الخبير الاقتصادي وليد بوسليمان لـ«رؤية»: توحيد سعر الصرف أساسي لوقف الانهيار في لبنان ولا حل سحرياً للودائع

مي فارس

رؤية-مي فارس 

بكل المعايير والمؤشرات الاقتصادية، شهد لبنان أسوأ سنواته منذ إنشائه  وسط حالة من الشلل الحكومي مع تفاقم الانهيار المالي في البلاد،  في أزمة تعود أسبابها إلى حد كبير إلى عقود من الفساد وسوء الإدارة من النخب السياسية.

فقدت العملة اللبنانية أكثر من 93 بالمئة من قيمتها منذ صيف 2019 عندما بدأت الانفصال عن سعر الصرف البالغ 1500 ليرة للدولار الذي كانت مربوطة عنده منذ 1997. وتداعى الكثير من المؤسسات التربوية والاستشفائية وأقفلت مؤسسات خاصة أبوابها وسرحت عمالها.

ووصف البنك الدولي الانهيار الاقتصادي بأنه أحد أسوأ حالات الكساد في التاريخ الحديث.

وعلى رغم تأليف حكومة جديدة في سبتمبر برئاسة نجيب ميقاتي من أهدافها التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي الذي يُنظر إليه على أنه هام للإفراج عن مساعدات دولية لوقف الأزمة، عطلت الخلافات السياسية أعمال الحكومة التي لم تجتمع منذ أكثر من 40 يوما، مما أفسح المجال لمزيد من الانهيار وارتفاع الأسعار الذي يفتك بالمداخيل الشحيحة لشريحة واسعة من اللبنانيين.

الخبير الاقتصادي اللبناني وليد بوسليمان قدم لـ”رؤية” قراءة اقتصادية للوضع الاقتصادي والمالي لعام 2021 وافق الأزمة في لبنان ومصير ودائع اللبنانيين إضافة إلى الحلول المقترحة لأزمة الكهرباء.

سجل لبنان عام 2021 أرقاماً قياسية في الفقر وتدني مستوى المعيشة والخدمات. بكلام اقتصادي لا سياسي،  كيف تقيم عام 2021 اقتصادياً ومالياً؟

-كافة المؤشرات المالية والاقتصادية والنقدية كانت سلبية جداً. عملياً إذا تحدثنا عن المؤشرات الاقتصادية يمكن القول إن 85% من الشعب اللبناني صاروا دون خط الفقر.البطالة تخطت الأربعين في المئة وجزء كبير من المؤسسات سرحت موظفيها، والقدرة الشرائية تآكلت أكثر، لأن التضخم بلغ مستويات لا سابق لها. وهذا كله بسبب الأزمة المالية لأننا نختم السنة مع سعر يلامس 30 ألف ليرة للدولار بارتفاع من ثمانية آلاف أواخر عام 2020.

القدرة الشرائية تآكلت بعد ارتفاع سعر الدولار وبعد رفع الدعم دون أي خطة بديلة وأي شبكة أمان للجم التضخم وانهيار سعر صرف الليرة.

بكل المعايير، كان عام 2021 سيئا جداً مقارنة بالأعوام السابقة، وذلك بسبب عدم القيام بأي خطوات إصلاحية للجم هذا التضخم.

هل بلغ لبنان نقطة اللاعودة؟

-لبنان لم يبلغ نقطة اللاعودة. لا بلد في العالم يفلس أو يغلق أبوابه. بالطبع، كلما تأخرت الإجراءات والإصلاحات، كلما ساء الوضع. علينا اتخاذ الخطوات الضرورية للحفاظ على القدرة الشرائية والتخفيف من الفقر، علينا لجم انهيار سعر صرف الليرة، وهو ما لن يحصل قبل سلسلة إجراءات أولها توحيد سعر الصرف.  لم يعد بإمكاننا الاستمرار بتعددية أسعار الصرف، سعر الـ8000 وسعر صرف المنصة والدولار الجمركي وسعر السوق. علينا أن نوحد ​ سعر الصرف لأنه يأتي بمنفعة على المودعين ويساعد على وقف الضياع لدى التجار.

هل ترى حلاً قريباً للودائع المجمدة أم سيكون على أصحابها نسيانها؟

للأسف، وقعت خسائر كبيرة في ما يتعلق بالودائع في المصارف. والمعركة الكبيرة للمودعين تتعلق بتوزيع هذه الخسائر بطريقة عادلة ومنعها من الصب في اتجاه واحد. حالياً، يتكبد المودع الخسائر وحده سواء عبر التعاميم أو من خلال ودائعه المصادرة والمحجوزة أو تلك التي يسحبها بالليرة اللبنانية.

عملياً، يجب تحقيق توزيع للخسائر بطريقة عادلة، أي يجب أن تتحمل المصارف  المصرف المركزي والدولة جزءاً من الخسائر، وعدم تحميل المودع وحده الأعباء. يمكن تحميل المودعين الذين حصلوا على فوائد تتخطى تلك التي كانت تدفعها الحكومة على سندات الخزينة “اليوروبوند” جزءاً من الخسائر.

هذا هو الحل الأمثل حالياً. لا حل سحرياً. ولكن هناك خسائر كبيرة تكبدها المودع بسبب السياسات الخاطئة التي  أهدرت أمواله.

بالنسبة لأزمة الكهرباء، تحدثت عن أن الحل هو إما بناء معامل بطريقة الــBot أو بتفعيل المعامل الموجودة التي بحاجة إلى ترميم”؟

-تفترض  آلية BOT تسليم هذا المرفق لشركات عالمية للاستثمار فيه ثم تحويله للدولة اللبنانية. وهذا ضروري بعدما ثبت أن لا وجود للحكومة والإدارة السليمة في لبنان. هذا القطاع ينزف منذ ثلاثين سنة، وهذا حل من الحلول.

ولترميم معامل الكهرباء، من المحبذ تسليمها لشركات خارجية لأنه من الصعب جداً ممارسة ضغوط عليها أو توظيف سياسي.

هل تعتقد أن الغاز المصري قد يكون جزءاً من الحل؟

الغاز المصري هو آني ولا يحل أزمة الكهرباء، لأنه فقط يخفف فاتورة الفيول الذي تشتريه مؤسسة كهرباء لبنان.

ربما يعجبك أيضا