الحكم بسجن المرزوقي.. سقوط أبرز حلفاء الإخوان في تونس والعالم العربي

كريم بن صالح

كتب – كريم بن صالح

مثل القرار الأخير الذي أصدرته المحكمة الابتدائية بتونس والقاضي بسجن الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي ضربة قوية وموجعة لمنظومة الإخوان والربيع العربي ليس في تونس فقط وإنما في كل المنطقة.

وأفادت وكالة الأنباء التونسية الرسمية أن التهمة المواجهة للمرزوقي تتمثل في”الاعتداء على أمن الدولة الخارجي” بينما قالت محاميته لمياء الخميري بأن موكّلها لم يتبلّغ أي استدعاء للمثول أمام المحكمة.

وقال مكتب الاتصال بمحكمة ابتدائية تونس، في بيان، إن الرئيس الأسبق “تعمد ربط اتصالات مع أعوان دولة أجنبية الغرض منها أو كانت نتائجها، الإضرار بحالة البلاد التونسية من الناحية الدبلوماسية”.

وقال نفس البيان: إن قضية المنصف المرزوقي “انتهت بإحالته على الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس من أجل التهم نفسها، وقد صدر الحكم فيها بتاريخ 22 ديسمبر/ كانون الأولى الجاري”.

بدوره قال المتحدث باسم محكمة الاستئناف الحبيب الترخاني بوكالة الأنباء الرسمية إنّ “وكيل النيابة بالمحكمة الابتدائية بتونس فتح البحث التحقيقي في حق المرزوقي بناء على إذن صادر من وزيرة العدل ليلى جفال”.

وفي شهر نوفمبر الماضي اصدر القضاء التونسي مذكرة جلب دولية بحق المرزوقي بعد فترة قصيرة من دعوة الرئيس قيس سعيد القضاء لفتح تحقيق بحقه بسبب تصريحات أدلى بها ضد مصالح الدولة التونسية في الخارج.

وقامت أجهزة الدولة بسحب جواز السفر الدبلوماسي للمنصف المرزوقي الذي طالب خلال تظاهرة نظّمت في باريس شهر أكتوبر الماضي الحكومة الفرنسية إلى “عدم تقديم أي دعم” لسعيّد ومن ورائه الدولة التونسية بذريعة الانقلاب على الدستور.

وعبر المرزوقي في العديد من المرات عن سعادته بإرجاء قمة الفرنكوفونية التي كان من المقرر إقامتها في تونس في نوفمبر قائلا إنها خطوة هامة لإعادة المسار الديمقراطي في البلاد.

النهضة وحلفاؤها في حالة إرباك بعد القرار القضائي

وعقب إصدار القرار القضائي أطلقت قيادات إخوانية حالية وسابقة تصريحات منددة بالحكم الذي يواجه المرزوقي.

واعتبرت قيادات سابقة في حركة النهضة على غرار سمير ديلو وعبداللطيف المكي أو حالية على غرار رفيق عبدالسلام ونور الدين البحيري أن الحكم غير منطقي ولا يمكن قبوله.

وكالعادة تذرعت هذه الأطراف بكون المرزوقي كان مناضلا ضد الاستبداد في الأنظمة السابقة وكأن ذلك يمنحه فرصة تهديد امن الدولة دون عقاب أو محاسبة.

وتعرض المرزوقي لانتقادات حادة من قبل قيادات تقدمية ويسارية بسبب تحالفه مع الإسلام السياسي ليس في تونس فقط وإنما في العالم العربي ككل.

وفترة حكمه التي استمرت أكثر من عامين عمد المرزوقي إلى السماح للتنظيمات الجهادية لتستقطب الشباب التونسي بل وفتح قصر قرطاج أمام شيوخ سلفيين عرفوا بالأفكار المتطرفة بل منهم من حوكم بسبب فكره الظلامي.

وبعد هزيمته في الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 أمام الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي واصل المرزوقي سياساته ونهجه بمعاداة عدد من الدول العربية لصالح تحالفه مع الإخوان حيث استغل عددا من وسائل الإعلام الإخوانية لمهاجمة خصوم التيار الإسلامي وللدفاع عن منظومة الربيع العربي المتهاوية.

ويؤكد كثير من المراقبين أن سقوط المنصف المرزوقي سيؤدي في نهاية الأمر إلى قطع الأذرع التي تستعملها حركات الإسلام السياسي في المنطقة للوصول إلى السلطة.

وقد تحالف هذا التيار مع قوى سياسية تدعي أنها علمانية أو يسارية خلال العقد الأخير لترويج صورة مغلوطة للخارج حول اعتدالها وتسامحها مع الأفكار الغربية وشهدنا هذه التجارب في العديد من الدول مثل مصر والمغرب.

لكن المرزوقي أظهر في كثير من المراحل أنه إسلامي ونهضوي أكثر من قيادات حركة النهضة أنفسهم بعد أن أفسح لهم المجال للتغلغل في أجهزة الدولة.

بعد المرزوقي هل يمكن محاسبة الغنوشي؟

وعقب إصدار القرار القضائي طرحت العديد من القوى الوطنية في تونس إمكانية محاسبة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي يتهم في العديد من الملفات الحساسة من بينها التمويل الأجنبي لحركته.

لكن راشد الغنوشي الذي ظهر مرتبكا في حوار مع “تلفزيون العربي” الأربعاء استبعد أن يُقدم رئيس البلاد قيس سعيد على حّل حزب “النهضة”. قائلا “إن هذا الأمر ليس من مصلحته وليس قانونيًا”.

والغنوشي الذي أطلق قبل نحو شهر تصريحات تتحدى قيس سعيد بعودة نشاط البرلمان حاول هذه المرة التخفيف من لهجته بعد أن عاين إصرار الرئيس على تنفيذ القانون ومواجهة منظومة الإخوان بكل حزم وقوة.

ولا يستبعد مراقبون أن تتم محاسبة الغنوشي قضائيا في الفترة المقبلة وهو أمر ستكون له تداعيات كبيرة ليس في تونس فقط وإنما في المنطقة بأسرها لأنه سيمثل ضربة قوية للتنظيم الدولي والجهات الدولية الحامية له.

ربما يعجبك أيضا