2021.. السلطة الفلسطينية تكتفي بالمنافع الاقتصادية على حساب الحل السياسي

محمود

رؤية – محمد عبد الكريم

القدس المحتلة – أُثقل عام 2021 بانتهاكات طالت مختلف مناحي الحياة اليومية للفلسطينيين بفعل الاحتلال الإسرائيلي، وعرضت “رؤية” في ملف سابق هذه الانتهاكات بالأرقام، إلا أن ما يفترض به أنه حل ونهاية لهذه الانتهاكات، والمتمثل بالحل السياسي غاب عن المشهد تماما.

أمريكا تعتمد سياسة شراء الوقت لتبتلع إسرائيل ما تبقى من أراضي غير مستوطنة

أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية أن مواقف إدارة الرئيس الأمريكي جو بادين تجاه الصراع العربي – الإسرائيلي “تمنح إسرائيل الوقت اللازم لاستكمال ضمها الضفة الغربية”، وذلك في أقوى موقف تجاه البيت الأبيض الذي يؤكد تأييد حل الدولتين ورفض الاستيطان والإجراءات الأحادية.

وأكدت الخارجية في وقت سابق” أن سياسية واشنطن تقوم على “إدارة الصراع بدل حله بسبب اقتصارها على الأقوال وليس الأفعال”، مضيفاً أن “إسرائيل لا تُلقي بالاً للمناشدات النظرية دون ضغوط عملية”.

وطالبت إدارة الرئيس الأمريكي “باتخاذ إجراءات عملية تجبر إسرائيل على وقف الاستيطان، وقضم الأراضي، والتنكر لحل الدولتين حتى لا تخسر مصداقيتها”، مضيفاً أن “بيانات الإدانة غير كافية إن لم تقترن بإجراءات عملية، لأن إسرائيل أصبحت تتعايش مع المناشدات النظرية، وتواصل ضمها الزاحف للضفة الغربية”.

وأوضحت أن إسرائيل تعمل حالياً على تنفيذ 40 مشروعاً استيطانياً في الضفة الغربية، ومن بينها إقامة مستوطنة فوق مطار قلنديا شمال القدس. وكانت تلك المستوطنة التي بدأت إسرائيل بإقامة بنيتها التحتية، محور مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، حيث دعا بلينكن، بينيت إلى “ضرورة تجنب الإجراءات أحادية الجانب التي تزيد التوترات، بما في ذلك تعزيز الاستيطان”.

القوى الكبرى تكتفي بالتنديد أمام دولة الاستيطان

وأمام الزحف الاستيطاني المتسارع الذي بات يبتلع أكثر من نصف الضفة الغربية التي يؤمل أن تكون مهدا لحل الدولتين، وهو ما ينقض الفكرة من أساسها فإن الولايات المتحدة تكتفي في أحسن الأحول بالتنديد والدعوة للحل السلمي، وهو ما ترجم في التلكؤ الواضح بافتتاح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية كما طالب الرئس الفلسطيني محمود عباس.

 وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس -في مؤتمر صحافي- “نحن قلقون للغاية من خطة الحكومة الإسرائيلية بناء آلاف الوحدات الاستيطانية”.

وتابع برايس “نعتبر أيضا أن كل الجهود الرامية إلى تشريع مستوطنات غير شرعية بمفعول رجعي، غير مقبولة”، مشددا على أن مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى سبق أن أبلغوا نظراءهم الإسرائيليين بهذه المواقف “بشكل مباشر”.

وبحسب مراقبين، يعد هذا الموقف واحدا من أكثر المواقف حزما لواشنطن إزاء الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، منذ وصول الرئيس جو بايدن إلى الرئاسة الأمريكية مطلع العام الحالي.

وفي وقت سابق، رحّب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية ببيان الاتحاد الأوروبي الذي يصف المستوطنات في الأراضي الفلسطينية بغير الشرعية، مطالبا الاحتلال الإسرائيلي بوقف الإعلان عن بناء مزيد من المستوطنات، بما في ذلك تلك التي في القدس المحتلة.

وطالب اشتية -خلال جولته الأوروبية لحشد الدعم السياسي والمالي للشعب الفلسطيني وقضيته- الولايات المتحدة والدول الأوروبية باتخاذ مواقف حازمة لوقف التوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة، للحفاظ على حل الدولتين.

كما دعا دول الاتحاد الأوروبي لممارسة الضغوط على إسرائيل، لوقف انتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني واحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان والاتفاقيات الموقعة معها.

بدوره، جدد نائب رئيس البرلمان الأوروبي بيدرو سيلفا بيريرا، خلال لقائه اشتية بمقر البرلمان الأوروبي في بروكسل، دعم الاتحاد الأوروبي لحل الدولتين ومعارضة الاستيطان في الضفة الغربية.

وحاول الرئيس الفلسطيني محمود عباس اللعب على الوتر الروسي ، حيث أكدت موسكو أنها ما زالت تطرح فكرة عقد قمة فلسطينية إسرائيلية في موسكو، مؤكدة أنها أيضاً تقدمت بمبادرة بشأن عقد اجتماع الرباعية الدولية على مستوى الوزراء، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، وبهدف تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وهذه ليست أول محاولة لتدخل روسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فقد ضغطت موسكو قبل ذلك من أجل لقاء يجمع عباس برئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، ووافق عباس آنذاك، لكن نتنياهو رفض.

لكن الولايات المتحدة ليست متشجعة بسبب أنها لا تنوي إطلاق أي مبادرات من أي نوع في هذا الوقت، وتفضل الانتظار خوفاً من أن يتسبب الضغط في انهيار الائتلاف الحكومي في إسرائيل».

وأكد المصدر أن السلطة كانت طلبت رسمياً إعادة إحياء هذه اللجنة بكل الطرق، عبر رسائل للجنة وفي اجتماعات مع الدول الأعضاء، وأكدت استعدادها للانخراط في مفاوضات ترعاها الرباعية.

وطالبت السلطة، اللجنة الرباعية الدولية، بسرعة عقد اجتماع على المستوى الوزاري، لإنقاذ حل الدولتين. وقالت إن المطالبة بعقد هذا الاجتماع تأتي للاتفاق على عقد مؤتمر دولي للسلام، تنبثق عنه مفاوضات مباشرة حقيقية، وذات جدوى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بإشراف دولي متعدد الأطراف، وبناءً على مرجعيات السلام الدولية، يؤدي ضمن سقف زمني محدد وواضح لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين.

وفي وقت سابق، رفض بنيت أيضاً فكرة لقاء عباس، وقرر دعم تعزيز السلطة الفلسطينية اقتصادياً فقط. وقال أبو ردينة، أمس، إن التصريح المتكرر من بنيت «لن يغير من الحقيقة شيئاً»، مضيفاً أن «هذا التصريح مرفوض تماماً، والحقوق الفلسطينية واضحة».

وشهدت الفترة الأخيرة حراكا سياسيا واتصالات فلسطينية أميركية، دون أن تسفر عن تقدم في الملف السياسي بفتح مسار سياسي يفضي إلى إنهاء الاحتلال، مقابل تقدم ملحوظ في الملف الاقتصادي واستئناف المساعدات الأمريكية.

وفي وقت يستمر فيه تجميد تلك الملفات، جرى اجتماع اقتصادي مشترك منتصف ديسمبر/كانون الأول الجاري، تخلله الإعلان عن مشاريع أمريكية، بعضها قيد التنفيذ وأخرى ستنفذ خلال السنوات الخمس القادمة، في وقت دعا فيه مسؤولون إسرائيليون لدعم السلطة الفلسطينية خشية انهيارها.

محللون يرون أن ما يجري على الواقع لا يوحي بأفق سياسي، وإنما هي حلول اقتصادية وأمنية لا أكثر، في وقت يفتقد فيه الفلسطينيون على مستوى القيادة لأي خيار.

كان آخر اللقاءات الأربعاء الماضي، إذ استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس -في مقر الرئاسة بمدينة رام الله- مستشارَ الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان والوفد المرافق له، وفق وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية.

وتحدث عباس لضيفه عن “ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، ووقف النشاطات الاستيطانية، ووقف اعتداءات وإرهاب المستوطنين، وأهمية احترام الوضع التاريخي في الحرم الشريف، ووقف طرد السكان الفلسطينيين من أحياء القدس، ووقف اقتطاع الضرائب وخنق الاقتصاد الفلسطيني”.

في حين جدد سوليفان تأكيده على التزام بلاده “بحل الدولتين، وأهمية العمل المشترك من قبل جميع الأطراف للمضي قدما لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة”.

والثلاثاء التقت القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى يائيل ليمبرت بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبحثت معه العلاقات الأمريكية الفلسطينية ودعم حل الدولتين.

ولفت إلى أن عباس أشار لضيفيه إلى أن الفلسطينيين أمام استحقاقات سياسية كبرى، من بينها انعقاد المجلس المركزي قريبا (أواخر يناير/كانون الثاني القادم)، وعليه لا بد أن تكون الأمور السياسية واضحة.

ورغم وصفه موقف الإدارة الأميركية بالإيجابي، فإن أيا من وعودها لم ينفذ، بحسب أبو ردينة.

وفي ‏14 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلنت الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية -في بيان مشترك- تجديد الحوار الأمريكي الفلسطيني الاقتصادي، عبر اجتماع مسؤولين من الجانبين عبر الإنترنت.

وذكر البيان أن الاجتماع -وهو الأول من نوعه منذ 5 سنوات- شارك فيه وزراء ومسؤولون رفيعو المستوى من الجانبين، وناقش “مجالات التعاون الاقتصادي الحالية والمستقبلية”.

وفي حينه، قال وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيلي لإذاعة صوت فلسطين الرسمية إن الولايات المتحدة استأنفت مساعداتها للسلطة الفلسطينية، وتنفذ مشاريع في الأراضي المحتلة بقيمة 75 مليون دولار، وأعلنت عن خطة لمشاريع أخرى بقيمة 250 مليون دولار سنويا، ولمدة 5 سنوات اعتبارا من عام 2022.

ربما يعجبك أيضا