من أوروبا إلى بيروت..أزمة طاقة عالمية تنذر بشتاء قارس

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبدالرحمن

صعدت أزمة الطاقة العالمية إلى الواجهة مجددًا بعد إنهاء عمليات الإغلاق المصاحبة لانتشار وباء كورونا في معظم بلدان العالم، فيما تمخضت عن هذه الأزمة ما يسمى بدبلوماسية الغاز حيث تحولت خطوط الأنابيب إلى أوراق مساومة سياسية تدفع بها القوى العالمية لترجيح كافة الميزن لصالحها.

وطرحت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية تساؤلا بشأن «كيف أصبح الغاز ورقة مساومة جيوستراتيجية في أزمة الطاقة؟»، فيما تحول الغاز من المواجهة الروسية مع أوروبا إلى شرق البحر المتوسط وأزمة الطاقة في لبنان، ليصبح أقوى سلاح دبلوماسي الآن.

وأوضحت أن من يعيشون في بيروت أو باريس أو لندن يتشاركون نفس الخوف من الشتاء البارد القادم لأن الغاز الذي يدفء أو يضيء منازلهم إما مفقود أو باهظ الثمن.

الغاز أصبح أداة ضغط دبلوماسية

وفسر العديد من المحللين أسباب أزمة الطاقة، قد يكون أحدها هو ارتفاع الطلب مقابل انخفاض العرض بسبب التعافي الاقتصادي الذي جاء في وقت أقرب من المتوقع من تداعيات كوفيد 19، بالإضافة إلى التوجه الجديد المدعوم من الحكومة الصينية إلى مكافحة تغير المناخ، وإما لسبب ثالث وهو عقود من الفساد السياسي وعدم الكفاءة كما تظهر الكارثة في لبنان.

ويتحد شعوب تلك المناطق المتضررة في مطلب واحد، حيث يسعى الأوروبيون واللبنانيون على حد سواء إلى الخروج من أزمة دبلوماسية خط الأنابيب.

واعتبر المحللون إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرى فرصة سانحة لاستغلال التفاوت بين العرض والطلب وعدم القدرة على التنبؤ الجيوسياسي، بعدما أوضحت الأزمة ، من الناحية العملية ، كيف يمكن نشر الغاز الطبيعي كسلاح جيوسياسي ، لكنه سلاح يتمتع بخصوصية فريدة: غير فعال ، ورديء ، وخطر يمكن أن يأتي بنتائج عكسية.

 ونوهت صحيفة «واشنطن» إلى أن أزمة الطاقة التى يشهدها العالم حاليا، وصلت إلى محطات الطاقة فى الهند حيث تواجه اقتراب نفاذ الفحم، فيما بلغ متوسط سعر جالون البنزين العادى فى الولايات المتحدة 3.25 دولار يوم الجمعة، ارتفاعا من 1.72 دولار فى إبريل.

وقالت الصحيفة إن التعافى الاقتصادى من الركود الذى سببه وباء كورونا هو السبب، ويأتى بعد عام من التراجع فى استخراج الفحم والنفط والغاز.

وتشمل العوامل الأخرى الشتاء البارد بشكل غير عادى فى أوروبا، والذى أدى إلى استنزاف الاحتياطى، وسلسلة من الأعاصير التى فرضت إغلاق مصافى النفط فى الخليج، وتحولا نحو الأسوأ فى العلاقات بين الصين واستراليا أدى ببكين إلى وقف استيراد الفحم من «داون أندر»، وموجة من الهدوء فوق بحر الشمال التى قلصت بشكل حاد إنتاج توربيدات الرياح المولدة للكهرباء.

ويقول دانيال يرجن، مؤلف كتاب «الخريطة الجديدة: الطاقة والمناخ وصدام الأمم»، إن الأزمة تنتقل من سوق طاقة إلى آخر، وتسارع الحكومة لتقديم الدعم وفقا للمحدد من أجل تجنب رد فعل سياسى هائل، وهناك حالى من القلق الكبير بشأن ما يمكن أو يمكن أن يحدث فى الشتاء، بسبب شىء ليس لدينا سيطرة عليه وهو الطقس.

ارتفاع أسعار البترول

وشهدت أسعار البترول ارتفاعا فى أسواق النفط العالمية اليوم الثلاثاء بعد تكبد خسائر في وقت سابق، لتواصل بذلك تحقيق مكاسب لليوم الرابع على التوالي في ظل انتعاش الطلب العالمي الذي يسهم في نقص الطاقة بالاقتصادات الكبرى، بحسب وكالة «رويترز».

وقفزت أسعار الكهرباء إلى مستويات قياسية في الأسابيع القليلة الماضية مدفوعة بنقص واسع في الطاقة في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة. وشجعت أسعار الغاز الطبيعي المرتفعة شركات توليد الكهرباء على التحول إلى النفط.

وتشير تقديرات المحللين إلى أن التحول من استخدام الغاز الطبيعي إلى النفط لتوليد الكهرباء قد يزيد الطلب العالمي على الخام بين 250 و750 ألف برميل يوميا.

تأثير الأزمة على منطقة الشرق الأوسط

ولفت  المحلل السياسي الروسي، ألكسندر نازاروف، وفق ما نشره موقع «روسيا اليوم»، إلى أن مخاطر ذلك الوضع على المنطقة العربية التي لا تتمتع باكتفاء ذاتي فيما يتعلق بالطعام، مشيراً إلى أن أي انقطاع للإمدادات ولو لفترة قصيرة، يعرض المنطقة لأزمة غذائية حادة، خاصة مع تقارير تفيد أن إنتاج القمح العالمي لهذا العام 780 مليون طن، فيما الاستهلاك العالمي 790 مليوناً، كما يتوقع انخفاض المحصول في أمريكا وكندا وروسيا مقارنة بالعام السابق، محذراً في الوقت نفسه من استخدام الحبوب والغذاء كسلاح اقتصادي. ولفت إلى أنه خلال فترة الحجر الصحي ارتفعت أسعار المواد الغذائية، بعدما فرض أكبر منتجي الحبوب حظراً أو قيوداً على التصدير، من أجل ملء السوق المحلية.

وحذر الكاتب من انقسام العالم إلى معسكرات، بسبب سخونة الصراع بين أمريكا والصين، بشكل يقضي على الروابط التكنولوجية والاقتصادية؛ إذ توقفت الصين عن شراء الفحم الأسترالي، وتوقفت أمريكا عن إمداد محطات الطاقة الصينية باليورانيوم، بينما تحاول أوروبا تقليل اعتمادها على الغاز الروسي.

ربما يعجبك أيضا