على خط بيروت – تل أبيب.. مهمة استكشافية للمبعوث الجديد لترسيم الحدود البحرية

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

يعود ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إلى الواجهة مجددا مع بدء جولة المبعوث الأمريكي الجديد في لبنان، التقى خلالها رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس الوزراء والبرلمان، بعد 5 جولات من المفاوضات غير المباشرة بين لبنان والاحتلال من أجل ترسيم الحدود توجه خلالها الوفد اللبناني في حديثه إلى الوفد الأممي لا إلى الطرف المعادي لاعتبارات تتعلق بحالة الحرب مع الاحتلال.

دوافع لبنان للترسيم

لبنان 1

الأزمة الخانقة التي تحيط بلبنان من كل اتجاه تدفعه دفعا للتفاوض مع عدوه التاريخي لترسيم الحد البحري، يقع ذلك في أفق الحاجة الماسة إلى الغاز كأولوية، إذ ارتفعت أسعار المحروقات مع هبوط الليرة ما فجّر أزمة النقل والكهرباء وقطاع الطاقة، فيما تتحرك أمواج البحر على كميات كبيرة من الغاز.

ومع ذلك فإن الخلافات الجذرية مع الاحتلال الإسرائيلي على شكل الترسيم وآلياته عطلت سير المفاوضات التي بدأت في تشرين الأول 2020 برعاية دولية ووساطة أمريكية وتوقفت في آيار الماضي.

من جهته، وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري الأجواء في مفاوضات ترسيم الحدود «أكثر من إيجابية»، والمناقشات مع الجانب الأمريكي أسقطت مبدئياً فكرة المفاوضات المكوكية التي اقترح الأمريكيون القيام بها بديلاً عن المفاوضات غير المباشرة التي كانت تجري في مقر الأمم المتحدة عند الحدود.

أما رئيس الوزراء نجيب ميقاتي فأعلن موافقته مواصلة التفاوض برعاية أمريكية، غير أن الإدارة الأمريكية أوفدت وسيطا مثيرا للجدل هذه المرة، هو عموس هوكستين.

عدوّ لا وسيط!

في 10 آب الفائت أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تعيين «عموس هوكستين» وهو أمريكي إسرائيلي في منصب كبير مستشاريه لشؤون أمن الطاقة، وأعلن عن تكليفه بمتابعة ملف التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية بين العدو الإسرائيلي و لبنان. وُلِد هوكستين في دولة الاحتلال عام 1973 وخدم في جيشه بين 1992 و 1995.

يعرف هوكستين بأنه صاحب «دبلوماسية التطبيع الاقتصادي» والذي سبق أن خدم في جيش الاحتلال خلال العدوان على لبنان، ليكون “وسيطاً” في المفاوضات المزعومة حول حقول الغاز بين لبنان وفلسطين المحتلة، الأمر الذي يجرح مصداقيته ووقوفه على الحياد من أجل التوصل لحل موضوعي يرضي جميع الأطراف في هذا النزاع.

يرى مراقبون أن الصفة الدبلوماسية للمفاوض هوكستين الذي زار بيروت، لا تلغي حقيقة هويته وتاريخه الإجرامي بحق فلسطين ولبنان، وأن المقترحات معروفة قبل وصول الوفد إلى لبنان علماً أنها تؤدي إلى التطبيع غير المباشر.

ارتباك لبناني

الموقف اللبناني حسب مراقبين بدا مرتبكا وغير واضح في ظل المنازلات السياسية التي تعيشها البلاد على وقع أزمة انفجار مرفأ بيروت، حتى يمكن القول إنه لا يوجد موقف رسمي موحد للبنان تجاه مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع الاحتلال.

الخلاف الذي أثاره الموقف اللبناني والمستند إلى دراسات أكدت حق إضافي تضيف مساحة جديدة للبنان، فالخلاف في الجولات السابقة حول النقطة 23 فيما يصر الجانب اللبناني على حقه للنقطة 29.

لذلك أحضر الموفد الإسرائيلي بقناع أمريكي مقترح مؤداه تأسيس صندوق سيادي للمنتجات النفطية من المساحة المختلف عليها بين الجانبين على أن توزع عائداته بالاتفاق بين لبنان والاحتلال شرط أن يمر عبر أنبوب أمريكي !

مع الأخذ في الاعتبار بتصريحات منسوبة لرئيس حكومة الاحتلال، نفتالي بينيت، بأن إسرائيل لا تنتظر موافقة لبنان من أجل التنقيب عن الغاز ومن ثم سرقة المخرون اللبناني عبر الأنابيب الموازية لمجمعات النفط اللبنانية.

يتحمل مسؤولية ذلك ساسة لبنان الذين انشغلوا بمبارازاتهم السياسية الداخلية بما ساهم في إضعاف الموقف اللبناني الرسمي، وهو ما استغلته سلطات الاحتلال في التغّول على الحقوق اللبنانية عبر عمليات التنقيب في المياه الإقليمية اللبنانية ونهب ثرواته الكامنة في البحر المتوسط

ربما يعجبك أيضا