الرئيس التونسي يبدأ معركة إصلاح القضاء.. حرب حامية الوطيس الانتصار فيها للدولة

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

جدد الرئيس التونسي قيس سعيد انتقاداته الحادة للمنظومة القضائية محملا إياها فشل الدولة في تحقيق المحاسبة وتمكن من أضروا بالشعب من الإفلات من العقاب خلال فترة حكم التيار الإسلامي وعلى رأسه حركة النهضة.

وشن الرئيس التونسي خلال إشرافه على مجلس وزاري بقصر قرطاج، مساء أمس (الخميس)، حملة من الانتقادات تجاه عدد من القضاة الذين تحدثوا بمنطق وخلفية سياسية عن إجراءاته الاستثنائية.

قضاة في ثوب سياسيين

وشدد سعيد على رفضه المطلق لتدخل القضاة بالإجراءات التي اتخذها بشأن مراجعة وإصلاح المنظومة القضائية كما رفض وصف ما قام به بأنه “انقلاب”.

وكان المجلس الأعلى للقضاء في تونس وهي هيئة دستورية مستقلة أعربت في بيان رفضها “مراجعة وإصلاح المنظومة القضائية بواسطة أوامر ومراسيم رئاسية” في تحد واضح للرئيس.

وقال سعيّد إن “ما أسمعه وأزدريه أن يتحدث قاض عن انقلاب” مضيفًا: “ما دخل القاضي في ذلك واجب التحفظ يقتضي أن يلتزم الصمت ويطبق القانون بكل أمانة”.

ويأتي موقف سعيد ردا على تصريحات القاضي أحمد الرحموني الذي اتهم سعيد بالانقلاب و كتب الشهر الماضي في صفحته الرسمية على الفايسبوك “لا أدري، هل غدا واضحا لكل الناس منهج قيس سعيد في الانقلاب المرحلي على مؤسسات الدولة بدعم أمني وعسكري‎”.

وقد رد سعيد على القاضي الذي يتهم بقره من منظومة الإخوان قائلا “هناك مشرِّع واحد وليس آلاف المشرعِين وسيتم إصدار مرسوم يتعلق بالقضاء والصلح الجزائي في الأيام القليلة القادمة حتى تعود أموال الشعب للشعب” متابعا “لابد من محاسبة من أجرم بحق الشعب التونسي في المجال البيئي والصحي والتعليمي”.

دولة القضاة أم قضاة الدولة

وحذر قيس سعيد مما أسماها دولة القضاة قائلا “هم يحاولون ضرب الدولة هم يعتقدون أنهم الدولة” مضيفا أنه “لا وجود لدولة القضاة هم قضاة الدولة”.

ويرى مراقبون أن الرئيس قيس سعيد سيدخل في حرب حامية الوطيس مع عدد من الهياكل القضائية التي تسببت في الأزمات التي مرت بها البلاد وعلى رأسهم المجلس الأعلى للقضاء بعد أن فتحت المجال أمام السياسيين للسيطرة على القطاع وابتزاز عدد من القضاة للتستر على العديد من الملفات.

وكان القطاع القضائي في تونس شهد فضيحة تورط عدد من القضاة في الفساد أو التستر على الإرهاب حيث تم عزل عدد من القضاة وفرض الإقامة الجبرية على آخرين في ملفات خطيرة بعد 25 يوليو.

واتهم الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد بالحصول على منافع وعقارات دون موجب فيما اتهم القاضي البشير العكرمي بالتستر على ملفات متعلقة بالعماليات الإرهابية التي حصلت في تونس السنوات الماضية.

وتقول المحامية سنية الدهماني إن البلاد ستشهد معركة محتدمة لكن يجب أن يكون المنتصر فيها الدولة التونسية مشيرة بأنها تؤيد الرئيس في كون البلاد تحتاج إلى قضاة دولة وليس إلى دولة القضاء.

وتأتي هذه الحرب في خضم العديد من التطورات أهمها إيقاف وزير العدل الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري ووضعه تحت الإقامة الجبرية الذي كشف عن ملفاته بعد اتخاذ الرئيس للإجراءات الاستثنائية بعد أن تستر عليها القضاء.

واتهم البحيري في ملفات تتعلق بشبهات الإرهاب وتزوير وثائق هامة ومنح الجنسية التونسية دون موجب لسوريين ضمن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.

واتهم البحيري كذلك بالتورط في تجاوزات تهم القضاء حيث عمد عند توليه المنصب في 2012 لإقالة قرابة 80 قاضيا بسبب ذرائع واهية حول علاقتهم بالنظام السابق ليتم فيها بعد تبرئة الكثير منهم.

انتقاد المجلس الأعلى للقضاء

وقالت القاضية السابقة كلثوم كنو إن نور الدين البحيري تسبب في جرائم بحق القضاء واستقلاليته وإن الملفات أصبحت تدرس ويتم البت فيها على المقاس فيما يتم التستر على ملفات أخرى.

وتحدث الناشط السياسي رضا لينين وهو رفيق درب الرئيس سعيد ومخطط حملته الانتخابية أن المعركة مع المجلس الأعلى للقضاء معركة إصلاح جديدة بعد المعارك ضد العديد من المجالس كالبرلمان.

وكتب لينين في صفحته الرسمية على الفايسبوك “أن الحلول القيصرية في مجابهة هذا المشكل أصبحت أمرا ضروريا في إشارة إلى المجلس الأعلى القضاء”.

وأضاف ” أعتقد أنه بات من الواضح أن الجوقة السياسية بمجلس نوابها، ليست وحدها من تمثل الخطر الداهم أو الجاثم على صدور أبناء شعبنا وأمام مصالحه وتوقه للتطهير والإصلاح، بل هنالك مجالس أخرى نست أو تناست أنها مرفق يشتغل داخل الدولة التونسية و ليس خارجها.

ربما يعجبك أيضا