زيارة ماكرون الخليجية.. فرنسا «قوة توازن» في مواجهة أزمات الشرق الأوسط

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جولة خليجية تشمل دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية.. وخلال زيارته للإمارات التقي ماكرون بولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمعرض إكسبو دبي، ووفقا للأليزيه فإن جولة ماكرون ستركز على العلاقات الفرنسية الخليجية وملفات مكافحة الإرهاب وإيران ولبنان والانتخابات الليبية والتطورات في المنطقة، حتى يمكن القول بأنه لكل محطة من هذه المحطات، عنوان أبرز لكل منها.

الرئاسة الفرنسية وضعت عناوين رئيسية للجولة الماكرونية للخليج، على رأسها مكافحة الإرهاب وتمويل الجماعات المتشددة بما فيها تلك التي توجد في فرنسا. بعدها الشق الاقتصادي، وأخيرا الشق الجيوسياسي المتمثل في رغبة فرنسا بلعب دور «متوازن» في المنطقة. وسيكون الملف الإيراني حاضرا وبقوة على طاولة المباحثات الفرنسية الخليجية، ومحاولة إقناع فرنسا بضرورة اتخاذ مواقف صلبة في مفاوضات فيينا الدائرة بين الأوروبيين وإيران.

الإمارات وفرنسا.. محطات بارزة

زايد

العلاقات الإماراتية الفرنسية والتي توصف بـ«المتينة» والتي شهدت نموا كبيرا منذ وصول ماكرون لقصر الإليزيه في العام 2017، تعكس شراكة استراتيجية بين البلدين لعقود من العلاقات. بدأت في العام 1972 بتبادل السفراء بين البلدين بعد عام من إنشاء اتحاد الإمارات.

وشهد العام 1989 توقيع أول اتفاقية تجنب إزدواج ضريبي بين البلدين. وفي العام 1991 تم توقيع اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار بين الجانبين. وفي ديسمبر من العام 2009 تم توقيع بين دبي وباريس.

كما تم افتتاح فرع جامعة السوربون بموجب اتفاق تعاون بين البلدين في ديسمبر من العام 2009. وفي نوفمبر من العام 2017 تم افتتاح متحف اللوفر أبوظبي في العاصمة الإماراتية، وشهد أول زيارة للرئيس ماكرون للشرق الأوسط بعد انتخابه وكانت للإمارات.

العلاقات الممتدة والمتجذرة بين البلدين تكللت في يونيو من العام 2020 بإطلاق الحوار الاستراتيجي بين البلدين. وفي سبتمبر من العام 2021 زار ولي عهد أبوظبي باريس، بعدما شهدت مواقف البلدين تجانسا كبيرا في العديد من القضايا والملفات على الساحتين الدولية والإقليمية.

صفقة قياسية

يسعى ماكرون خلال جولته الخليجية لطرح فرنسا “كقوة توازن” في مواجهة أزمات الشرق الأوسط، وإبرام عقود جديدة. في هذا السياق، يقول وسيم الأحمر موفد «فرانس24» إنه من المتوقع توقيع مرتقب لعقود ضخمة فضلا عن توقيع عدد من الاتفاقيات التجارية بين البلدين لا سيما وأن الوفد الفرنسي يضم عددا كبيرا من رؤساء الشركات الفرنسية ورجال الأعمال فضلا عن وزيري الاقتصاد والتجارة الخارجية .

بحسب بيان للرئاسة الفرنسية، وقّعت الإمارات وفرنسا (الجمعة) اتفاقية لشراء 80 طائرة مقاتلة من طراز رافال، كما وقّعت أبوظبي اتفاقية لشراء 12 طائرة مروحية من طراز “كاراكال”. وتبلغ قيمة العقدين بحسب الرئاسة الفرنسية 17 مليار يورو.

وسيتم تسليم الطائرات بدءا من عام 2027 وفق برنامج “إف 4” وهو عبارة عن مشروع قيد التطوير قيمته نحو ملياري يورو. ومن المقرر بدء العمل به عام 2024، وتقدّمه باريس على أنه “قفزة تكنولوجية وصناعية واستراتيجية”.

ورأت الرئاسة الفرنسية إن “هذا إنجاز كبير للشراكة الاستراتيجية بين البلدين” الحليفين. وهذه أكبر طلبية خارجية للطائرات الفرنسية المقاتلة منذ دخولها الخدمة في عام 2004.

المحطة السعودية والملف اللبناني

من وجهة نظر الدبلوماسية الفرنسية أنه من الصعب تصور دور فعال لفرنسا في المنطقة ما لم تكن لها علاقات جيدة مع الرياض، ومن هنا تأتي أهمية اللقاء الذي سيجمع ولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي.

ستكون الزيارة مناسبة لطرح وجهة نظر فرنسا حول قضايا المنطقة وحول ملفات إيران ولبنان ومحاربة الإرهاب”.

الملف اللبناني أساسي في المحطة السعودية ورغبة ماكرون في إذابة الجليد بين الرياض وبيروت على خلفية أزمة تصريحات وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي. وهنا يمكن الربط بين التكهنات بإمكانية إعلان قرداحي، استقالته من منصبه، اليوم (الجمعة) بعدما فجر أزمة دبلوماسية بتصريحاته مع دول الخليج ، وبين لقاء ماكرون بولي العهد السعودي، الشيخ محمد بن سلمان، في وقت لاحق، للوصول إلى حل للأزمة.

حتى إن صحيفة «نداء الوطن» نشرت أن استقالة قرادحي أصبحت فعليا في «جيب» الرئيس الفرنسي بوصفها ستشكل مدخلا له للتوسط لدى القيادة السعودية في ملف الأزمة اللبنانية.

في جولته الخليجية، يعتقد ماكرون أنه بإمكانه الإمساك بزمام العديد من الملفات عبر التنسيق مع المواقف الخليجية، في وقت تلقت فيه باريس العديد من الضربات التي أفقدتها موقعها على الساحة الدولية، إثر أزمة صفقة الغواصات وتداعيات البريكست فضلا عما يحدث في منطقة الصحراء والانسحاب الفرنسي من مالي.

ربما يعجبك أيضا