تفاصيل جديدة عن زيارة السادات التاريخية للقدس

محمود طلعت

الزيارة التاريخية للرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات إلى القدس المحتلة، لاقت تأييدا من المملكة العربية السعودية ودولة قطر، وفقا لـ"بي بي سي".


في 9 نوفمبر عام 1977، أعلن الرئيس المصري، محمد أنور السادات، أمام مجلس الشعب استعداده لزيارة إسرائيل، ومخاطبة شعبها عبر الكنيست (البرلمان الإسرائيلي).

وبعدها 7 أيام فقط من هذا الخطاب، سلم السفير الأمريكي في القاهرة السادات دعوة رسمية من رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها، مناحيم بيجين، لزيارة إسرائيل.. وبالتزامن مع الذكرى الـ 45 لتلك الزيارة التاريخية، كشفت “بي بي سي” عن تفاصيل جديدة ووثائق اعتبرتها “سرية”.

تأييد سعودي قطري للزيارة

على عكس الغضب العربي المعلن، كشفت الوثائق التي نشرتها بي بي سي عبر موقعها الإلكتروني يوم 11 مايو 2022، أنه السعودية وقطر أيدت ضمن دول أخرى مبادرة السادات تجاه إسرائيل.

وذكرت أن نائب وزير الخارجية السعودية حينئذ، الأمير أحمد الثنيان، أبلغ السفير الأمريكي أن “البيان السعودي بشأن زيارة السادات إلى إسرائيل كان معتدلًا”. وكذلك أبلغ السفير البريطاني في الدوحة حكومته بتأييد قطر للخطوة بعد 5 أيام من عودة السادات من إسرائيل.

فكرة “ساداتية” خالصة

أحد مبررات انتقاد مبادرة السادات كانت أنها جاءت استجابة لضغوط واشنطن، أو على الأقل بإيحاء منها، غير أن الوثائق البريطانية تقطع بأنها كانت “فكرة ساداتية خالصة”، استهدفت كما قال الزعيم المصري كسر الحاجز النفسي بين العرب وإسرائيل، وفقًا لـ”بي بي سي”.

وبعد يوم واحد من تسليم السفير الأمريكي الدعوة الإسرائيلية للسادات يوم 16 نوفمبر 1977، أكدت السفارة البريطانية في واشنطن عدم علم إدارة الرئيس جيمي كارتر بالمبادرة، بل إن مستشار الأمن القومي الأمريكي،زبغنيو بريجينسكي، حذر من عواقب فشل الزيارة على الوضع العام في الشرق الأوسط.

قرار فاجأ الإدارة الأمريكية

بعث السفير البريطاني بيتر جاي شخصيًّا برقية نقل فيها عن مايكل ستيرنير، الذي كان حينها نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدني، والمدير السابق لشؤون مصر في وزارة الخارجية، تأكيده بأن قرار السادات بالذهاب إلى القدس “فاجأ الأمريكيين بقدر ما فاجأ أي شخص آخر “.

تقييم السفير البريطاني، الذي تأسس على اتصالاته ومعلوماته الخاصة، انتهى إلى أن الأمريكيين فوجئوا فعلا بخطوة السادات، وإن كانوا يتطلعون إلى مبادرة من هذا النوع لدفع مساعي التسوية. وتقول الوثائق إنه في سياق مساعيها لدعم السادات، بدأت واشنطن، فور قبول السادات دعوة بيغين، حملة دبلوماسية عالمية.

ماذا دار في مفاوضات السادات مع الإسرائيليين؟

بعد 3 أيام من زيارة السادات إلى إسرائيل، التقى السفير البريطاني في واشنطن مع عضو مجلس الأمن القومي الأمريكي،  ويليام كوانت، للاستفسار عن تفاصيل ما دار خلال زيارة السادات للقدس، وبحسب تقرير للسفير، فإن كوانت أبلغه بأهم ما دار في المباحثات السرية، الذي تمثل في الآتي بحسب “بي بي سي”:

  • السادات وضع القضية الفلسطينية في مكانة متقدمة على الأجندة.
  • السادات لم يكن مهتمًا بالحديث عن الإجراءات، وأكد ضرورة الإعداد الحريص لجوهر المباحثات قبل انعقاد مؤتمر جنيف للسلام في الشرق الأوسط.
  • عند الحديث عن مبعث القلق الأمني الإسرائيلي، رفض السادات أن يقبل مفهوم إسرائيل للحدود التي يمكن الدفاع عنها.
  • السادات بدأ علاقة دافئة مع بيغين ومع وزير الدفاع الإسرائيلي، عيزرا ايزمان، وهذا مدهش.
  • أوضح الإسرائيليون أنه يمكن للسادات أن يبرم اتفاقًا منفصلًا بشأن سيناء متى يريد. والسادات لم يرد.

بريطانيا اعتبرتها “خطوة شجاعة”

فوجئت بريطانيا بمبادرة السادات، وعلى الفور، اعتبرها وزير خارجيتها، ديفيد أوين، “خطوة شجاعة” من شأنها تمكينه من أن يقدم إلى إسرائيل، وإلى العالم قضية العرب بهدف تحقيق تسوية سلمية شاملة عبر التفاوض.

وتكشف الوثائق أن بريطانيا أبلغت مصر بوضوح أنها تؤيد إقامة وطن للفلسطينيين، وفق صيغة تضمن أمن إسرائيل، غير أن البريطانيين انتقدوا عدم تقديم رؤية واضحة للوطن الفلسطيني المنشود.

اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة 1979

تاريخيًّا، مهدت زيارة السادات للقدس لطريق طويل انتهى إلى نتيجتين، أولاهما اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، التي وضعت إطارين “للسلام فى الشرق الأوسط”، ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979.

وفي نهاية المطاف، استعادت مصر في 25 إبريل عام 1982، شبه جزيرة سيناء التي احتلها إسرائيل في حرب عام 1967. وفي 13 سبتمبر 1993، وقعت منظمة التحرير الفلسطينية، بزعامة ياسر عرفات، وإسرائيل اتفاقية أوسلو للسلام.

وفي26 أكتوبر عام 1994، وقع الأردن وإسرائيل اتفاقية سلام منفردة عرفت باسم وادي عربة. وأحدث الاتفاقات لإقامة علاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين وقعت في 15 سبتمبر 2020، وعرفت باسم اتفاقات أبراهام.

اقتراح يتعلق بالحكم الذاتي الفلسطيني

تقول “بي بي سي” في تقريرها إنه بعد 4 سنوات من زيارة السادات للقدس، تعثرت المفاوضات بشأن اقتراح يتعلق بالحكم الذاتي الفلسطيني. وفكر السادات بعد وساطة لورد بريطاني بارز، في زيارة إسرائيل مرة ثانية، سعيًا لإنجاح المفاوضات، غير أنه اغتيل في 6 أكتوبر عام 1981، أي قبل أن يشهد استعادة مصر شبه جزيرة سيناء في 25 إبريل عام 1982.

ربما يعجبك أيضا