقيق لمدة أسبوع، ما أثار اتهامات بعرقلة عمل القضاء.

وقال مصدر قضائي لوكالة فرانس برس إن “محكمة الاستئناف برئاسة القاضي نسيب إيليا ردّت الدعاوى المقدمة من النواب المشنوق وخليل وزعيتر لكفّ يد القاضي بيطار عن التحقيق، ونقل الملف إلى قاض آخر، واعتبرت أن المحكمة غير مختصة النظر في الموضوع”. ويمكن لبيطار، وفق المصدر ذاته، أن “يستأنف تحقيقاته من هذه اللحظة”.

وفي تعليق على الموضوع بعد ترأسه للحكومة اللبنانية، أكد نجيب ميقاتي في وقت سابق، أن وقف عمل القاضي طارق بيطار فيما يخص التحقيقات في ملف انفجار مرفأ بيروت، أمر قضائي لا يتدخل فيه.

مخاوف حزب الله

لم يعد خافياً توجّس حزب الله من المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، لا سيما بعدما رفضت محكمة الاستئناف طلبات إقصاء القاضي البيطار الذي استأنف تحقيقاته من حيث توقفت.

كل محاولات حزب الله ضرب تحقيقات انفجار مرفأ بيروت تؤكد تورطه، فها هو الأمين العام للحزب، حسن نصرالله، يصف ما يحصل في تحقيقات مرفأ بيروت بأنه “خطأ كبير جدا جدا لن يوصل إلى أي حقيقة”، متهما المحقق الرئيسي في الانفجار بأنه “مسيس” على حد زعمه.

التهويل الذي مارسه نصرالله يؤكد مرة جديدة أن لا دولة ولا قضاء ولا محاسبة ولا إصلاحات ممكنة في ظل سطوة السلاح، إن التغيير والإصلاح الحقيقيين يجب أن يمرّا عبر بوابة السيادة. فمن يحمي المرتكبين والمقصرين في جريمة تفجير المرفأ يحمي أيضا الفاسدين.

يقول مراقبون: محاولة الوزراء “الشيعة” التهديد بتفجير الحكومة في حال استمرار القاضي بيطار بملاحقة المتورطين، دليل فاضح على مهنية ومصداقية القاضي ويضع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمام خيارات مصيرية.

إفشال تحقيقات المرفأ هو أكبر ضربة للقضاء بلبنان، فرغم الدماء التي سقطت ومعاناة الجرحى منذ سنة وشهرين وحتى اليوم، نهج المماطلة عرض مستمر، والجناة أحرار يعيشون الحياة بكل ملذاتها.

دعم دولي

بدورها، جددت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان في بيان، تأكيد التكتل على ضرورة استكمال التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت في أسرع وقت ممكن، دون أي تدخل.

وجددت البعثة في البيان الصادر اليوم الثلاثاء “تأكيد الاتحاد على ضرورة استكمال التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت في أسرع وقت ممكن، وأن يكون غير منحاز ويتم بمصداقية وشفافية واستقلالية”.

ورأت أنه “يجب السماح بالمضي في الإجراءات القانونية من دون أي تدخل ويجب محاسبة المسؤولين عن هذه المأساة”. وأعلنت أنه “يعود إلى السلطات اللبنانية تمكين التحقيق من الاستمرار من خلال تأمين كل الموارد البشرية والمالية الضرورية له، حتى يتمكن من الكشف عما حدث في 4 أغسطس (آب) 2020 وإعطاء إجابات تتمتع بالمصداقية عن الأسئلة الملحة التي يطرحها الشعب اللبناني، عن الأسباب التي أدت إلى وقوع الانفجار والطريقة التي وقعت بها”.

ربما يعجبك أيضا