اضطرابات «كازاخستان».. تطلعات «تركيا» نحو مشروع «طوراني» بديل!

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

في نوفمبر 2021، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال القمة الثامنة لزعماء الدول الناطقة بالتركية، عن تحويل “المجلس التركي” الذي يضم الدول الأعضاء إلى “منظمة الدول التركية”.

ويبدو أن هذا الإعلان هو بداية لتأسيس أمة طورانية تتحدث التركية وتسعى للتخلص من اللغة الروسية والتبعية لروسيا المتاخمة لدول أسيا الوسطى؛ إذ تعتمد الدول التركية، اللغة الروسية لغة رسمية على أراضيها.

وتعتمد 7 دول هي تركيا وأذربيجان وجمهورية شمال قبرص التركية (غير معترف بها)، وتركمانستان وأوزبكستان وقرغيزستان وكازاخستان، التركية ولهجاتها لغة رسمية لها، وتمتلك لغة وتاريخا وحضارة مشتركة.

جيش طوراني

وقد أثار تدخل روسيا في إعادة الهدوء لكازاخستان من خلال التدخل عبر منظمة معاهدة الأمن الجماعي- التي تضم روسيا الاتحادية، وبيلاروس وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان وأرمينيا- الحديث عن مدى اهتمام تركيا بتشكيل تحالف عسكري طوراني يضمن لها مصالحها في أسيا الوسطى. خاصة أن كازاخستان قد طلبت من منظمة الأمن الجماعي التدخل لإعادة الهدوء للبلاد؛ بينما في ذات الوقت تريد الحكومة هناك، الاقتراب أكثر من النموذج التركي والتحرر من الهيمنة الروسية. وهو ما قد يشجع أردوغان على تشكيل مثل هذا التحالف المبني على الإثنية التركية؛ بما قد يزعج روسيا ويحفز مكانة تركيا لدى الغرب المعادي لموسكو.

ويبدو أن ظهور روسيا في مشهد كازاخستان قد أضر بسمعة النظام التركي في الداخل؛ فقد قال وزير الخارجية التركي السابق وزعيم حزب المستقبل المعارض أحمد داود أوغلو، إن “من المقلق أن كازاخستان قد توجهت إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي ترأسها أرمينيا حالياً. إن حقيقة عدم القيام بما هو ضروري من قبل تركيا يشهد على ضعف التضامن الداخلي للعالم التركي”.

ونشرت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية، إن “مشروع جيش طوران يعكس تطلعات الأوساط القومية في تركيا. وأشارت إلى أن “تعاظم شعبية مثل هذه الأفكار يعود إلى أحداث حرب قره باغ الثانية، والخطاب العام للقيادة السياسية التركية، وبالطبع الأحداث في كازاخستان”.

وإن كان الواقع الاقتصادي الحالي لا يسمح لتركيا للشروع أو المسارعة في تنفيذ مثل هذا المشروع العسكري؛ لكن طبيعة السياسة الخارجية التي تنتهجها تركيا لا تستبعد تحقيقه؛ فقد ألقى أردوغان بثقل بلاده خلف حليف هو أذربيجان بعد اندلاع العمليات العسكرية مع أرمينيا، حيث قدم الأسلحة والتدريب العسكري ورفض الانضمام إلى الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار. ويوضح هذا الموقف المتشدد استعداد أنقرة لاستعراض قوتها العسكرية لتحقيق ما لم تحققه من خلال الدبلوماسية.

كما أن مثل هذا المشروع يلبي طموحات القوميين والإسلاميين المتطلعين لأمجاد العثمانيين؛ فقد أدى موقف تركيا من أذربيجان إلى حشد التأييد بين عامة الناس الذين ظلوا لفترة طويلة يشككون في التدخل الخارجي في شؤون البلاد الخاصة ويتوقون إلى إبراز النفوذ الذي يعتقد أن وجوده العسكري والتاريخي الكبير قد أكسب تركيا.

مناكفة روسيا

من الواضح أن تركيا تلعب دورا مزدوجا بما يخدم مصالحها القومية ويعزز مكانتها لدى حلفائها الغربيين؛ خاصة الدور الذي تلعبه في إدارة علاقاتها مع روسيا من منظور رؤيتها القومية. لدرجة أن موسكو دفعت الشيشان للرد على خطوة أنقرة، التي قامت بتسمية حديقة في تركيا باسم جوهر دوداييف، زعيم الانفصاليين السابق في الشيشان ومؤسس جمهورية “إتشكيريا” الشيشانية- بإعلان رئيس الشيشان رمضان قديروف، إقامة تمثال لمؤسس حزب العمال الكردستاني التركي المعارض، عبد الله أوجلان، الذي يقضي عقوبة السجن المؤبد في تركيا.

كما تزعج تركيا روسيا بالدعم الذي تقدمه لأوكرانيا؛ فقد أعربت موسكو في أكتوبر 2021، عن استيائها من استخدام قوات كييف طائرة مسيّرة هجومية من صنع تركي ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، منددةً بخطورة ذلك على الاستقرار على الجبهة.

ولم تخف موسكو في السابق انزعاجها من التعاون والشراكة بين أنقرة وكييف بينما ترتبط تركيا وروسيا باتفاقيات تجارية وعسكرية رغم وقوفهما على طرف نقيض في  أكثر من ملف منها ملف الأزمة في سوريا.

ورغم أن الرئيسين التركي والروسي قد تعهدا مطلع العام الجاري 2021 ، بتحسين العلاقات بين البلدين؛ إلا الأحداث المتعاقبة في منطقة القوقاز وأسيا الوسطى تشي بأن تركيا ماضية في لعب دور معارض للقوة الروسية بما يطرحها بديل لروسيا في تلك المنطقة.

ربما يعجبك أيضا