تطور احتجاجات كازاخستان.. أوامر بقتل متظاهرين بحماية روسية وتنديد غربي

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي

ظلت كازاخستان، التي انبثقت عن تفتت الاتحاد السوفياتي سابقا في 1991، بعيدة إلى حد ما عن أحداث الساحة الدولية، وبرز اسمها عربيا خاصة عند احتضانها في مدينة أستانا، العاصمة التي تحول اسمها إلى نور سلطان، مفاوضات السلام السورية في يناير 2017.

ومنذ الأحد 2 يناير، أصبح هذا البلد محط اهتمام الرأي العام الدولي مع اندلاع مظاهرات عنيفة به، خلفت عشرات القتلى وأعدادا كبيرة من الجرحى، قدر مجموعهم في الظرف الحالي بألف مصاب في بلد لا يتساهل عادة مع الاحتجاجات.

وخرج المتظاهرون نهاية الأسبوع الأخير إلى الشوارع في جاناوزين، منطقة مانغيستاو في غرب البلاد، للاحتجاج على ارتفاع أسعار الغاز النفطي المسال المستخدم في السيارات، قبل أن تتوسع رقعة المظاهرات بشكل غير مسبوق، لتصل إلى مدينة أكتاو الإقليمية الكبرى، على ضفاف بحر قزوين.

احتدام الفوضى

قتل 18 فردا من قوات الأمن في كازاخستان على الأقل وأصيب أكثر من 748 في أعمال الشغب التي تهز كازاخستان منذ أيام، أثناء محاولة المتظاهرين الاستيلاء على مبان إدارية في إطار تظاهرات وأعمال شغب بدأت احتجاجا على زيادة أسعار الغاز وما زالت متواصلة.

ونزل الآلاف إلى الشوارع في ألماتي، كبرى مدينة في كازاخستان المصدرة للنفط والغاز، وفي مقاطعة مانغيستاو (غرب)، قائلين إن ارتفاع الأسعار غير عادل نظرا إلى احتياطات الطاقة الضخمة في كازاخستان.

وفي هذه المدينة، هاجم متظاهرون مباني حكومية وأضرموا فيها النيران، بما فيها مبنى البلدية والمقر الرئاسي.

ورّدت القوات الأمنية بإطلاق الذخيرة الحية.وقتل “العشرات” وأصيب أكثر من ألف شخص، بحسب السلطات.

وكان الرئيس الكازاخي قاسم توقاييف قد أعلن في وقت سابق الجمعة رفضه لأي إمكانية للتفاوض مع المحتجين وسمح لقوات الأمن بـ”إطلاق النار دون تحذير. وقال “ما نوع المفاوضات التي يمكن أن نجريها مع مجرمين وقتلة؟ كان علينا التعامل مع مجرمين مسلحين ومدربين يجب تدميرهم وسوف يتم ذلك قريباً”.

ونقلت وكالات أنباء عن وزارة الداخلية في البلاد أن الوضع الأسوأ هو في ألماتي حيث استولت عناصر مسلحة على مباني مؤسسات ومنظمات مالية ومحطات تلفزيونية ودمرتها جزئيا.

صراع روسي غربي؟

لم تتأخر روسيا في الاستجابة لطلب رئيس كازاخستان توفير الدعم الأمني لقواته، في محاولة لاحتواء الأزمة، في إطار منظمة “الأمن الجماعي” الإقليمية. وأرسلت عددا من أفراد قواتها إلى البلد الجار، علما أن موسكو تتعامل بحساسية كبيرة تجاه الأحداث في الدول الجارة التي كان يجمعها معها لواء المطرقة والمنجل سنوات الاتحاد السوفياتي.

لذلك، لا تخفي موسكو انزعاجها من أي محاولة غربية للتوغل سياسيا في بلد من هذه البلدان. وفي كل مرة تحدث فيها اضطرابات بالمنطقة، يثار الصراع القائم بين روسيا والغرب بها، وهو صراع موجود فعلا في كازاخستان، من خلال الاتهامات الروسية للأمريكيين بأنهم وراء هذه الاحتجاجات.

فالخيرات الطبيعية والموقع الاستراتيجي لهذا البلد، يجعلانه محط صراع بين مجموعة من القوى، علما أن حجم كازاخستان هو خمس مرات حجم فرنسا، وبها مخزون كبير من موارد الطاقة، وتعد الحديقة الخلفية لروسيا، وإن كان ذلك لا يمنع نور سلطان من فتح بابها منذ سنوات لشركات أمريكية تستثمر في مجال الطاقة. بحسب فرانس برس.

وهذا التعاون مع موسكو من جهة والغرب من جهة أخرى، يبدو مقصودا من السلطات الكازاخستانية. ويمكن تفسيره بأنه محاولة منها لخلق نوع من التوازن مقابل الهيمنة السوفياتية التي استمرت مع روسيا. وتريد نور سلطان أن تقول للروس من خلاله أن هناك شريكا آخر في مجال الاقتصاد هو الولايات المتحدة. وكانت واشنطن قد وقعت معاهدة عسكرية مع كازاخستان.

ربما يعجبك أيضا