الصين في الخليج.. هل تلعب بكين دورًا للحوار بين الرياض وطهران؟

يوسف بنده

قدوم الصين إلى منطقة الخليج يغيِّر من قواعد المعادلة الجيوسياسية، ويطرح تساؤلات بشأن الدور الصيني في إعادة الاستقرار إلى هذه المنطقة.


انزعجت إيران من بيان القمة الصينية السعودية، التي شارك فيها قادة سعوديون وعرب، إلى درجة أنها حسبته تهديدًا مباشرًا لأمنها.

وشارك الرئيس الصيني، شي جين بينج، في هذه القمة، التي استضافتها الرياض، الخميس 8 ديسمبر 2022، لتوازن العلاقات ودعم السلام والاستقرار في المنطقة، واستخدام الحوار كأداة لحل المشكلات.

بيان سعودي صيني

وجّه بيان القمة السعودية الصينية، في الرياض، الجمعة 9 ديسمبر 2022، رسائل مباشرة إلى إيران، واتفق الجانبان على التعاون المشترك لضمان سلمية برنامج إيران النووي، ودعا الجانبان إيران إلى التعاون مع الوكالة الذرية الدولية، والمحافظة على منظومة عدم الانتشار النووي، حسب وكالة “سبا“.

وشدد البيان على احترام مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحل الأزمة اليمنية وفقًا للمبادرة الخليجية، وشدد أيضًا على حل أزمة الجزر الإماراتية المحتلة، ودعم كلٍّ من العراق وسوريا ولبنان لحل الأزمات وتحقيق الاستقرار، وكلها مناطق تدخل في إطار نفوذ إيران داخل المنطقة.

142783 439705

رد إيراني

رد المتحدث باسم “الخارجية” الإيرانية، ناصر كنعاني، على بيان القمة الخليجية الصينية قائلًا: “إن هذه البيانات تكرار لسياسة التخويف من إيران (إيرانوفوبيا) الفاشلة”، حسب “فردا نيوز“. وطالب كنعاني دول مجلس التعاون “بإعادة النظر في توجهاتها تجاه القضايا الإقليمية واختيار طريق بناء”.

وحسب وكالة “ايسنا” فقد استدعت “الخارجية” الإيرانية السفير الصيني لدى طهران، احتجاجًا على بيان القمة الخليجية الصينية، وشدد السفير الصيني على احترام بلاده وحدة أراضي إيران، وأن هدف زيارة الرئيس الصيني للرياض، هو التوازن في العلاقات ودعم السلام والاستقرار في المنطقة، واستخدام الحوار كأداة لحل المشكلات.

1401052415213099125897974

التهدئة مع إيران

أمام عاصفة الغضب الإيراني، ذكرت وزارة التجارة الصينية، السبت الماضي، أن نائب رئيس الحكومة، هو تشون هو، سيزور إيران بعد الإمارات، وشدد المتحدث باسم “الخارجية” الصينية، اليوم الاثنين، على أن علاقاتهم مع إيران ودية، وأن بلاده تدعم تحسين العلاقات بين دول الخليج وإيران على أساس حسن الجوار، حسب “سويس انفو“.

وحسب وكالة “تسنيم“، شدد المتحدث باسم وزارة الخارجة الصينية، وانج وين بين، على أن زيارة نائب رئيس الحكومة لطهران سيكون لها أثر إيجابي في تعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع إيران، وأن تطوير علاقات بلاده مع إيران أو دول مجلس التعاون لا يستهدف أي طرف ثالث.

a90b6380 af3c 47e9 be79 76e03e041147

مسار تجاري نحو الخليج

يأتي تقارب الصين من دول مجلس التعاون في إطار استراتيجية الحزام والطريق الاقتصادية، التي أطلقتها الصين، فستصل التجارة الصينية إلى مياه الخليج عبر “الممر البري الاقتصادي الصيني الباكستاني“، وهو ما يعزز من أهمية ميناء “جوادر” الباكستاني على حساب نظيره الإيراني “تشابهار”.

وساعدت باكستان على تحقيق هذا التقارب بين السعودية والصين، فضلًا عن أهمية وجود الصين لسد الفراغ الأمريكي، وتستفيد من هذه العلاقة في تأمين احتياجاتها من الطاقة، وأتت إلى المنطقة في إطار مواجهة سياسة “السيطرة على الصين”، التي أطلقتها واشنطن، حسب تقرير صحيفة “آرمان ملي“.

رؤية متفائلة

ظهرت رؤية إيجابية من وجود الصين في منطقة الخليج، إلى جانب ما أبداه المسؤولون في إيران من التقارب الصيني مع دول الخليج العربي، فقال الخبير السياسي، صدر الحسيني: “إن الصينيين لا يسعون لإضعاف علاقاتهم مع إيران، ويعرفون جيدًا حساسية إيران تجاه قضاياها الداخلية”، حسب وكالة “تسنيم“.

وأوضح أن الصينيين لا يهتمون بإغضاب إيران وإضعاف علاقتهم معها، فلا دليل على أن زيارة الرئيس الصيني للسعودية هي ضد إيران، ولا يمكنهم أن يتجاهلوا قدرات إيران، بل سيعملون على الاستفادة منها مثل ما يسعى الغربيون لذلك.

117756019 mediaitem117756015

وفي حوار مع وكالة “ايكنا“، قال خبير العلاقات الدولية، محمد علي بصيري، إن البيان المشترك لا يعادي إيران، بل يأتي في إطار القانون الدولي، وإن الصين حريصة على جلب الاستقرار إلى منطقة الخليج، لكسب منافع مشتركة، خاصة أن العقوبات الأمريكية تعطل استفادة الصين من موقع وإمكانات إيران.

دور وساطة

تزامنًا مع البيان السعودي الصيني المشترك، قال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، الجمعة الماضية، إن “إيران جزء من المنطقة وجارة، وسنستمر في مد اليد، سعيًا إلى علاقة إيجابية تخدم استقرار المنطقة ورفاهية شعوبنا”، وهو ما أدى إلى تكهنات بشأن إمكانية أن تلعب الصين دورًا في الحوار السعودي الإيراني، حسب “سي إن إن“.

وحسب تقرير “ميدل إيست أونلاين” تأتي زيارة نائب رئيس الحكومة الصينية إلى الإمارات وإيران، في إطار إعادة الهدوء إلى المنطقة، وسيطرح المسؤول الصيني ملف السلام في الشرق الأوسط على سلطات البلدين.

ويبدو، في الوقت ذاته أن هذا الطرح محاولة لاستغلال الخلافات القائمة بين الولايات المتحدة الأمريكية، وعدد من دول الخليج، بهدف تدعيم النفوذ الصيني خدمة لمصالحها بالدرجة الأولى.

530160

المحادثات النووية

تشارك الصين ضمن مجموعة الدول الـ5، إضافة إلى ألمانيا (5+1)، للتفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي، وترفض إيران العودة إلى الاتفاق النووي، إذا لم ترفع أمريكا كامل العقوبات التي فرضتها عليها، ولذلك يمكن تفسير زيارة الرئيس الصيني للسعودية في إطار المساعي، لحل الملف النووي.

ولدى دول الخليج تحفظات على هذا الاتفاق الذي لم يتضمن التهديدات النووية والصاروخية والأمنية لإيران في المنطقة، وتمارس الضغط على المسؤولين في واشنطن من أجل أن يكون الاتفاق مع إيران مشتملًا الإجابة على مخاوف القوى الإقليمية والخليجية، وأيضًا مصالح الصين من إيران معطلة، بسبب هذه العقوبات.

image 19

ربما يعجبك أيضا