وعود المنع تبخرت.. تجارة الأفيون الأفغاني تزدهر في كنف طالبان

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

عادت حركة طالبان الأفغانية إلى سدة الحكم في أغسطس الماضي؛ لتزدهر زراعة وتجارة الأفيون ومردود زراعة المخدرات في الدولة من جديد التي كانت مصدر ثراء وانتعاش اقتصادي للأفغان في تسعينيات القرن الماضي، وسجل الأفيون أرقامًا قياسية (للعام الخامس على التوالي) جراء التجارة المحرمة دوليًا خلال العام 2021، ويبدو أن الحركة تغاضت عن منع زراعة الأفيون مع انتشار وباء كورونا الذي هدد قطاعات صناعية بالبوار مع إغلاق مدارس ومصانع، واتجه الكثيرون إلى زراعة الأفيون، أيضًا ساهمت قلة المساعدات الدولية للحركة- في دعم طالبان- ولو بشكل غير رسمي لزراعة المخدرات.

يأتي هذا رغم وعود طالبان سابقًا بأنها ستقضي على صناعة وزراعة المخدرات التي تقدر بمليارات الدولارات، لكن بعد ثلاثة أشهر فقط، بدأ موسم زراعة الخشخاش يزدهر، وذلك على عكس ما وعدت به الحركة التي تخشى أيضًا تراجع شعبيتها وسط الأفغان بمنع التجارة الأبرز والأكثر انتشارًا في بلادها.

imgid386140

إنتاج غزير

كشفت أبحاث المنظمة الأممية للمخدرات والجريمة، أن الدخل الذي حققه سوق الأفيون غير المشروع في أفغانستان حوالي 1,8 إلى 2,7 مليار دولار داخل الدولة، إلا أن النسبة الأكبر من الأرباح حققتها الأطراف المتورطة في الاتجار بالمخدرات من خارج أفغانستان. وأفادت “بلومبرج” بأن أفغانستان هي أبرز منتج للأفيون في العالم لتشكل أهم المنتجين عالميًا وتتخطى ميانمار والمكسيك، إذ تمثل نحو 87٪ من الإنتاج العالمي، على الرغم من جهود بذلتها الولايات المتحدة طيلة عقدين، وبلغت تكلفتها 9 مليارات دولار، لكبح الإنتاج غير القانوني للمخدرات في البلاد.

كذلك يشكل المحصول الحصة الكبرى من النشاط غير القانوني، في البلد الذي يعتمد اقتصاده منذ فترة طويلة على المساعدات الخارجية ومبيعات الأفيون.

أسواق محلية

وشهدت سوق جديدة في مدينة تالوكان عاصمة ولاية تخار شمال شرقي البلاد، العشرات من التجار يمارسون بدرجات مختلفة تجارة الأفيون، وفي أكياس بلاستيكية على قارعة الطرقات، وفق تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، أمس الأحد، كما بدأ المزارعون في ولاية قندهار مهد طالبان، في زراعة الخشخاش في الأراضي التي كانوا يزرعون فيها القمح أو الذرة.

134a93c0 8868 464b a4dc c7f0e5aa7ba3
الأفيون في أفغانستان

ولجأ مسؤول استخبارات طالبان يتواجد في سوق الأفيون في تالوكان إلى مطالبة الصحافيين الأجانب الزائرين بالمغادرة، لعدم توثيق ما يجري هناك، وفي العام الماضي، ارتفعت المساحة المزروعة بالخشخاش في أفغانستان بنسبة 37% لتصل إلى 554 ألف فدان، وفقًا لتقديرات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.

تقرير دولي

قالت غادة والي، المدير التنفيذي للمنظمة الأممية المعنية بالمخدرات والجريمة، يوم الخميس الماضي، الموافق 18 نوفمبر 2021، إن تقريرًا حول المخدرات في أفغانستان أكد أن حصاد الأفيون، ارتفع بنسبة 21% في 2021 بالمقارنة بالعام الماضي، حيث وصل إلى 6,800 طنًا من الأفيون، وهو ما قد يؤدي إلى تهريب حوالي 320 طنًا من الهيروين من أفغانستان إلى أسواق العالم المختلفة.

المعلومات التي كشف عنها تقرير حول التطورات ذات الصلة بالمخدرات في أفغانستان تؤكد على أهمية المساعدة الدولية من أجل خفض معدلات زراعة المخدرات وإنتاجها وتعاطيها بشكل مستدام، في إطار دعم الأمم المتحدة لشعب أفغانستان.

ويشير تقرير عنوانه: “وضع المخدرات في أفغانستان 2021 – أحدث البيانات والتهديدات المستجدة”، إلى أن أفغانستان تعد دولة المصدر بالنسبة للأفيون الذي يستخدمه 8 من ضمن كل 10 أشخاص ممن يتعاطون الأفيون، و85% من إجمالي الإنتاج الدولي.

يبدو أن الرواج الاقتصادي الذي يحدث مع ازدهار زراعة وتجارة الأفيون في أفغانستان لن تتخلى عنه طالبان بسهولة، ولن ترضخ للضغوط الدولية عن طيب خاطر بمنع الزراعة أو تحجيم التجارة المحرمة، إذ إن الحركة تحتاج إلى العائدات التي يمكن أن تحصل عليها من خلال فرض ضرائب على إنتاج وزراعة الأفيون، فضلًا عن الحاجة الماسة إلى تقليل نسب البطالة والتضخم التي خلفتها جائحة كورونا، والرغبة في الاستغناء عن الإملاءات الخارجية التي ترتبط عادةً بالمساعدات الدولية، ومع عودة طالبان ورغبتها في تقليل مؤشرات العداء والمناطحة مع أي قوى عالمية في الفترة المقبلة يبقى صراعها ورغبتها في منع زراعة وتجارة الأفيون المزدهرة لغزًا كبيرًا!.

ربما يعجبك أيضا